افراسيانت - حبيب فوعاني - أرادت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند نصب فخ لروسيا في أوكرانيا، ساعية لجعل روسيا دولة إقليمية في صراع دائم مع جارتها الأوكرانية.
عندما جاءت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية اليهودية ذات الأصول الأوكرانية فيكتوريا نولاند (نودلمان) إلى كييف في مطلع عام 2013، ووزعت الفطائر على المعتصمين في "ميدان" الاستقلال في العاصمة الأوكرانية كييف، حاضة إياهم ضد الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا، لم يعجبها إحجام الأوروبيين عن المشاركة في مؤامرة خلع الرئيس الأوكراني الشرعي، فوجهت إليهم شتيمتها البذيئة المتداولة في أمريكا، والتي يمكن ترجمتها بتصرف هكذا: "فليذهب الاتحاد الأوروبي إلى الجحيم"، وذلك أثناء مكالمة هاتفية نُشرت على اليوتيوب مع السفير الأمريكي في العاصمة الأوكرانية مطلع شباط من عام 2014.
بيد أن الأوروبيين كانوا يدركون (بعكس نولاند) حجم التطورات، التي ستعصف بأوكرانيا، إذا ما تولت الحكم فيها نخبة جديدة موالية لأوروبا وتنصب العداء لروسيا، وتأثير ذلك على علاقات الغرب مع موسكو. ولم يكن الاتحاد الأوروبي يريد تقويض علاقاته معها، ولا يريد التفريط على الأقل بتبادله التجاري مع الروس، الذي بلغ آنذاك 450 مليار دولار.
وقد تحققت مخاوف الأوروبيين، فالتبادل التجاري بين روسيا والدول الأوروبية الآن في تراجع متواصل. وتقلص نصيب الاتحاد الأوروبي في تجارة روسيا في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي بنسبة 45.9 في المئة. ووفق رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف، فإن حجم التبادل التجاري بين روسيا والاتحاد الأوروبي تراجع خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بنحو 38 في المئة، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
وعلى أي حال، وبعد عام من "انتفاضة الميدان" ورغم كل محاولات النخب الأوكرانية الجديدة من حيتان المال، الذين يحمل بعضهم الجنسية الإسرائيلية، لم تجد أوكرانيا مكانا لها في الناتو، حيث عارض دخولها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ولا في الاتحاد الأوروبي حيث عارض ذلك الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، ما كان أكبر انتصار حققه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأقسى هزيمة تكبدتها موظفة الخارجية الأمريكي، التي تكن العداء لموسكو، في مخططها لنصب فخ في أوكرانيا لروسيا وجعلها دولة إقليمية في صراع دائم مع جارتها الأوكرانية.
وإضافة إلى ذلك، زار وزير الخارجية الأمريكية جون كيري الرئيس بوتين في منتجع سوتشي الروسي في شهر مايو/ أيار الماضي، وأجرى لقاء مع الرئيس الروسي غابت عنه نولاند، حسب صحيفة "كوميرسانت" الروسية، التي أكدت مصادرها تغير لهجة كيري بشكل جذري، حيث شدد على ضرورة عمل شيء ما للعلاقات الروسية الأمريكية، وتحدث لأول مرة عن إمكان إلغاء العقوبات الغربية على موسكو.
يجب القول إن الصحافيين الفرنسيين لاحظوا في الاجتماع الدوري الذي عقده نهار الجمعة في قصر الإليزيه قادة "رباعية نورماندي" بشأن تسوية الوضع في أوكرانيا، والذي شارك فيه بوتين، لاحظوا كيف تغيرت طريقة التعامل مع الرئيس الروسي. وإذا كان في السابق يبدو غريبا بين القادة الآخرين، فإن زيارته الأخيرة بدت زيارة عادية من رئيس دولة زميل لهم، وليس من زعيم سياسي خطر، كما كان الأمر منذ بدء النزاع في شرق أوكرانيا، ولم يعد "الطاغية المتخلف" كما وصفته ميركل ذات مرة، ما يبشر بحل في منطقة الدونباس لا مكان فيه للفخاخ.