افراسيانت - أشرف الصباغ - لا أحد يعرف إلى الآن ما هي طبيعة الدور الذي يطلب الاتحاد الأوروبي من روسيا أداءه في سوريا.
الاتحاد الأوروبي ينطلق من أن "أفعال روسيا في سوريا لا يمكن اعتبارها إيجابية أو سلبية بشكل واضح".
هذا ما صدر على لسان مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني قبل بدء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ الاثنين 12 أكتوبر/تشرين الأول دعا الاتحاد الأوروبي. غير أن المدهش أنها أعقبت ذلك بأن "تدخل روسيا يغير الوضع ويحمل عناصر تثير القلق، خاصة خرق حدود تركيا". ما يعني أن هناك ما يمكن أن يتحدث عنه الاتحاد الأوروبي بشكل واضح ومباشر من دون تهويمات سياسية تستهدف وسائل الإعلام.
السيدة موغيريني دعت إلى تنسيق خطوات بروكسل وواشنطن وموسكو في سوريا، وإلى أن يكون دور روسيا السياسي بسوريا أكبر.
وفي الوقت نفسه حذرت من تفاقم الوضع هناك سياسيا وعسكريا. فماذا تعني موغيريني بالدور السياسي الأكبر لروسيا، وما ما هي طبيعته، ووفق أي شروط، وعلى أي أساس؟ لا أحد يقترب من هذه التساؤلات، لأنهم ببساطة يطلقون تصريحات مطاطة لا تكرس لتسوية الأزمة السورية بقدر ما تساهم في تفاقم الحملات الإعلامية وتوسيع دائرد الاتهامات المتبادلة.
مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تكرر نفس التصريحات: "إن خطوات الأطراف المعنية يجب أن تكون موجهة ضد داعش وغيره من التنظيمات التي تعتبرها الأمم المتحدة إرهابية". هذا التصريح يتكرر من جميع الأطراف والعواصم. فأين الجديد بالضبط؟
هناك جديد، ولكنه لا يزال في مرحلة البلورة والتنسيق. وفي الحقيقة، فهو لا يمت بأية صلة لتصريحات موغيريني "الهلامية" الموجهة للاستهلاك المحلي والإعلامي.
الاتحاد الأوروبي يرى أنه:
- لدى الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي جميعا موقف مشترك يتمثل في القرارات المتخذة في إطار الأمم المتحدة. ويجب أن تكون الخطوات منسقة، وإلا فإن ذلك سيكون خطرا ليس فقط من وجهة النظر السياسية، بل ووجهة النظر العسكرية أيضا.
- يجب أن تبذل بروكسل جهودها من أجل دعم عملية تشارك فيها جميع الجهات المعنية في تسوية الأزمة في سوريا.
- يجب أن يشارك جميع أطراف الأزمة في المفاوضات.
الاتحاد الأوروبي يسعى من جهة أخرى، نزولا عند رغبة بعض الدول مثل فرنسا، إلى دعوة روسيا لدعم ما يسميه بـ " عملية انتقال السلطة في سوريا التي ستسمح بتنحي بشار الأسد وإقامة نظام جديد يضم المعارضة المعتدلة غير المتورطة في الإرهاب وكذلك عناصر النظام الحالي التي لم تشارك في الجرائم ضد المدنيين واستعمال السلاح الكيميائي". كل هذه التهويمات السياسية تعيدنا إلى مربع الصفر. وإذا أضفنا دعوة وزير خارجية بلجيكا ديديه ريندرس بضرورة تنسيق الضربات الجوية مع روسيا ضد تنظيم "داعش"، وكذلك التنسيق في عملية انتقال السلطة في سوريا، نكتشف أن الاتحاد الأوروبي لا يتحدث عن تسوية للأزمة السورية، بقدر ما يتحدث عن "متلازمات سياسية نظرية"، خاصة وأنه لا يزال يردد "مخاوفه بأن روسيا قد تقصف مواقع أخرى في سوريا لا تعود للتنظيم الإرهابي".
أما الدنمرك فترى أن على روسيا أن تنضم إلى التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم "داعش" الإرهابي. وحددت بندين يجب الحديث حولها مع موسكو:
- لن نسمح بخرق المجال الجوي التركي الذي يمثل كذلك المجال الجوي للناتو. ومن غير المقبول أن تخرق مقاتلات روسية أو صواريخ مجنحة أجواء تركيا.
- إذا أرادت روسيا أن تصبح جزءا من الجهود الرامية لمكافحة "داعش" فعليها أن تنسق خطواتها مع التحالف الدولي، وأن تصبح جزء من هذا التحالف.
لكن الجديد هنا أن الدنمارك دعت الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة إجراء مباحثات مع بشار الأسد من أجل إطلاق عملية سياسية لتسليم السلطة في سوريا.
هذه هي مواقف الاتحاد الأوروبي التي تتأرجح بين الرغبة في بلورة موقف يختلف عن الموقف الأمريكي المتصلب، والتماهي في دور التابع باعتبارها أعضاء في حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة عمليا. هذه المواقف المتأرجحة تكلف أوروبا الكثير من الأموال والمخاطر الأمنية والعسكرية، والأخلاق أيضا!