افراسيانت - لم يكن التواجد الروسي في سوريا تواجدا استعماريا او احتلاليا كما هو الحال بالتواجد الامريكي او البريطاني او الفرنسي في بقاع عدة من العالم وانما جاء هذا التواجد بناء على طلب من حكومة رسمية عضوا في الامم المتحدة والجامعة العربية ولها قرارها المستقل .
ابتداءً من سبتمبر 2015، عززت روسيا حضورها العسكري في سوريا، إذ نشرت 21 طائرة هجوم أرضي من نوع سوخوي-25، و12 مقاتلة اعتراضية من نوع سوخوي-24، و6 قاذفات متوسطة من نوع سوخوي سو-34،
و4 سوخوي سو-30 متعددة الأدوار بالإضافة إلى 15 مروحية (متضمنة مي-24 هايند الهجومية) في مطار باسل الأسد الدولي قرب اللاذقية. تحمي هذه الطائرات 2 أو ثلاثة على الأقل من أنظمة الدفاع الجوي إس إيه-22، وطائرات من دون طيار مثيلة لطائرة إم كيو بردتور الأمريكية تستخدم لتنفيذ طلعات استطلاعية. تضمنت القوات الروسية أيضًا 6 دبابات من طراز تي-90 و15 قطعة مدفعية و35 عربة جند مدرعة و200 من مشاة البحرية (مع منشآت إسكان تسع 1,500 فرد). كذلك رصدت قاذفات بي إم-30 سميرتش قرب اللاذقية.
في 30 سبتمبر، طلب الرئيس فلاديمير بوتين من مجلس الاتحاد السماح بنشر القوات المسلحة في سوريا، قطع المجلس البث الحي للمناقشة التي تحولت إلى جلسة مغلقة ومنح الرئيس الروسي التفويض باستخدام القوات المسلحة في الخارج بالإجماع.
صرح فلاديمير بوتين بالقول «أولًا سندعم الجيش السوري فقط في كفاحه الشرعي ضد التنظيمات الإرهابية تحديدًا...وثانيًا سيكون هذا الدعم جويًا فقط دون مشاركة في العمليات البرية». أشار الرئيس الروسي أيضًا إلى أن هناك الآلاف من المنضمين للتنظيمات الإرهابية من مواطني الدول الأوروبية وروسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق، مشيرًا أن المرء ليس بحاجة لأن يكون خبيرًا في الشؤون الأمنية ليعلم أنه إذا انتصر هؤلاء في سوريا فسيعودون إلى بلادهم ويعودن إلى روسيا أيضًا.
صرحت وزارة الدفاع الروسية بتنفيذ 20 غارة جوية على 8 مواقع تابعة للتنظيم، في البر السوري. وصرح المتحدث باسم الوزارة أن الضربات جاءت بعد عملية استطلاع جوي ومعلومات تلقتها القوات الروسية من هيئة الأركان العامة السورية.
قد دعمت روسيا حكومة بشار الأسد المُعترف بها دوليًا منذ بداية الصراع السوري في عام 2011 سياسيًا ومنذ 30 كانون الأول/سبتمبر 2015 أيضا من خلال المشاركة العسكرية المُباشرة؛ وقد مثلت هذه الأخيرة المرة الأولى منذ نهاية الحرب الباردة التي دخلت فيها روسيا نزاعًا مسلحًا خارج حدود الاتحاد السوفيتي السابق.
منذ أكتوبر 2011، قامت روسيا بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، بالنقض مرارًا وتِكرارًا لمشاريع القرارات التي ترعاها الدول الغربية في مجلس الأمن الدولي والتي صُمّمت للمطالبة باستقالة الرئيس السوري بشار الأسد وفتح إمكانية لعقوبات الأمم المتحدة ضد حكومته.
ترفض القيادة الروسية المطلب الذي تروج له الدول الغربية وحلفاءها العرب بألا يسمح لبشار الأسد بأن يكون مشاركا في التسوية السورية.
لقد ارسى التواجد الروسي استقرارا نسبيا للوضع في سوريا خاصة في الشرق والجنوب فماذا عن التدخل الامريكي؟
بدأ التدخل العسكري الأمريكي في الصراع السوري ميدانيًا منذ مطلع مارس 2017 حتى الآن، وذلك بعد أن قررت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تكون أكثر انخراطًا في الأزمة السورية على العكس من الإدارة السابقة. وكان لذلك تأثير لم يقف عند الأبعاد والتداعيات العسكرية فقط، فقد كان له أبعاده وتداعياته السياسية المهمة، أبرزها صياغة "خرائط نفوذ سياسية جديدة".
بداية أن التدخل العسكري الأمريكي في الصراع السوري، من باب محاربة تنظيم الدولة "داعش"، فتح المجال أمام مسار جديد من العلاقات بين الولايات المتحدة والقوى الدولية والإقليمية المنخرطة في الصراع السوري. فقد شكل اتجاه واشنطن لدعم الأكراد السوريين في مواجهة داعش بمدينة منبج استعدادًا للرقة نقطة الخلاف الرئيسية مع أنقرة، حيث ترى الأخيرة أن ميليشيات الأكراد السورية على صلة وثيقة بميليشيات حزب العمال الكردستاني التركي المعارض الذي تصنفه تركيا باعتباره منظمة إرهابية. فضلًا عن رفض تركيا جملة وتفصيلا فكرة وجود قوات عسكرية كردية، بهذا العدد وبهذه القدرات العسكرية والتسليحية العالية، على حدودها الجنوبية باعتباره يهدد أمنها القومي. هذا بخلاف التطلعات الكردية السورية بشأن إقامة كيان كردي يتمتع باستقلالية في الشمال السوري، وإشكاليات مستقبل قوات سوريا الديمقراطية، حال الانتهاء من محاربة "داعش".
لكن الواقع ان التدخل الامريكي ذهب الى ابعد من ذلك يدل على هذا تموضع القوات الامريكي التي تتموضع قرب حقول النفط لتسرق وتنقل النفط وتدافع عن هذه الحقول .
كانت الضربة الأمريكية ضد قاعدة الشعيرات بمثابة إعادة تقييم واشنطن لحساباتها السياسية والأمنية في سوريا. ولذلك كانت مدفوعة بجملة من الأهداف. كما أنها حملت العديد من الدلالات، أهمها رغبة ترامب توجيه رسائل لإيران هذا بخلاف موقفه الرافض للاتفاق النووي الذي يرى أنه منح إيران نفوذًا متناميًا في المنطقة. وكشف مدى الضرر الذي لحق بمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي السابق نتيجة انسحابها من المنطقة لصالح روسيا وإيران.
أما الضربة الثانية بعد قاعدة الشعيرات، والتي كانت ضد تحركات ميليشيات تابعة للنظام السوري في منطقة التنف الحدودية، فقد أوضحت أن الولايات المتحدة لن يقتصر دورها في منطقة شرق سوريا على محاربة تنظيم الدولة "داعش" في الرقة ودير الزور فقط، وإنما يمتد ليشمل عرقلة تحركات إيران وتقويض نفوذها في المنطقة المذكورة نفسها. واعتبار تلك التحركات أهدافًا مهمة بالنسبة للاستراتيجيات العسكرية الأمريكية هناك. وهو ما أدركته روسيا التي حاولت كبح جماح الضربات العسكرية الأمريكية المتكررة ضد حلفاء النظام السوري لرفض موسكو ترك منطقة الشرق السوري مجالا مفتوحًا أمام التحركات العسكرية الأمريكية سواء كانت تحركات برية للقوات السورية الموالية لها، أو ضربات جوية متتالية، مما يشير إلىأنه في حالة عدم التوصل إلى صيغة للتفاهم بين الولايات المتحدة وروسيا، ومن ورائهما النظام السوري وإيران لتحديد أماكن النفوذ والسيطرة بين تلك القوى، فقد تشهد المنطقة العديد من السيناريوهات.
وكانت المباحثات التي تمت بين الولايات المتحدة وروسيا في الأردن المعنية بمنطقة الجنوب الغربي السورية، والتي انتهت بتدشين هدنة في المنطقة المذكورة بدأ سريانها في التاسع من يوليو 2017،هي الأولى من نوعها التي تشارك فيها الإدارة الأمريكية الجديدة بمباحثات مباشرة مع الجانب الروسي بشأن اتفاقات للهدنة.
الموقف التركي من التدخل الأمريكي العسكري في سوريا
هناك بعض المتغيرات المهمة التي يمكن من خلالها الوقوف على تفاصيل الموقف التركي من التدخل العسكري الأمريكي في سوريا، أولها الموقف التركي من عملية تحرير الرقة. وثانيها، موقع المتغير الكردي كمحدد مهم في السياسة الخارجية التركية بشكل عام، وتطورات الملف السوري بشكل خاص. وثالثها، تأثير إنهاء تركيا في مارس الماضي (2017) عملية درع الفرات العسكرية التي كانت قد بدأتها في شمال سوريا. وأخيرًا الموقف من الضربة الأمريكية على مطار الشعيرات، ومستقبل العلاقات بين الدولتين إزاء ذلك.
الموقف الإيراني من التدخل العسكري الأمريكي
يمكن الوقوف عليه من خلال مناقشة التحديات الاستراتيجية التي تواجهها إيران في المنطقة، خاصة عقب وصول إدارة ترامب، والموقف الإيراني من الضربة العسكرية الأمريكية على مطار الشعيرات، وأخيرًا موقف إيران من اتفاق هدنة الجنوب.
الموقف الروسي من التدخل الأمريكي
من خلال مناقشة التعاطيات الروسية في منبج والرقة، ثم الموقف الروسي من الاستهداف الأمريكي لقاعدة الشعيرات، ثم الموقف الروسي من مبادرة تخفيف الصراع، وأخيرا الدور الروسي في اتفاق الهدنة في الجنوب.
أن التدخل العسكري الأمريكي في الصراع السوري، لم يسهم في حلحلة الموقف الأمريكي تجاه مجمل الصراع لاسيما العلاقة بين النظام السوري والمعارضة، ومستقبل الأزمة وطبيعة التسوية المأمولة، لأنه لا يزال يفتقد لرؤية استراتيجية متكاملة حول كيفية إدارة الصراع السوري، وأن خيارات هذا التدخل الاستراتيجية، السياسية منها والعسكرية، لا تزال غامضة. لكنها تشير في الوقت ذاته إلى الأسباب التي قد تدفع واشنطن إلى رفع مستوى تواجدها العسكري على الأرض السورية كمعطى ضروري ستفرضه تطورات وتداعيات مرحلة المواجهة مع داعش وما بعدها، وما يرتبط بها من صياغة جديدة للتنسيق والتعاون الأمني والسياسي مع غيرها من القوى.لكن الاهم من هذا كله سؤال : هل تترك امريكيا غنائم ما تجنيه من تواجدها قرب حقول النفط . ى يعتقد ذلك .
في الخلاصة ومع المقارنة يمكن ان نقول ان التدخل الروسي استطاع ان يكبح من اندفاع القوى التي ساهمت في احداث الفوضى في سوريا وعلى راسها الولايات المتحدة التي عادة ما تجر حلفائها الى مواقف يدفعون ثمنها لاحقا نادمين بعد فوات الاوان .