افراسيانت - كان كثيرون ياملون في فتح ملف حقوق الإنسان وإيلائه الأهمية خلال زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس للسعودية. لكن على المستشار إعطاء الأولوية لأمن الطاقة وإيقاف تراجع الصادرات الألمانية إلى أغنى دولة في الشرق الأوسط.
الطاقة وزيادة الصادرات الألمانية للسعودية والاستثمارات الخليجية تتصدر جدول أعمال زيارة المستشار شولتس إلى السعودية.
أصبح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان منبوذًا إلى حد ما في الغرب بعد اغتيال الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي عام 2018 في قنصلية المملكة في إسطنبول.
بعد أربع سنوات تغير العالم. والتقى كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي هذا العام، حيث أدى ارتفاع أسعار النفط وأزمة الطاقة في أوروبا إلى تراجع الاقتصادات الغربية.
لم يفوت شولتس الفرصة بعد حان دوره لمواجهة محمد بن سلمان. وقد التقاه فعليا في (24 أليول/سبتمبر 2022) في حين أن العديد من الجماعات الحقوقية والساسة الألمان ضغطوا علنًا على شولتس لوضع سجل حقوق الإنسان في السعودية على سلم الأولويات، ويقول البروفيسور إيكهارت فويرتس مدير معهد GIGA لدراسات الشرق الأوسط، لـ DW إن المستشار بحاجة إلى السير في طريق ضيق.
"تغيرت الأولويات"
"هناك بالتأكيد ميل أقل للتركيز على ملف حقوق الإنسان عند التعامل مع مصدري الطاقة في منطقة الخليج في الوقت الحالي. لقد تغيرت الأولويات نتيجة لحرب أوكرانيا. لا أعتقد أنه ستتم المبالغة في الضغط عليهم، فلنضع الأمر على هذا النحو"، حسب البروفيسور فويرتس. وتتهم جماعات حقوقية الرياض بمواصلة سحق المعارضة السياسية وحرية الإعلام. وتقول منظمة العفو الدولية إن المحاكم السعودية ما زالت تستخدم عقوبة الإعدام "على نطاق واسع" ولا يزال العمال المهاجرون عرضة لسوء المعاملة والاستغلال بسبب نظام الكفيل، الذي يفرض كفالة كل شخص من قبل مواطن سعودي.
لم تعلن برلين الكثير عن تفاصيل رحلة الخليج. ومع ذلك، فقد تم إبرام صفقات طويلة الأجل مع قطر والإمارات العربية المتحدة لتعزيز صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا لتحل محل الإمدادات الروسية. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كان اتفاق مماثل مع السعوديين ممكن. ويضيف البروفيسور فويرتس لـ DW: "تنتج المملكة العربية السعودية الكثير من الغاز الطبيعي، لكنها بحاجة إليه من أجل التصنيع المحلي".
وتمتلك السعودية ثامن أكبر احتياطيات مؤكدة من الغاز الطبيعي في العالم، بعد روسيا وإيران وقطر المتصدرة للقائمة. وهي بالفعل تاسع أكبر منتج للغاز، لكن اقتصادها المحلي يتطلب كميات هائلة من الغاز لتوليد الكهرباء وتحلية المياه والإنتاج الصناعي.
DW ترى أن "الحاكم الفعلي الوحيد في الرياض يشعر بإعادة الاعتبار بعد سنوات من العزلة والنبذ الدوليين، بعدما حمَّلته المخابرات الأمريكية والتركية مسؤولية جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي".
لكن في ضوء الحقائق الجيوسياسية الجديدة مع حرب أوكرانيا، "ربما لا يتعلق الأمر بالاعتراف الشخصي فقط بالنسبة لمحمد بن سلمان العارف بالسلطة ، وإنما أكثر من ذلك، بأن تؤخذ السعودية تحت قيادته على محمل الجد، باعتبارها قوة رائدة في نظام عالمي متعدد الأقطاب"، بحسب وصف الهيئة الألمانية.
وتشير دويتشه فيله أن المصافحة بين شولتز ومحمد بن سلمان أنهت فترة جمود العلاقات بين ألمانيا والمملكة العربية السعودية، حيث تعتمد ألمانيا حالياً على علاقة عمل قوية وفاعلة مع الرياض، لكن في الحقيقة "لم يكن الحاكم المستبد بسيطاً أبداً"، بحسب وصفها.
وأصبح ولي العهد السعودي "رجل الدولة المرغوب فيه على الساحة الدولية"، وتُظهر ذلك الزيارات العديدة التي قام بها ساسة غربيون إلى الرياض. فقد قام الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون بزيارة الرياض هذا العام. كما استقبل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، محمد بن سلمان في قصر الإليزيه، في يوليو/تموز الماضي.
لكن بخلاف السعودية، حظيت رحلة المستشار الألماني بعقد اتفاقيات في قطاع الطاقة، في الامارات . فيما انه في قطر، التي تعد إحدى أكبر منتجي الغاز المسال وتعمل على تطوير أكبر حقل للغاز في العالم، وهو حقل الشمال، لم يخرج المستشار الألماني باتفاقيات- علنية على الأقل- مع الدوحة.
جولة دون التوقعات
تشير تقديرات محللين في سوق الطاقة الألمانية، إلى أن زيارة المستشار جاءت دون توقعات السوق المحلية هناك، خاصة مع عدم وجود أفق لاستئناف ضخ الغاز الروسي عبر خط نورد ستريم 1.
الحظر الذي فرضته الدول الغربية على النفط الروسي يعني أن أوروبا من المرجح أنها تريد ان تصبح أكثر اعتمادًا على النفط السعودي. ويسري حظر الاتحاد الأوروبي بالكامل في بداية عام 2023. "تبيع روسيا الآن نفطها إلى الهند والصين بسعر مخفض، مما يؤدي إلى مزاحمة المصدرين الخليجيين الذين قاموا في الغالب بالتصدير إلى هذه الأسواق. ومن المرجح أن تصدر تلك الدول الخليجية المزيد إلى أوروبا. لذا، فإن الأمر يشبه الدوامة إلى حد ما"، حسب فويرتس.
المانيا كانت قد قامت بتخفيض الصادرات الألمانية إلى المملكة العربية السعودية متذرعة بالمخاوف بشأن حقوق الإنسان.
وقد انخفضت الصادرات الألمانية إلى السعودية إلى النصف تقريبًا بين عامي 2015 و2021 من 9,9 مليار يورو إلى 5,5 مليار يورو.
قبل هذه الزيارات لزعماء الغرب كان تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية اشار إلى أنّ الحاكم الفعلي للمملكة "أجاز" عملية قتل خاشقجي، لكنّ الرياض تنفي ذلك مشيرة إلى ضلوع عناصر مارقين في الجريمة المروّعة.
وبعد فترة مقاطعة، يعود محمد بن سلمان إلى الساحة الدولية مع استقباله الرئيس الأميركي جو بايدن في منتصف تموز/يوليو وزيارته فرنسا في نهاية الشهر ذاته حيث التقى الرئيس إيمانويل ماكرون.
المتحدث باسم شولتس كان قد قال بان "جريمة قتل خاشقجي ستحتل بالتأكيد حيزا من المناقشات" خلال زيارة شولتس.لكن ذلك لم يحدث بالطبع .
وفي هذا السياق لفت نشطاء حقوق الإنسان الانتباه إلى ما قالوا إنها انتهاكات لحقوق الإنسان في السعودية، وقالت كاتيا مولر-فالبوش، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية في بيان: "حتى في ضوء القيود الجيوسياسية وسياسة الطاقة، يجب على المستشار الألماني خلال زيارته للسعودية عدم البقاء صامتا حيال انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد، وإلا سيكون الهدف السياسي الذي تلزم الحكومة الألمانية به نفسها، والمتمثل في مواءمة السياسة الخارجية مع معايير حقوق الإنسان وسيادة القانون ببساطة غير ذي مصداقية".
وقال مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان، خالد إبراهيم، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن على المستشار أن يتخذ موقفا خلال رحلته، مشيرا إلى "جميع الاعتقالات التعسفية والتعذيب وكذلك الاعتقالات التي طالت مدافعين عن حقوق الإنسان بعد محاكمات صورية لاتهامات باطلة "في منطقة الخليج. وقال إبراهيم "المطالبة بالإفراج عنهم هو أقل ما يمكن أن نتوقعه من المستشار خلال هذه الزيارة"، مضيفا أنه يخشى أن تُستغل هذه الزيارة من قبل الدول الثلاث "للتستر على مزيد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".
ما طالبت منظمة مراسلون بلا حدود أيضا المستشار شولتس بإثارة موضوع حقوق الإنسان وحرية الإعلام، خلال زيارته الخليجية. وقال مدير المنظمة في ألمانيا، كريستيان ميهر، في تصريحات لصحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونغ: على المستشار أن يضع شرطا لعقد صفقات مع هذه الدول (السعودية والإمارات وقطر) وهو أن "على حكام هذه الدول التوقف عن قمع حرية الإعلام التي تعد ركنا أساسيا لدولة القانون" .فما
الذي جرى ؟
الذي جرى : ان حقوق الانسان لم تعد تعني شيئا لزعماء الغرب الذين كانوا يستخدمون هذا المصطلح في محاولة للظهور بمظهر المدافعون عن الحريات ومزاعم الديمقراطية . اما الان فلا شك ان كل هذه الزوبعات الاعلامية والتي كانت تشتخدم لاغراض سياسية ليس الا قد تلاشت ادراج الرياح حين ظهر الوجه القبيح لهؤلاء الذين يصرون على الكذب والنفاق فيما تقودهم الولايات المتحدة الامريكية نحو مزيد من الدمار لتتمكن من احكام قبضتها السياسية والاقتصادية على اوربا التي فقدت حريتها في الاختيار حين اصبحت كيانا تتحكم به الولايات المتحدة وهذا بالتاكيد ما سيعجل بانهيارها . فما هو موقف شعوبها التي تعيش على وقع كذب المسؤولين ؟ ذلك ما ستتكفل به الايام .