واشنطن ترحّب بدور روسي.. وباريس تحرّض على غزو بري .. بوتين والأسد: ضرب الإرهاب قبل الحل السياسي
افراسيانت - قدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، رؤيته لحلّ الأزمة السورية، والتي تنطلق من توحيد القوى في المعركة ضد الإرهاب، وهو ما يتلاقى مع كلام الرئيس السوري بشار الأسد الذي أكد أن الحل السياسي في سوريا غير ممكن إلا بعد الحاق الهزيمة بالإرهابيين.
ودافع بوتين عن الدعم العسكري الذي تقدمه روسيا للقوات السورية، مؤكداً أنه لولا هذا الدعم لكان الوضع في سوريا أسوأ مما في ليبيا، ولكان تدفق اللاجئين أكبر بكثير.
في هذا الوقت، قتل أكثر من 40 شخصاً، وأصيب أكثر من 150، في استهداف المسلحين لمناطق تحت سيطرة القوات السورية في حلب، أمس، بالتزامن مع هجوم عنيف فاشل شنّته مجموعات مسلحة عدة على المحاور الغربية للمدينة، فيما تعرضت الحسكة إلى هجوم انتحاري ثالث في يومين أدى إلى مقتل 7 وإصابة 21.
وقال الأسد، في مقتطفات من مقابلة مع وسائل إعلام روسية نشرت أمس، على أن تنشر كاملة اليوم، «أودّ أن انتهز فرصة هذا اللقاء لأدعو القوى السورية كافة للتوحد لمحاربة الإرهاب». وأضاف «يجب أن نستمر في الحوار حتى نصل إلى توافق، ولكن إن أردنا تقدماً حقيقياً، فهذا لن يحدث طالما استمر القتل، وسفك الدماء، وانعدام الشعور بالأمان التام. نحن بإمكاننا التوصل إلى توافق، ولكن فقط حين نهزم الإرهاب في سوريا».
ودعا الدول الأوروبية إلى وقف دعمها للإرهاب في سوريا إن كانت تود إنهاء أزمة اللاجئين المتصاعدة. وقال إن «كنتم قلقين بشأن أزمة اللاجئين، فعليكم وقف دعم الإرهابيين، هذا رأينا في تلك المسألة، هذا هو جوهر أزمة اللاجئين برمّتها». وأضاف «يبكون على اللاجئين بعين بينما يصوّبون عليهم رشاشاً بالعين الأخرى».
بوتين
وقال بوتين، أمام قمة منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تضم عددا من الجمهوريات السوفياتية السابقة، في دوشنبي، «إننا ندعم الحكومة السورية في كفاحها ضد العدوان الإرهابي، وسنواصل تقديم مساعدة عسكرية فنية لها، وندعو الدول الأخرى إلى الانضمام إلى جهودنا».
وكرّر إن الأسد مستعد للعمل مع المعارضة السورية «السلمية» للتوصل إلى حل سياسي للنزاع، لكنه شدد على أن الأولوية هي للتصدي لتنظيم «داعش». وقال «من المؤكد أن الحاجة إلى توحيد القوى في المعركة ضد الإرهاب تأتي اليوم في الطليعة». وأضاف «الأولوية اليوم هي لضرورة توحيد قواتنا ضد الإرهاب. من دون ذلك من المستحيل تسوية مشكلات أخرى عاجلة مثل مشكلة اللاجئين». وتابع «من الواضح أنه من دون السلطات السورية، والدور النشط الذي يلعبه الجيش، ومن دون المعارك التي يخوضها الجيش السوري ضد الدولة الإسلامية على الأرض، فمن المستحيل طرد الإرهابيين من هذا البلد أو من المنطقة ككل، وحماية الاثنيات الأخرى».
وأكد أن معظم المهاجرين السوريين الساعين للوصول إلى أوروبا يهربون من المجموعات المتطرفة، ولا سيما «داعش»، وليس من الجيش السوري. وقال «لو أن روسيا لم تساند سوريا لكان الوضع في البلاد أسوأ مما هو في ليبيا، ولكان تدفق اللاجئين اكبر بكثير».
ودعا إلى «التخلي عن سياسة استخدام تنظيمات إرهابية معينة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من أجل تحقيق أهداف ظرفية بما في ذلك تغيير الأنظمة التي لا تروق لأطراف ما». ووصف الوضع في سوريا والعراق والشرق الأوسط برمته بأنه خطير للغاية، قائلا إن «الإرهابيين يجاهرون بنيتهم استهداف مكة والمدينة والقدس، ومن خططهم أيضا توسيع أنشطتهم لتشمل أوروبا وروسيا وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا».
وأعرب بوتين عن القلق من احتمال عودة مواطنين روس قاتلوا مع «داعش» إلى البلاد. وذكر بأن روسيا دعت إلى الشروع في تشكيل تحالف واسع لمواجهة المتطرفين، موضحا أن هذا التحالف يجب أن يضم القوى كافة التي تسهم بقسط فعلي في مكافحة الإرهاب. وقال «اليوم تكمن المهمة في توحيد الجهود، بما في ذلك جهود الحكومة السورية وقوات حماية الشعب الكردية وما يسمى المعارضة المعتدلة والدول الأخرى بالمنطقة، من أجل مواجهة الخطر المحدق بكيان الدولة السورية ومكافحة الإرهاب».
واشنطن وباريس
وكرر البيت الأبيض أن الولايات المتحدة تريد من روسيا المزيد من «المشاركة البنّاءة» مع التحالف الدولي بدلا من أن تزيد وجودها العسكري في سوريا. وقال المتحدث باسمه جوش إرنست إنه لا يعلم ما إذا كان الرئيس باراك أوباما سيتصل ببوتين بشأن القضية. وأضاف «عندما يقرر فريقنا، والأكثر أهمية عندما يقرر الرئيس أن التحدث مع الرئيس بوتين سيدعم مصالحنا، عندئذ سيلتقط سماعة الهاتف ويحاول إجراء هذا الاتصال».
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن وزير الخارجية جون كيري تحدث عبر الهاتف مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، للمرة الثالثة في غضون 10 ايام.
إلى ذلك، كررت باريس إعرابها عن قلقها من تعزيز روسيا لقواتها في سوريا، ورفضها بقاء الأسد في السلطة.
وقال وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان، خلال نقاش حول الأزمة السورية في الجمعية الوطنية، إن «الوجود الروسي، حسب كل المعلومات المتوفرة لدينا، يتعزز في الوقت الحاضر في مرفأي طرطوس واللاذقية. انه يتعزز عسكريا». وأضاف أن «تعزيز الوجود الروسي في هذين الموقعين والإعلان عن مناورات بحرية ضخمة في المتوسط قبالة الشواطئ اللبنانية بعد أيام عدة، يشكلان وضعاً يبعث على القلق».
وقال رئيس الحكومة مانويل فالس، من جهته، إن «أي تدخل بري من جانبنا أو من جانب الدول الغربية سيكون غير واقعي وغير ملائم»، مضيفاً «لكن في حال تشكيل ائتلاف من دول المنطقة لتحرير سوريا من استبداد داعش، فإن هذه البلدان ستلقى دعم فرنسا».
ودافع فالس عن قرار فرنسا المشاركة في الطلعات الجوية فوق سوريا لجمع المعلومات تمهيدا لاستهداف «داعش». وقال «لن نقوم بأي عمل يمكن أن يقوّي النظام. لا بل من الضروري القيام بالعكس، أي السعي للتوصل إلى اتفاق يطوي بشكل نهائي صفحة بشار الأسد. انه جزء كبير من المشكلة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون حلاً». وتابع «مع شخص مسؤول عن هذا العدد من القتلى لا مجال لأي تسويات ولا لأي ترتيبات. إن التوافق أو التصالح معه، كما يقترح البعض، سيكون خطأ أخلاقيا قبل أي شيء آخر».