افراسيانت - طارق العبد - مع ذوبان الثلوج، وبداية الربيع، تشير كل المعطيات إلى معارك جديدة في جرود القلمون، وخطوطه التي لا تزال تحت سيطرة المسلحين، خاصة تلك المتصلة بالحدود اللبنانية.
وأكدت مصادر ميدانية لـ «السفير» اندلاع اشتباكات في الزبداني والجرود المحيطة بها، وصلت أصداؤها إلى البقاع اللبناني، وذلك بعد أن أحكم الجيش السوري سيطرته على منطقة ضهر البيدر غرب البلدة، واستعاد نقاط، بينها تلة شير الجوبة، قرب قرية كفير يابوس قرب الحدود اللبنانية (10 كيلومترات).
وأشارت «تنسيقيات» المعارضة إلى استمرار الاشتباكات في نقاط في الجبل الشرقي المحاذي للزبداني، أبرزها حاجز «ضهور بدرية» ونقطة «علام القصير» وسط قصف مدفعي طال الزبداني التي يتحصن فيها مسلحون.
ولعل اللافت في معارك الزبداني أنها تأتي بالتزامن مع مواجهات في السلسلة الجبلية نفسها، وتحديداً في فليطة، أسفرت بالأمس عن مقتل القيادي في «جبهة النصرة» أبو عزام الليبي، إثر هجوم أطلقته الجبهة في محاولة لإحداث اختراق يقود إلى جرود عرسال مجدداً.
ولعل الأيام والأسابيع المقبلة ستحمل المزيد من التطورات بالنسبة إلى جرود القلمون، ذلك أن نقاط تمركز «النصرة» و «الجيش الحر» في فليطة والزبداني ما زالت تشكل محطات لشن هجمات بشكل حرب استنزاف باتجاه مواقع الجيش السوري أو اللبناني و «حزب الله».
ويبدو الوضع في الزبداني والشريط المحاذي للحدود مع البقاع الأوسط أكثر سهولة، فالمناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين محاصرة من قبل الجيش السوري، بالإضافة إلى وجود معسكرات تتبع لـ «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» والجيش اللبناني على الجهة المقابلة. وتعتبر البلدة والتلال المحيطة بها مساحة حركتهم الوحيدة، وخسارتهم لها يعني تحييد المنطقة، ومن بعدها وادي بردى، عن أي معركة مستقبلية في القلمون.
كما كان لافتاً قبل أيام إعلان النقيب المنشق فراس بيطار تشكيل «جيش تحرير الشام» بهدف «تحرير البلاد» بحسب البيان الذي تناقلته صفحات المعارضة، مشدداً على «منع الاقتتال الداخلي والابتعاد عن السلطة»، وهو التشكيل الذي اعتبره بعض نشطاء المعارضة خطوة في مسار الاستعداد لجولة جديدة من المواجهات في القلمون لن تكون سهلة، على اعتبار أنها تأتي في إطار فتح خطوط إمداد نحو قرى في الجهة السورية، ذلك أن استعادة أية من البلدات أو المناطق القلمونية من يبرود إلى رأس المعرة أو رنكوس، وحتى فك الطوق عن الزبداني، باتا أكثر صعوبة مع التعزيزات العسكرية التي تحصن هذه المناطق من جهة، وتجعل أي محاولة لاقتحامها أو السيطرة عليها بمثابة انتحار.
وفي إدلب، استمرت الاشتباكات لليوم الرابع على التوالي، من دون إحداث اختراق كبير في قلب المدينة أو عبر الطرق المؤدية لها، لا سيما طريق إدلب ـ كفريا ـ الفوعة وطريق آخر يربط المدينة بأريحا ثم اللاذقية.
وعلى الرغم من بث ناشطي المعارضة عشرات المقاطع المصورة التي تظهر انتشار المسلحين على مداخل المدينة، لا سيما الحي الغربي وطريق باب الهوى، إلا أن مصدراً ميدانياً معارضاً أقر بخسائر بشرية فادحة في صفوف «جيش الفتح»، التابع لـ «جبهة النصرة»، بالإضافة إلى ان الطيران الحربي يجعل قدرتهم على الاحتفاظ بمواقعهم في غاية الصعوبة، وهو ما حدث في منطقة المشتل غرب المدينة، وكذلك في دوار المحراب والمساكن القريبة من منطقة المطاحن.
وواصل المسلحون استهداف قلب المدينة بعشرات القذائف، وسط أوضاع صعبة يعيشها المدنيون اثر انقطاع الاتصالات والتيار الكهربائي.
نشر هذا المقال في جريدة السفير بتاريخ 2015-03-2