ألغام فرنسية جديدة تحت طاولة المفاوضات .. استراحة نووية في لوزان .. قبل ماراثون الوقت
افراسيانت - محمد بلوط - استراحة للنووي الإيراني في لوزان، قبل استئناف المفاوضات يوم الأربعاء المقبل، في نافذة من خمسة أيام، لا تزال مفتوحة بحسب نص الاتفاق المرحلي، والتي تمنح الإيرانيين والأميركيين حق العودة إلى سويسرا والتفاوض نهاية هذا الشهر، والتوصل إلى اتفاق سياسي.
الاستراحة لم تكن اختيارية لمفاوضي لوزان الإيرانيين والأميركيين. فبعد مرواحة المفاوضات، من دون تقدم حول مسألة رفع العقوبات، جاءت وفاة والدة الرئيس حسن روحاني، والاحتفال بعيد «النوروز»، ليساعدا في فرض الاستراحة بهدوء، وتفادي الحديث عن فشل ما.
وبديهي أن لوزان، التي تختتم 18 شهراً من المفاوضات الصعبة، لم تكن كافية، برغم التقدم الواسع في الملفات الصعبة، التقنية حصراً، فيما تعثرت المفاوضات عند مسألة رفع العقوبات.
عانت جولة لوزان ما عانته الجولات السابقة التي حالت دون التوصل إلى اتفاق: التخريب الفرنسي للمفاوضات ورفع سقوف الشروط إلى درجة تعجيزية، والاستفادة، للقيام بذلك، من استمرار الخلاف الأميركي الإيراني على صيغة تحسم مسألة العقوبات، رفعاً تدريجياً كما يستحسن الأميركي، أو دفعة واحدة كما يشترط الإيرانيون وبقرار من مجلس الأمن يلغي جميع العقوبات مع فصلها السابع، وبالتزامن مع توقيع الاتفاق.
فاوض الأميركيون نصاً مقبولاً من الألمان والبريطانيين، عارضة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال لقائه بنظيره الأميركي جون كيري قبل أسبوعين في باريس. وينص الاقتراح على رفع العقوبات الأممية، وتضمينها عودة فورية إلى فرض العقوبات، من دون المرور مجدداً بقرار دولي في مجلس الأمن، لتعطيل أي فيتو روسي محتمل، بعد التقارب بين طهران وموسكو وصعود القوة الإقليمية لإيران.
يطرح الفرنسيون الإبقاء على العقوبات الأممية، وربط رفعها بتقارير وكالة الطاقة الدولية عن التزام إيران بالاتفاق، خلال أعوام. ولا يبدو أن الفرنسيين مستعجلون لأي اتفاق مع إيران أصلاً. جيرار أروا، آخر المحافظين الجدد الفرنسيين، قال: «لقد فاوضنا 12 عاماً مع الإيرانيين، لا ينبغي أن نتسرع في إبرام أي اتفاق معهم، كما ينبغي أن نحصل على ضمانات في كل المسائل، وإلا نتخلى عن أي منها».
وفيما يمنح «النوروز» الفارسي، محمد جواد ظريف وطاقمه الديبلوماسي والتقني فرصة أيام للاسترخاء، لن يتوقف عمل جون كيري، كي لا تضيع الفرصة من أجل تحقيق إنجاز ديبلوماسي كبير يختم به الرئيس باراك أوباما ولايته الثانية.
وهكذا، يلتقي كيري اليوم، شركاءه الأوروبيين في مجموعة الـ»5+1» من وزراء خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير، وفرنسا لوران فابيوس، وبريطانيا فيليب هاموند.
«لقد خضنا مجموعة من المفاوضات المكثفة مع إيران هذا الأسبوع»، قال كيري، مضيفاً أنه «نظراً إلى ما وصلت إليه هذه المفاوضات، من الطبيعي أن نستشير شركاءنا على أعلى المستويات»، وهو تعبير ملطف لإخفاء المواجهة بين الفرنسيين والأميركيين في لوزان، خلال اللقاءات التي كان يعقدها الأميركيون مع البعثة الفرنسية إلى المفاوضات.
الهوة لا تبدو كبيرة بين الإيرانيين والأميركيين، وكان في إمكان أيام لوزان التفاوضية الستة جسرها، ولكن ما حال دون ذلك، قبل الحديث عن طبيعة الخلاف مع الأميركيين، هو الخلاف داخل مجموعة الخمسة نفسها، حول آليات رفع العقوبات، وخصوصاً بين الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين لا يقل خلافهما أهمية في المفاوضات عن الخلافات الأميركية الإيرانية، بل تتعداها.
ويقف خلف الاندفاع الفرنسي والتشدد في الملف النووي، التحالف الذي تعقده فرنسا مع المعسكر السعودي الخليجي، وكتل الصفقات التسلحية التي تسعى إلى الحصول عليها، والدور الذي تحاول الظهور بها كضامن للمصالح الخليجية في مواجهة التقارب الإيراني الأميركي الذي يقلق الخليجيين.
وخلال المفاوضات، فجّر الفرنسيون لغماً إضافياً من خارج القضايا المطروحة، إذ طلب لوران فابيوس من البعثة الفرنسية التي تنسق مع الأميركيين، عدم تقديم أي «تنازل» جديد للإيرانيين قبل أن تقدم إيران معلومات متكاملة حول مشروع مفترض لرأس نووي صاروخي، قامت به إيران، بحسب ما يعتقد الفرنسيون.
استغل الفرنسيون بقاء الإيرانيين والأميركيين عند عقبة كيفيات رفع العقوبات، لإعادة المفاوضات إلى الوراء، بطرح المزيد من الشروط التقنية.
وقال ديبلوماسي فرنسي في لوزان إن لا اتفاق حول مسألة الطاردات المركزية. غير أن ذلك لا يبدو صحيحاً، إذ إن الإيرانيين والأميركيين قد اقتربوا من رقم وسطي فيها، يتراوح بين 6500 وتسعة آلاف طاردة مركزية.
كما أن الفرنسيين يذهبون أبعد من الأميركيين في المطالبة، ليس فقط بإبرام الإيرانيين ملحقاً يتيح لمفتشي وكالة الطاقة الدولية إجراء عمليات تفتيش مفاجئة، وافقت عليه الحكومة الإيرانية في انتظار تصديق مجلس الشورى عليه، ومن المنتظر إبرامه، ولكن أن يخضع الإيرانيون إلى المادة 3.1 من اتفاقية الوكالة، كي يتمكن المفتشون من دخول أي منشأة يشاؤون، في تكرار لما جرى في العراق، حتى ولو لم تكن من ضمن منشآت البرنامج النووي.
نشر هذا المقال في جريدة السفير بتاريخ 2015-03-21