افراسيانت - علاء حلبي - بعد التصعيد الكبير الذي شهده ريف حلب الشمالي إثر تقدم وحدات الجيش السوري والفصائل التي تؤازره، وسيطرتها على سبع قرى إستراتيجية تمكنت خلالها من تعزيز الطوق في محيط المدينة وعزل مسلحي الريف، الممتد نحو الحدود التركية، عن مسلحي المدينة، عمَّ هدوء حذر الجبهة الشمالية بعد انسحاب الجيش السوري من قرية رتيان، وتحصين مواقعه في قرى مصيبين ودوير الزيتون وكفرتونة ومسقان وباشكوي، بالإضافة إلى غالبية حردتنين.
وبحسب الـ «السفير» إلى أن قيادة العملية العسكرية قررت تهدئة الأوضاع مؤقتًا، وإفساح المجال للتفاوض حول عملية تبادل أسرى، بعد انقطاع الاتصال بمجموعة للجيش كانت متمركزة في قرية رتيان، وتبين في وقت لاحق أن أفرادها وقعوا في الأسر، رافضًا الإفصاح عن تفاصيل عملية التبادل أو موعدها أو شكلها.
وكشف مصدر ميداني أن عدد أفراد الجيش الذين وقعوا في الأسر أقل بكثير مما تصوره وسائل الإعلام، وأن عملية التبادل تشهد عراقيل عديدة يتم العمل على حلها في الوقت الحالي، موضحًا أن الجيش تمكن، حين دخل إلى باشكوي ودوير الزيتون، من أسر عدد من المسلحين، في حين يطالب المسلحون بإطلاق سراح معتقلين في وقت سابق من السجون السورية.
وبالعودة إلى الأوضاع العسكرية في الريف الشمالي وخريطة السيطرة، أوضح المصدر العسكري أن استرجاع المسلحين لريتان، والضجيج الإعلامي الذي أثير حولها، لم يغير من واقع الحال في المنطقة، فالجيش تقدم وتمركز في نقاط مهمة. وقال إن «الخطوات كانت سريعة جدًّا والسيطرة مهمة، وما يتم الحديث عنه أمر يتعلق بالوقت فقط، وتأمين سلامة عناصر الجيش ليس إلا»، خصوصًا أن الجيش السوري أصبح في محاذاة قريتي نبّل والزهراء، الأمر الذي يبشّر بفك الحصار عنهما، إضافة إلى سيطرته على خط استراتيجي، أبرزه المنطقة الواصلة بين حردتنين وباشكوي، مؤكدًا أن معركة رتيان قريبة جدًّا، والسيطرة عليها مسألة وقت.
وفي وقت استغرب فيه المصدر من «حجم الحشد الإعلامي الذي قامت به وسائل الإعلام المؤيدة للمعارضة، والذي ترك انطباعًا لدى المتابع أن الفصائل المتشددة هي من قامت بالعملية»، فقد أوضح «اعتدنا منذ بداية الحرب على أنه كلما ارتفع صوت المسلحين ووسائل إعلامهم، فهذا يعني أننا أصبناهم في مواقع موجعة».
وتناقلت وسائل الإعلام المعارضة كمًّا كبيرًا من الأخبار عن أعداد كبيرة من القتلى والأسرى في صفوف الجيش، تجاوزت المئات، الأمر الذي نفاه المصدر جملة وتفصيلًا، مشددًا على «أن الخسائر كانت طبيعية ضمن ظروف معركة من هذا النوع، تشارك فيها قوى إقليمية»، وأن «العمل جار على تخليص مَن وقع في الأسر» في حال تمت الصفقة.
واتسمت تغطية وسائل الإعلام المعارضة بالتركيز على أن الفصائل التي تقاتل في ريف حلب الشمالي هي فصائل أجنبية (تم الحديث عن فصائل أفغانية بكثرة)، إضافة إلى التركيز على أن من يقاتل هم عناصر من «حزب الله»، قبل أن تكشف الفيديوهات، التي وزعتها الفصائل، أن جميع الأسرى من أبناء مدينة حلب، الذين انضموا للقتال في صفوف الجيش السوري والفصائل التي تؤازره.
يشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي تعمل فيها وسائل الإعلام على ترويج أنباء حول أن مَن يقاتل على جبهات القتال ليسوا سوريين، وهي كانت تروج لهذا الأمر خلال معظم المعارك الكبيرة التي خاضها الجيش، والتي حقق فيها انتصارات كبيرة، ابتداء من حمص وصولًا إلى دمشق وريفها وريف حماه ودير الزور، الأمر الذي فنّده مصدر عسكري، بقوله إن «المعارضة تُفاجأ في كل مرة أن من يقاتلها هم أبناء المنطقة ذاتها، وأنهم من مختلف الطوائف. يبدو أنهم كذبوا الكذبة وصدقوها».
وأثناء حديثه عن التكتيك الذي اتبعه الجيش السوري في توزيع المجموعات على جبهات القتال، قال المصدر إن «القيادة السورية، ومع مرور الوقت، استمعت لمناشدة الكثير من القادة والعناصر الذين طالبوا بالقتال في مدنهم وقراهم، وهو ما تم بالفعل، ففي دير الزور يقاتل أبناء الدير مسلحي داعش، وكذلك الحال في حمص، والآن أبناء حلب هم من يدافعون عن مدينتهم»، داعيًا جميع المهتمين بهذه القضية إلى مراجعة التسجيلات التي تبثها المعارضة، ليتبين زيف هذه الادعاءات المُضلِّلة.
إلى ذلك شهد ريف حلب الجنوبي اشتباكات عنيفة قرب قرية عزيزة، إثر محاولة فصائل متشددة التقدم من قرية الشيخ لطفي، للسيطرة على القرية الإستراتيجية، وهو أمر يعني قطع طريق حلب ـــ خناصر، في محاولة لقلب الطاولة وفرض حصار على المدينة. وذكر مصدر ميداني أن الاشتباكات عنيفة جدًّا، لكن الجيش السوري استوعب الهجوم، من دون أية تغيرات تذكر في خريطة السيطرة.
وفي حلب، أطلق مسلحون متشددون قذائف عدة على منطقة العبّارة التجارية المزدحمة وسط المدينة، ما تسبب بإصابة نحو 14 مدنيًّا. كما فجّر الجيش نفقًا بطول 400 متر كان قد حفره المسلحون نحو منطقة البحوث العلمية غرب المدينة.
واعتبر وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، في مقابلة مع وكالة «رويترز»، أن نجاح مبادرة المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا لتجميد القتال في حلب يعتمد على مدى قدرة الدول الداعمة للمسلحين لإجبارهم على الالتزام بالهدنة، مؤكدًا أنه لم يتم بعد وضع جدول زمني للهدنة التي يعمل من أجلها دي ميستورا.