افراسيانت - انفرط أمس عقد وفد معارضة الرياض إلى جنيف، حيث استقال كبير المفاوضين في الوفد محمد علوش من منصبه، فيما هدد رئيس الوفد أسعد الزعبي بالاستقالة أيضاً من منصبه، وذلك وسط أنباء عن اجتماع لـ «الهيئة العليا للمفاوضات» في العاصمة السعودية بهدف إعادة هيكلة الوفد.
في هذا الوقت، استطاعت المجموعات المسلحة، المدعومة من تركيا «احتواء» الهجوم الذي يشنه تنظيم «داعش» في ريف حلب الشمالي، وسيطرت على قريتَين تقعان بين إعزاز والراعي، لكن المعارك لا تزال على أشدها حول بلدة مارع القريبة من الحدود التركية، في حين كرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اقتراحه على نظيره الأميركي جون كيري القيام بعمليات مشتركة ضد التنظيمات الإرهابية والمجموعات المسلحة التي لا تلتزم بالهدنة في سوريا.
وبالرغم من أنه لم تتضح حتى ساعة متأخرة من مساء أمس، حجم التغييرات التي طرأت على رئاسة وعضوية وفد الرياض، إلا أن المؤكد أن عضو «المكتب السياسي» في «جيش الإسلام» محمد مصطفى علوش استبق هذه التغييرات التي كان من المتوقع أن تطاله، وأعلن في بيان نشره على حسابه الرسمي على «تويتر» انسحابه من منصب كبير المفاوضين في الوفد، كما قدم استقالته من الهيئة العليا للمفاوضات، كاشفاً أنها المرة الثانية التي يتقدم بها بالاستقالة.
وحسب البيان، فإن سبب الاستقالة هو «إصراره مع زملائه على التمسك بثوابت الثورة وتحقيق انتقال سياسي لا وجود لـ(الرئيس السوري بشار) الأسد فيه».
وتسربت أنباء أن «الهيئة العليا للمفاوضات»، التي عقدت مساء أمس اجتماعاً مطولاً في العاصمة السعودية، كانت تستعد لاتخاذ جملة من القرارات تصب في خانة إعادة هيكلة وفد الرياض بعد كثرة المآخذ والاعتراضات على أدائه وتصريحات بعض المسؤولين فيه. وعلى رأس المرشحين للعزل رئيس الوفد أسعد الزعبي. وقد أكد العديد من النشطاء صدور قرار بإقالته، إلا أن الزعبي نفى في حديث متلفز استقالته، لكنه أكد أنه في حال صحة استقالة علوش فسوف يقدم استقالته، وسيكون الثاني بعده.
وحسب التسريبات، فإن التغييرات في وفد الرياض جاءت بسبب ضغوط دولية تدور في فلك التفاهم الروسي - الأميركي، وإصرار موسكو على استبعاد بعض الفصائل عن المفاوضات السياسية لارتباطها بالإرهاب، وكذلك على إعطاء تمثيل لمنصتَي موسكو والقاهرة ضمن وفد المعارضة في محادثات جنيف. وقد رأت بعض المصادر أن الزعبي ذهب في تصريحات أخيرة له بعيداً في انتقاد موسكو وواشنطن، واتهام «وحدات حماية الشعب» الكردية، المتعاونة مع الولايات المتحدة، بالخيانة والعمالة.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن لافروف وكيري بحثا في اتصال هاتفي الأزمة السورية. وأضافت: «واصل وزيرا الخارجية بحث الأوضاع في سوريا، والاقتراح الروسي بإجراء عمليات مشتركة ضد التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة الناشطة هناك، وغير الملتزمة بنظام وقف إطلاق النار».
وأوضحت أن «لافروف شدد مجدداً على ضرورة الإسراع في إغلاق الحدود السورية مع تركيا، من حيث يتسلل المقاتلون، وتنفيذ وعد واشنطن بفصل الوحدات المتصلة بواشنطن من المعارضة السورية عن الإرهابيين من جبهة النصرة، التي لا تشملها الهدنة».
وأضاف البيان: «اتفق لافروف وكيري على ضرورة التوصل لتنفيذ قرارات المجموعة الدولية لدعم سوريا، وقرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بشأن الأزمة السورية. كما اتفقا على تفعيل العمل مع سائر الأطراف السورية والدول المعنية بهدف التوصل للتنفيذ الفوري لقرارات المجموعة الدولية لدعم سوريا وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2254 و2268».
وأعلن معارضون أمس أن المجموعات المسلحة استطاعت احتواء الهجوم الذي يشنه تنظيم «داعش» في ريف حلب الشمالي، وتمكنوا من استعادة السيطرة على قريتَي براغيدة وكفرشوش الواقعتَين على الطريق بين مدينة إعزاز وبلدة الراعي. وأوضحوا أن المسلحين وسعوا، بعد استرداد القريتَين، الطوق الذي يحمي مدينة إعزاز.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، إن المجموعات المسلحة سلمت قرية قرب مارع إلى «قوات سوريا الديموقراطية» مقابل السماح لحوالى 6 آلاف شخص بمغادرة البلدة إلى مناطق يسيطر الأكراد عليها.
في هذا الوقت، لا تزال الاشتباكات العنيفة تدور بين مجموعات مسلحة وعناصر «داعش» في مارع وحولها. وذكر «المرصد السوري لحقوق الانسان»، في بيان، إن اشتباكات عنيفة تدور بين مقاتلي المجموعات المسلحة وعناصر «داعش» على أطراف مارع، بعد يوم من اقتحامها، وفي محيط القرى التي سيطر عليها التنظيم. وتبعد اقرب نقطة اشتباكات في منطقة كفركلبين نحو خمسة كيلومترات عن اعزاز.
وشن «داعش»، فجر يوم الجمعة الماضي، هجوماً مفاجئاً في ريف حلب الشمالي، حيث تمكن من السيطرة على عدد من القرى كانت تحت سيطرة مجموعات مسلحة، مدعومة من تركيا، ما أتاح له قطع طريق الإمداد الوحيدة التي تربط مارع بمدينة إعزاز، اكبر المعاقل المتبقية للفصائل في محافظة حلب.
وأوضح مدير وكالة «شهبا برس» للأنباء مأمون الخطيب، المتحدر من مارع والموجود في إعزاز، لوكالة «فرانس برس»، أمس الأول، إن التنظيم «هاجم مارع من محاور عدة، وتحديداً من الشرق والشمال، مستخدماً الدبابات ومفخختَين».
وتحاصر «قوات سوريا الديموقراطية» مدينة مارع من جهة الغرب، فيما تحاصرها القوات السورية من الجنوب و «داعش» من جهتَي الشرق والشمال.
وأعربت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في جنيف عن «قلقها البالغ إزاء محنة نحو 165 ألف نازح، تفيد تقارير بوجودهم قرب مدينة إعزاز»، مضيفة أنهم «يواجهون صعوبات في الحصول على الخدمات الطبية وتأمين الغذاء والماء والسلامة».
وفي محافظة الرقة، تواصل طائرات التحالف الدولي بقيادة أميركية قصف مواقع التنظيم شمال مدينة الرقة، دعماً لهجوم بدأته «قوات سوريا الديموقراطية» الثلاثاء الماضي. وتقع خطوط المواجهات راهنا في مناطق زراعية تكاد تخلو من المدنيين، في وقت يمنع «داعش» سكان البلدات تحت سيطرته شمال مدينة الرقة من النزوح.
وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ندد، أمس الأول، بدعم الولايات المتحدة للمقاتلين الأكراد في سوريا، بعد أن أظهرت صور عناصر في القوات الخاصة الأميركية في شمال هذا البلد يرتدون شارات «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبرها أنقرة مجموعة «إرهابية».
وقال اردوغان، في خطاب في ديار بكر: «أدين الدعم الذي يقدمونه لوحدات حماية الشعب الكردية»، مضيفا: «يجب على هؤلاء الذين هم أصدقاؤنا ومعنا في حلف شمال الأطلسي الا يرسلوا جنودهم إلى سوريا وهم يرتدون شارات وحدات حماية الشعب الكردية». وأضاف: «اعتقد أن السياسة يجب أن تمارس بصدق».
يشار إلى أن نحو 200 من عناصر الكوماندوس الأميركي موجودون في شمال سوريا لمساعدة «قوات سوريا الديموقراطية»، التي غالبية مقاتليها من الأكراد، في استهداف الرقة.
(«السفير»، «سبوتنيك»، «روسيا اليوم»، ا ف ب، ا ب، رويترز)