افراسيانت - وقعت حكومة جوبا والمتمردون اتفاقاً حول إحلال السلام في جنوب السودان، في نهاية مفاوضات ماراثونية في العاصمة الإثيوبية أديس ابابا، امس الاثنين، قبل ساعات من انتهاء مهلة حددها المجتمع الدولي للمتحاربين لتحقيق السلام، محذراً من فرض عقوبات على هذا البلد الأفريقي الحديث الولادة.
ووقع الاتفاق أمين عام الحزب الحاكم باغان أموم باسم الحكومة ونائب الرئيس السابق رياك مشار باسم المتمردين، تحت أنظار الرئيس ميارديت سلفا كير الذي صافح مشار، بحسب مراسل "فرانس برس".
وقال كبير الوسطاء سيوم مسفين "لدى الحكومة تحفظات" وقررت العودة الى جوبا لاجراء مشاورات، مضيفاً "خلال الأيام الـ15 المقبلة، سيعود الرئيس الى اديس ابابا لوضع اللمسات النهائية على اتفاق السلام".
واضاف "نعترف جميعاً بأنه يوم عظيم في عملية السلام في جنوب السودان"، لكنه تدارك ان "حفل التوقيع ليس مكتملاً من دون توقيع الحكومة".
وقد هدد المجتمع الدولي بفرض عقوبات اذا لم يتم التوصل الى اتفاق سلام، الاثنين. لكن ليس واضحا ما اذا كانت نتيجة محادثات اليوم ستبعد شبح العقوبات.
وكانت وكالة "الأناضول" تحدثت عن وصول المتحاورين الى طريق مسدود، قبل الظهر، بعد مغادرة كل من الرئيس السوداني عمر البشير، والجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، والكيني أوهورو كينياتا، ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين قاعة المؤتمرات.
وأفاد مراسل "الأناضول"، المتواجد في مقر اللجنة الاقتصادية لأفريقيا، التي استضافت القمة، بأن مراسم افتتاح القمة العلنية "لم تكتمل بسبب فشل قادة إيغاد في التوصل إلى اتفاق إثر انسحاب الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، ورفض الرئيس سلفاكير العودة إلى قاعة المؤتمرات لمواصلة التشاورات بعد المهلة التي طلبها للتشاور مع وفد بلاده في المفاوضات".
وكان الرئيس الأوغندي، رفض الرد على سؤال "الأناضول" حول أسباب انسحابه من القمة، واكتفى بالقول "بإمكانك أن تسأل رئيس الوزراء الإثيوبي فأنا لست معنياً به".
وقال مراسل لوكالة "فرانس برس"، إن الرئيس كير وزعيم المتمردين رياك مشار يرافقهما رئيس الوزراء الإثيوبي والرؤساء الكيني أوهورو كينياتا والأوغندي، والسوداني، دخلوا، صباح الاثنين، إلى قاعة لمواصلة المفاوضات التي كانت تواصلت حتى وقت متأخر من مساء الأحد.
وبعد ذلك غادر موسيفيني القاعة، وهو الذي أرسل قوات للقتال إلى جانب القوات الموالية لكير.
وكان رئيس جنوب السودان قال من قبل إنه لن يتوجه إلى أديس أبابا، لكنه وصل مساء الأحد الى عاصمة اثيوبيا مؤكداً انه "أرغم" على الانضمام إلى المفاوضات بسبب تهديدات بفرض عقوبات.
وقال في جوبا، قبل توجهه إلى المفاوضات، أمس، "حتى إذا لم أكن مسروراً، علي أن أحضر لأنه إذا لم أذهب (أديس ابابا) فان القوى السلبية ستقول إنني ضد السلام".
وأضاف: "لا يمكن توقيع اتفاق سلام لا يلزم الجميع. إذا وقعنا (الاتفاق) اليوم واستؤنفت الحرب غداً، ماذا نكون قد أنجزنا؟". وتابع انه لا يمكن توقيع اتفاق سلام قبل أن تقبل كل فصائل المعارضة بتوقيعه بالأحرف الأولى.
والتقى كير، مساء الأحد، زعيم المتمردين وقادة دول شرق إفريقيا في أثيوبيا وسط ضغوط ديبلوماسية مكثفة لتوقيع اتفاق قبل انتهاء المهلة المحددة لذلك اليوم، كما قال الرئيس الكيني.
وكان كينياتا أكثر تفاؤلاً إذ قال إن المفاوضات "على المسار الصحيح للتوصل إلى اتفاق".
وقتل آلاف الأشخاص في هذه الحرب الأهلية الدائرة منذ 20 شهرًا.
والتقى الأطراف المتنازعون، مساء الأحد، واتفقوا على مواصلة المحادثات، الاثنين.
وكان كير رفض في البداية المشاركة في المباحثات، معتبرًا أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق ما دامت صفوف المتمردين تشهد إنقسامات.
والأحد، تشاور الرئيس الأوغندي الذي أرسل قوات إلى جنوب السودان دعمًا لكير، مع رئيس الوزراء الإثيوبي والرئيس السوداني والرئيس الكيني.
وحذر ديبلوماسيون من أي فشل في توقيع الاتفاق، متوعدين طرفي النزاع بـ"تداعيات خطيرة".
وبدأت الحرب في جنوب السودان في كانون الأول العام 2013، حين اتهم كير نائبه السابق مشار بمحاولة الانقلاب عليه، ما أثار موجة من أعمال العنف امتدت من جوبا إلى كل أنحاء البلاد واتخذت أحياناً طابعاً إتنياً وشهدت ممارسات وحشية.
وبعد توقيع سبعة اتفاقات لوقف إطلاق النار لم تصمد طويلًا، تبدو المفاوضات الأخيرة بإشراف وسطاء إقليميين، الفرصة الأكثر جدية لإنهاء النزاع في جنوب السودان الذي نال استقلاله في تموز العام 2011.
واستؤنفت المفاوضات في السادس من آب، بوساطة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا (ايغاد) والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والصين و"الترويكا" المتمثلة ببريطانيا والنروج والولايات المتحدة.
وتلقت "إيغاد" دعم الرئيس باراك أوباما خلال زيارته الأخيرة إثيوبيا، وحددت 17 آب مهلة للتوصل إلى اتفاق سلام.
وأورد بيان لـ"إيغاد" والوسطاء الدوليين "نتوقع أن يتمثل الأطراف بقادتهم في أديس أبابا بهدف التفاوض بنية حسنة وتوقيع اتفاق".
ومن جهته، حذر الوزير البريطاني المعني بشؤون أفريقيا، غرانت شابس، الجمعة الماضي، من "عقوبات محددة الأهداف" وفرض حظر على السلاح، في حال عدم التوصل إلى اتفاق.
ويحتاج أكثر من 70 في المئة من سكان جنوب السودان (12 مليون نسمة) إلى مساعدات عاجلة. ونزح نحو 2,2 مليون من منازلهم، وفق الأمم المتحدة التي حذرت من أن بعض المناطق مهددة بالمجاعة.