افراسيانت - امر الرئيس دونالد ترامب بإيقاف ومراجعة قانون حدد أنشطة الشركات الأميركية في الخارج منذ ما يقرب من خمسة عقود، مدعيا أن الحظر الصارم ضد رشوة المسؤولين الأجانب يخنق القدرة التنافسية الأميركية في سوق عالمية صعبة.
وقال ترامب أثناء توقيعه على أمر لوزارة العدل بإيقاف التحقيقات الجارية ومراجعة قانون ممارسات الفساد الأجنبية لعام 1977 لمدة ستة أشهر مقبلة: "هذا يعني المزيد من الأعمال التجارية لأمريكا".
وتقول الأوامر إن "الإنفاذ المفرط وغير المتوقع لقانون ممارسات الفساد في الخارج ضد المواطنين والشركات الأمريكية - من قبل حكومتنا - بسبب ممارسات تجارية روتينية في دول أخرى لا يهدر فقط الموارد المحدودة للادعاء التي يمكن تخصيصها للحفاظ على الحريات الأمريكية، بل ويضر بشكل فعال بالقدرة التنافسية الاقتصادية الأمريكية، وبالتالي الأمن القومي".
لكن أحدث مراجعة سنوية أجرتها كلية الحقوق بجامعة ستانفورد لإنفاذ القانون تقول إن عدد إجراءات الإنفاذ في عام 2024 كان "أقل بكثير من المتوسط على مدى عشر سنوات والذي بلغ 36"، مع رفع 26 حالة في ذلك العام من قبل الكيانين المسؤولين عن الإنفاذ - وزارة العدل وهيئة الأوراق المالية والبورصة.
وخلص التقرير إلى أن "هذا الانخفاض يشير إلى أن كل مخطط رشوة أسفر عن اتخاذ إجراءات أكثر تفردًا ضد الشركة وفروعها وموظفيها ووكلائها، ولكن تم استهداف عدد أقل من المخططات المنفصلة للتنفيذ في عام 2024".
وأثار أمر الرئيس انتقادات من دعاة مكافحة الفساد.
قال غاري كالمان، المدير التنفيذي لمنظمة الشفافية الدولية في الولايات المتحدة، في تصريح لإذاعة صوت أميركا: "يجب ألا يستسلم العالم للرشوة والفساد كأمرٍ طبيعي". وأضاف: "إن التسابق نحو القاع يضرّ بالمواطنين والشركات المتورطة في معاملات فاسدة. ومن يختارون مخالفة القانون غالبًا ما يواجهون مطالب رشوة متعددة تُؤخر أو تمنع هذه الشركات من الحصول على التراخيص والتصاريح اللازمة لدخول الأسواق الخارجية. في النهاية، الرشوة خيارٌ خاسرٌ للجميع".
وسارع خبراء قانونيون من القطاع الخاص، إلى توضيح نطاق الأمر وأهميته.
"الرشوة لا تزال غير قانونية"، بحسب عنوان التحليل الذي أصدرته شركة المحاماة متعددة الجنسيات "أرنولد آند بورتر" ومقرها واشنطن .
يواصل المحامون المؤلفون الثمانية تحليلهم، مؤكدين أن الرشوة لا تزال غير قانونية بموجب القانون الذي لم يُلغِه الكونغرس فحسب، بل أيضًا بموجب قوانين ولايات وقوانين اتحادية وأجنبية مختلفة. كما أشاروا إلى أن دولًا أخرى عززت إنفاذ قوانين مكافحة الفساد.
وخلص المحامون إلى القول: "في الوقت الحالي، نوصي الشركات بالانتظار ورؤية ما سيحدث، وفي الوقت نفسه مواصلة التركيز على الامتثال".
قال النائب الديمقراطي جيمي راسكين، وهو محامٍ دستوري، إن الأمر الجديد "يضع أمريكا في صف ممارسات الفساد التجارية "الروتينية" في جميع أنحاء العالم". وأضاف أن الأمر يمنح الشركات "حرية مطلقة في دفع الرشاوى والعمولات والإتاوات المالية للمسؤولين الأجانب الفاسدين".
واستهدف بيانه أيضًا إيلون ماسك، رجل الأعمال الملياردير الذي وضعه قربه من ترامب على رأس الجهود الرامية إلى إعادة تشكيل الحكومة الأمريكية بشكل جذري واستهداف الهدر والاحتيال والفساد من خلال وزارة كفاءة الحكومة.
كتب راسكين في بيان: "إدارة ترامب-ماسك تُعيد الرشوة والفساد إلى القانون بشكل كامل. أسعار البيض وغيره من المواد الغذائية، والسكن والإيجار والكهرباء، لا تزال ترتفع بشكل حاد، لكن الفساد السياسي أصبح أقل تكلفة بكثير".
وقد دخل ماسك وشركاته في صراع علني مع هيئة الأوراق المالية والبورصات ووزارة التجارة، لكن اسمه أو أسماء أي من الشركات التي يرتبط بها لا يظهر على القائمة الكاملة لإجراءات إنفاذ قانون ممارسات الفساد في الخارج لدى أي منه
625.63 مليار دولار عائدات الفساد في امريكا
كشفت احصائية صادرة من منظمة أبحاث السوق السوداء "هافُكسكوب"، ان اجمالي عائدات الفساد في امريكا بلغت أكثر من 625.63 مليار دولار امريكي.
واضافت الاحصائية الى ان عائدات الفساد توزعت بين 200 دولار لسعر غرام الهيروين و 174.2 دولار لسعر غرام الكوكايين و 35 دولار لسعر قرص النشوة وما بين 20 الى 1.800 دولار لسعر غرام الماريجوانا وما بين 3 الى 500 دولار لسعر غرام الميث، بجانب تهريب النفط والغاز والكحول والسجائر وتزوير العملات وتزييف البضائع والاتجار بالمخدرات والبطاريات المُزيفة والاعضاء البشرية والاسلحة وقرصنة البرمجيات والافلام والموسيقى والعاب القمار غير القانونية والدعارة.
وذكرت الاحصائية ان عائدات الاتجار بالمخدرات بلغت نحو 215 مليار دولار، بينما بلغت عائدات قرصنة الافلام نحو 25 مليار دولار وقرصنة الموسيقى نحو 12.5 مليار دولار وقرصنة البرمجيات نحو 9.773 مليار دولار، في حين بلغت عائدات تهريب المخدرات نحو 35 مليار دولار وتهريب النفط والغاز نحو 10 مليار دولار وتهريب السجائر نحو 10 مليار دولار وتهريب الكحول نحو 34 مليار دولار، بالمقابل بلغت عائدات تزييف البضائع نحو 225 مليار دولار وتزوير العُملات نحو 103 مليون دولار، اما عائدات البطاريات المُزيفة فقد بلغت نحو 12 مليون دولار.
واشارت الاحصائية الى ان عائدات العاب القمار غير القانونية بلغت نحو 150 مليار دولار، بالتوزاي مع عائدات الدعارة والتي بلغت نحو 14.6 مليار دولار، بينما بلغت العائدات غير الشرعية لقطع الاشجار نحو 1 مليار دولار، في حين بلغَ سعر سلاح اي كي-47 ما بين 400 الى 500 دولار، بالمقابل بلغ سعر الاتجار بالاعضاء البشرية نحو 30.000 ألف دولار للكلية البشرية الواحدة.
واختتمت الاحصائية بالاشارة الى وجود نحو 2.500 عصابة تعمل في المؤسسات الحكومية بولاية تكساس مع ما يقارب 100.000 الف عضو.
أبرز قضايا الفساد في تاريخ الولايات المتحدة
أعدت مجلة "تايم" مؤخرا تقريرا بشأن الفضائح المالية والسياسية في الولايات المتحدة، وذلك عقب انتهاء الانتخابات الأمريكية، وفيما يلي قائمة بأكبر هذه الفضائح في التاريخ الأمريكي.
علاقة هاميلتون:
تعد قضية هاميلتون أحدى أكبر فضائح الاقتصاد السياسي في الولايات المتحدة. وفي هذه القضية اتهم ألكسندر هاملتون، وهو أول وزير للخزانة الأمريكية ومؤسس النظام المالي الأمريكي، باستغلال منصبه لمساعدة أصدقائه بجمع الأموال.
آنذاك، تورط العديد من أصدقاء وأقارب هاميلون بفضائح مالية، ما أثار الشبهات حول تآمر هاميلتون لإثراء أصدقائه وأقاربه. ولم يثبت تورط هاميلتون بتلك الفضائح، لكن علاقته الغرامية مع سيدة متزوجة تدعى ماريا رينولدز أثارت الشبهات.
وفي العام 1972، سجن زوج ماريا، جيمس رينولدز، الذي ابتز هاميلتون مرارا لعلاقته الغرامية، سجن بتهمة تزوير. وطلب المساعدة من هاميلتون لكن الأخير رفض مساعدته، ما دفع جيمس ليس فقط للكشف عن تلك العلاقة، ولكن الكذب والقول إن هاميلتون كان شريكه في التزوير.
ولتبرئة نفسه من أي نشاط مالي غير مشروع، اعترف هاميلتون بالعلاقة الغلامية، لكن شبهة الفساد بقيت تلاحق هاميلتون باقي فترة عمله.
حلقة الويسكي:
تعد من أشهر الفضائح، حيث أسس مئات من المسؤولين الحكوميين والساسة والتجار في العام 1871 ما يسمى بـ "حلقة الويسكي" للتهرب من ضريبة الـ70 سنتا للغالون على الخمر، وذلك من خلال تزوير تقارير مبيعات الويسكي، ما اتاح لهم جني المزيد من الأرباح.
وقدر الربح في العام 1871 من هذا المخطط بنحو 1.5 مليون دولار، وكان هذا الرقم آنذاك مبلغا ضخما للغاية، وانكشفت "حلقة الويسكي" بعد تعيين، بنجامين بريستو، وزيرا للمالية في العام 1874.
فضيحة كريدي موبيليه
:
بدأت الفضيحة بشركة وهمية تدعى "كريدي موبيليه"، التي أسسها توماس دورانت المسؤول التنفيذي في شركة سكك حديدية آنذاك، بغرض إخفاء أموال جمعها بطرق غير مشروعة.
وكان دورانت يسند لنفسه مهاما على أن تدفع "كريدي موبيليه"، ثمن هذه المهام. ولإبقاء الأعين بعيدة قدم دورانت رشا لأعضاء بمجلس النواب في الكونغرس الأمريكي. لكن بعدما نشرت صحيفة "نيويورك صن" القضية في العام 1872 أجرى مجلس النواب تحقيقا كشف الفساد في تلك الشركة الوهمية.
حاكم نورث داكوتا:
أدانت الحكومة الفيدرالية في العام 1934 حاكم ولاية نورث داكوتا (داكوتا الشمالية)، ويليام لانغر بالفساد وأجبرته على ترك منصبه، بسبب إجباره موظفي الولاية التبرع لحزبه.
وبدلا من الاستقالة أعلن لانغر استقلال ولاية نورث داكوتا، وتحصن في مقر الحاكم حتى تقضي المحكمة العليا بالولاية في أمر بقائه، لكن المحكمة العليا في الولاية أيدت الاتهام، ما دفع لانغر للرضوخ إلى القرار بعد فترة مقاومة.
فضيحة "تي بوت":
كشف تحقيق بمجلس الشيوخ عن ألبرت فول، وهو وزير الداخلية في إدارة الرئيس وارين هاردينغ، قبل رشوة بقيمة 300 ألف دولار من شركة "ماموث" مقابل حصولها على عقود لتطوير حقول نفطية بمنطقة "تي بوت" في ولاية وايومنغ. على إثرها أدين ألبرت فول بتلقيه رشوة وسجن لمدة عام.
فضيحة نائب الرئيس:
اعترف سبيرو أجنو، نائب الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، قبل عام من استقالة الرئيس، بذنبه في تهمة تهرب ضريبي ليصبح أول نائب رئيس يستقيل بسبب فضيحة من هذا النوع.
فضيحة أموال الحليب:
في هذه القضية، اتهمت هيئة محلفين اتحادية جون كونالي، الذي شغل منصب وزير الخزانة في حكومة نيكسون، بالحنث باليمين والتآمر لإعاقة سير العدالة.
وقال مدعون إن شركة "أمريكان ميلك بروديوسرز"، قدمت رشوة لكونالي كي يقنع نيكسون برفع أسعار الألبان، لكن بالنهاية برأت ساحة كونالي.
وكانت الإدارة الأمريكية رفعت في العام 1970 أسعار دعم الألبان بنسبة 75%، إلى 4.66 دولار لكل قنطار، إضافة إلى فرض حصص تصديرية على الآيس كريم وثلاثة منتجات ألبان أخرى.
قضية الشخص الذي اشترى واشنطن:
يعد جاك إبراموف صاحب أكبر فضيحة فساد في الزمن المعاصر، وذلك بعدما جمع بالحيلة نحو 80 مليون دولار من القبائل الهندية، ودفع رشا للوصول إلى واشنطن. واعترف إبراموف في العام 2006 بقضايا فساد وتهرب ضريبي، على خلفية ذلك أدين 10 مسؤولين أمريكيين في إطار هذه الفضيحة.