أبوظبي - افراسيانت - خيّمت المخاوف من تأثير تراجع أسعار النفط على الجدوى الاقتصادية لمصادر الطاقة المتجددة خلال قمة طاقة المستقبل المنعقدة في العاصمة الإماراتية في إطار أسبوع أبوظبي للاستدامة.
انطلقت في أبوظبي، أمس، القمة الدولية لطاقة المستقبل التي تلقي الضوء على أحدث التقنيات والمبادرات في مجال الطاقة المتجددة، وذلك في ظل مخاوف من إمكانية تأثير انخفاض أسعار النفط على نمو الطاقة النظيفة.
والقمة هي الحدث الأساسي في أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي افتتح، السبت، خلال الاجتماع السنوي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة “ايرينا” التي تتخذ من العاصمة الإماراتية مقرا لها.
وافتتحت القمة بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونائب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل مكتوم.
وقال وزير الدولة الإماراتي ورئيس شركة مصدر التي تقود جهود إمارة أبوظبي في مجال الطاقة المتجددة سلطان الجابر “شهدنا انخفاضا مفاجئا في أسعار النفط يراه الكثيرون غير اعتيادي، حتى من قبل قطاع اعتاد على التعايش مع التذبذبات القصيرة المدى للأسعار”.
وأضاف في كلمته الافتتاحية أن “هذا التوجه دفع البعض إلى الاعتقاد بأن أسعار النفط المنخفضة ستؤدي إلى تراجع في الطاقات المتجددة”.
لكنه شدّد على أن “وضع قطاع الطاقة المتصل ببعضه تجاوز المرحلة التي تؤثر فيها أسعار النفط على مصير الطاقة النظيفة”.
واعتبر أن ذلك سببه “ارتقاء الطاقة المتجددة من خيار بديل باهظ الثمن إلى تكنولوجيا تنافسية”.
وأشار إلى أن الاستثمارات في الطاقات النظيفة ارتفعت بنسبة 16 بالمئة خلال العام الماضي لتصل إلى 310 مليار دولار، فيما تعززت منشآت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لوحدها بنسبة 26 بالمئة وباتت تنتج على مستوى العالم 100 ألف ميغاواط.
واعتبر الجابر أن هذا التغير هو نتيجة “الانخفاض الحاد في الكلفة والارتفاع المستمر في كفاءة التكنولوجيا”.
ودعا إلى اغتنام فرصة انخفاض أسعار النفط “لاعادة النظر في سياسات دعم أسعار المحروقات”. وقال إن هذه السياسة كلفت العالم 550 مليار دولار في 2013.
من جهتها، قالت وزيرة البيئة والتنمية المستدامة والطاقة الفرنسية سيغولين رويال لوكالة الصحافة الفرنسية، إن انخفاض أسعار النفط يطرح “مخاطر حقيقية”.
وقالت “نعم هناك مخاطر حقيقية بأن يتجه الاستهلاك نحو الطاقة الأحفورية، وهي الطاقة نفسها التي تتسبب بالتغيير المناخي… والتي تعهّدنا بمكافحتها”.
واعتبرت في نفس الوقت أن تراجع أسعار النفط يمكن أن يكون فرصة لصالح الطاقات المتجددة، لاسيما من خلال استخدام الأموال التي يتم توفيرها في فاتورة الطاقة بفضل انخفاض أسعار النفط، في الاستثمار في الطاقات المتجددة.
وقالت “يجب اتخاذ القرارات القانونية والمالية الاستراتيجية لكي يوفر انخفاض أسعار النفط، الذي يؤمّن جرعة من الأكسيجين للشركات والمستهلكين، هامش مناورة جديدا للاستثمار في الطاقات المتجددة وفي توفير الطاقة”.
وذكرت أن فرنسا التي تنتج الغالبية العظمى من الكهرباء على أرضها من الطاقة النووية، قررت خفض حصة النووي في محفظة الطاقة من 75 إلى 50 بالمئة.
وتترأس رويال جهود فرنسا في مجال التحضير لاستضافة مؤتمر المناخ في باريس نهاية السنة.
وقال رويال إنها “متفائلة” بشأن التوصل إلى اتفاق ملزم للحد من الانبعاثات الكاربونية وإبقاء ارتفاع حرارة الأرض عند مستوى درجتين مئويتين فقط. وعبّر عدة مشاركين في اجتماع الوكالة الدولية للطاقات المتجددة عن مخاوف من تأثير انخفاض أسعار النفط على تقدم استخدام الطاقة المتجددة، وهو أمر أساسي للتوصل إلى الأهداف العالمية في مجال الحد من الانبعاثات الكربونية والتوصل إلى اتفاق عالمي جديد حول الانبعاثات في مؤتمر باريس.وستشهد القمة اليوم عرضا للطائرة العاملة بالطاقة الشمسية “سولار امبلس″ التي ستنطلق من العاصمة الإماراتية في نهاية مارس.
وستقوم الطائرة برحلة حول العالم دون استخدام قطرة واحدة من الوقود، بحسب شركة “مصدر” الإماراتية الشريكة في المشروع، والتي قالت إن الرحلة تستمر 5 أشهر، وسيتم إعلان مسارها الدولي خلال القمة.
ويسعى المشروع إلى إثبات إمكانية القيام برحلات جوية باستخدام الطاقة الشمسية.
ودخلت مصدر التابعة لإمارة أبوظبي التي تدير عددا من مشاريع الطاقة المتجددة في الإمارات والعالم، في شراكة مع مشروع “سولار امبلس” على أن تكون العاصمة الإماراتية منطلقا للرحلة ومحطة نهائية لها.
وخلال القمة أعلن صندوق أبوظبي للتنمية عن تقديم قروض ميسّرة بقيمة 57 مليون دولار لتمويل مشاريع للطاقة المتجددة في الأرجنتين وإيران وكوبا وموريتانيا وجزر ساينت فنسنت وغريناديناس.
وستؤمن المشاريع التيار الكهربائي لنحو 280 ألف شخص في مناطق ريفية ونائية في الدول الخمس.
وتأتي القروض بموجب اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقات المتجددة، تعهّد صندوق أبوظبي بموجبه بتقديم 350 مليون دولار على مدى 7 سنوات لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية.
وسبق أن استفادت الإكوادور ومالي وموريتانيا وجزر ساموا وسييراليون من قروض صندوق أبوظبي للتنمية الخاصة بإنتاج الطاقة المتجددة.
واُختتمت، الأحد، أعمال الدورة السنوية الخامسة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة والتي انعقدت بحضور ممثلين عن 151 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي بينها 66 دولة ممثلة على مستوى وزاري.