افراسيانت - ولاء شمالي - رام الله - يتسارع بناء المستوطنات الإسرائيلية حثيثا ضمن مخطط إسرائيلي يهدف إلى توسيع نطاق حدود بلدية القدس، وإقامة الدولة اليهودية.
ويؤكد الخبير في شؤون الاستيطان خليل التفكجي أن المخطط الاستيطاني الإسرائيلي "القدس-2010"، يهدف إلى إقامة 58 ألف وحدة سكنية داخل مدينة القدس علاوة عمَّا كان موجودا، وتوسيع المستوطنات القائمة، وإقامة مستوطنات جديدة، إضافة إلى إقامة بنية تحتية كاملة متكاملة من الشوارع والقطارات الخفيفة والسريعة، التي ستربط المنطقة الساحلية في القدس أو منطقة القدس بما حولها، وإقامة مناطق تكنولوجية، إضافة إلى محاصرة القرى الفلسطينية.
والرؤية الإسرائيلية قديما كانت طادرة للسكان الإسرائيليين من مدينة القدس. أما الآن، فالمخطط جعل هذه المدينة مستقبلة للسكان الإسرائيليين وطاردة للفلسطينيين. وضمن هذا الإطار تعمل إسرائيل على ترتيب أوضاعها بتوسيع المستوطنات وبناء وحدات جديدة.
ويعتقد خليل التفكجي أن تنفيذ المخطط الاستيطاني ليس هو ردة فعل على حدث معين، على الرغم من أن إسرائيل تستغل الظروف إيجابا أو سلبا، وتستغل الأحوال في المنطقة. فمثلا، بدل الإعلان عن بناء 1500 وحدة سكنية، يتم الإعلان عن بناء 800، لكي لا يظهر للإعلام هذا العدد الكبير، وحتى لا يتسبب الأمر بضغوط دولية. وتقوم أيضا بتنفيذ المشروع الإسرائيلي على يد مؤسسات إسرائيلية غير حكومية، ولكنها تتلقى دعما من الجهات الحكومية من دون أن يظهر ذلك أمام العالم.
ويؤكد المحلل السياسي أن كل القوانين الاسرائيلية منذ عام 1967 الى اليوم هي في خدمة الاستيطان، وهذا هو هدفها الاستراتيجي. وتصادَر الأراضي بأشكال عديدة: أولا، مصادرة الأراضي للمصلحة العامة، باستخدام القانون البريطاني الذي صدر عام 1943. وقد صودر ما يقرب من 35% من مساحة القدس. والأسلوب الثاني من المصادرة هو الاستيلاء على أملاك الغائبين، ولا سيما أن جزءا كبيرا من الأراضي تعود ملكيته إلى الغائبين. والجزء الثالث عن طريق التنظيم والبناء. أما الرابع، فمرتبط بالجيل الثالث، أي بموت الجيل الثالث، وبالتالي الاستيلاء على الأبنية والمنازل.
وفي واقع الأمر، فإن كل هذه الامور كان لها هدف واحد هو الديموغرافيا "عدد السكان". فالجانب الإسرائيلي بدأ بهدم المنازل وسحب الهويات، من أجل تهجير السكان، ومع ذلك، فقد ازداد عدد السكان العرب حتى وصل إلى 38% من مجموع السكان داخل حدود البلدية. ووفق الدراسات الاسرائيلية، سيكون عدد السكان العرب عام 2044 في حدود البلدية 55%. ومن هنا، جاءت قضية الجدار والتخلص من السكان الفلسطينيين، وجاءت قضية التخلص من أحياء فلسطينية.
ويشير التفكجي إلى أن الصراع الذي يدور الآن داخل حدود القدس هو صراع ديموغرافي بامتياز؛ لأن الجغرافيا حُسمت لمصلحة إسرائيل. وبدأت حرب الديموغرافيا، وسحب الهويات يندرج ضمن هذا الإطار. فالجانب الاسرائيلي يتكلم عن قضية سحب هويات نحو مئة ألف فلسطيني، وخاصة المقيمين لا المواطنين، الذين لا يكون مركز حياتهم في القدس بل في الضفة الغربية، وبدأت عملية سحب الهويات ترتفع بشكل كبير جدا.
ملف القدس من المفاوضات
ويوضح المحلل السياسي أن الجانب الاسرائيلي وصل اليوم إلى مرحلة ما قبل النهاية، وهو في مراحله الأخيرة من قضية تهويد المدينة؛ لأنه يريد أن يحسم هذه القضية بشكل نهائي للمصلحة الإسرائيلية. وإن ملف القدس يعني الأماكن الدينية للسكان. وسيكون حسم هذا الموضوع بثلاثة طرق رئيسة؛ الأول، السيطرة على الارض. والثاني، تجنيس السكان المقدسيين من الجانب الإسرائيلي، أي إعطاؤهم الجنسية الإسرائيلية (أكثر من 24 ألف فلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية بحسب وزارة الداخلية الإسرائيلية)، وبالتالي: علامَ سيتفاوض الفلسطيني؟
ويبين المحلل السياسي جهاد حرب سياسة الحكومة الإسرائيلية، التي تقوم على تشجيع المستوطنين بتزوير بيع الأراضي والبيوت في مدينة القدس، ثم السيطرة عليها بقرارات حكومية وقضائية في كثير من الأحيان لتهجير الفلسطينيين. وهذه السياسة تأتي متممة لسياسة أخرى، وهي بناء المستوطنات في مدينة القدس ومحيطها، بحيث يتم عزل المدينة عن المحيط العربي الفلسطيني حول مدينة القدس من ناحية، ومن ناحية أخرى يتم تقديم خدمات واسعة أو سياسة تقييمية للمستوطنين لشراء البيوت وأيضا المنازل في المستوطنات كتسهيلات لهم بغية أن تكون هناك كثافة سكانية عالية مقابل أقلية من الفلسطينيين، وفي المقابل تقوم بمنع الفلسطينيين من البناء في مدينة القدس عبر منع تقديم تراخيص من البلديات للبناء وفقا للحاجة المتزايدة للسكان.
وهكذا، فالسياسة الإسرائيلية قائمة على عملية تفريغ المدينة من الفلسطينيين حتى يصبح هناك طابع يهودي لها وإنهاء الطابع الاسلامي-المسيحي.
ويقول جهاد حرب إن الحكومة الإسرائيلية الحالية والحكومات المتعاقبة منذ عام 1967 تتخذ إجراءات متتالية تحاول ألاَّ تظهر للمجتمع الدولي، ولكنها عمليا تكرر فصل المدينة كما جرى بجدار الفصل العنصري، وأيضا محاولة إلغاء المواطنة أو السكن في مدينة القدس عبر سحب الهويات المقدسية من الفلسطينيين، وعمليات الإبعاد التي تجري للفلسطينين بين الفينة والأخرى وعدم تقديم الخدمات.