افراسيانت - علي حسون - جولة جديدة من المباحثات السورية–السورية في جنيف أعلن دي ميستورا أن انطلاقها سيكون في أواخر الشهر المقبل، من دون أن يحدد موعداً نهائياً لها.
وتأتي هذه الجولة الجديدة في ظل تحوُّل مهم يمكن أن يؤثر إيجاباً في مسار الأزمة السورية، تمثَّل بتقارب روسي-أمريكي، قد يقود إلى فهم مشترك لحل الأزمة السورية.
ففي الأسبوع الأخير ما قبل إعلان دي ميستورا عن الجولة الرابعة، تكثفت اللقاءات الروسية-الأمريكية ، وخاصة بين وزيري خارجية البلدين لافروف وكيري، تخللها لقاء بين الرئيس بوتين وكيري، ما أنتج ولأول مرة اتفاقاً لمحاربة تنظيمي "داعش" و"النصرة" الإرهابيين. كما اتفق الطرفان على دعم الخطوات الرامية إلى تسوية الأزمة ومكافحة الإرهاب في سوريا.
وأمس (26/07/2016)، عُقد لقاء ثلاثي ضم ممثلين عن موسكو وواشنطن والأمم المتحدة في جنيف أمس، تحدث دي ميستورا بعده عن تحقيق تقدم حول الأزمة السورية.
وأشار المبعوث الأممي إلى أن وفدي روسيا والولايات المتحدة سيواصلان العمل على توضيح التفاصيل التقنية في الأيام القليلة المقبلة.
هذه التفاصيل التقنية تحديداً، هي محل خلاف مستمر بين وفدي الحكومة السورية و"معارضة الرياض"، حيث يعتمد كل منهما على فهمٍ خاص لها. فهل سنشهد في هذه الجولة تذليلاً لهذه المشكلات وتقريباً لوجهات النظر المتباعدة بينهما؟ فالتباعد الكبير في مواقف الطرفين كان من الطبيعي أن يقود إلى انهيار المفاوضات في جولتها الثالثة.
فرئيس وفد "معارضة الرياض" رياض حجاب قال إنه ذهب ووفده إلى جنيف من أجل التفاوض على تشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة، لا دور للرئيس بشار الأسد فيها، واحترام وقف إطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، زاعماً أن جميع هذه المطالب لم تتحقق.
من جهته، بشار الجعفري، رئيس الوفد الحكومي السوري المفاوض، أكد أن صلاحياته تتوقف عند مسألة التفاوض على تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تضم السلطة والمعارضة، وأنه لا يملك أي تفويض لمناقشة ثلاث قضايا، مثل: وضع دستور جديد، الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ومستقبل الرئيس. فهذه قضايا يبت فيها الشعب السوري.
موسكو وواشنطن من جانبهما، ستحاولان ردم الهوة بين الطرفين خلال الاجتماعات التي تعقد في جنيف بمشاركة وفد الأمم المتحدة، لكن ليس بالقدر الكافي لتحقيق اختراق كبير.
أما دمشق، فعادت اليوم وكررت موافقتها على حضور جولة جديدة من الحوار السوري-السوري بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، مجددة عزمها على التوصل إلى حل سياسي للأزمة. كما أعادت التذكير بموقفها من هذه المفاوضات.
وقال مصدر في وزارة الخارجية السورية إن دمشق، "التي تقف في الخط الأمامي في التصدي للشر الشامل" المتمثل في تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، تُرحب بالتصريحات التي صدرت بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى موسكو في الـ 15 من الشهر الحالي، والتي أكدت اتفاق الطرفين الروسي والأميركي على مكافحة الإرهاب (تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة").
وأضاف أن سوريا تُجدد الإعلان عن حرصها على "تحقيق حل سياسي للأزمة في سوريا يلبي تطلعات الشعب السوري ويحظى بدعمه وهي مستعدة لمواصلة الحوار السوري-السوري من دون شروط مسبقة على أمل أن يؤدي هذا الحوار إلى حل شامل يرسمه السوريون بأنفسهم من دون تدخل خارجي بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي".
"معارضة الرياض" من جهتها، لم تعلق بعد على إمكانية مشاركة وفدها في الجولة الجديدة التي دعا إليها دي ميستورا ، وهي التي شككت قبل أسابيع قليلة في إمكان استئناف مفاوضات جنيف في الوقت الراهن.
وذكر المتحدث باسمها رياض نعسان آغا أنه "لا توجد أي مؤشرات لإمكان استئناف المفاوضات"؛ لافتاً إلى استمرار "التصعيد العسكري وتصعيد الحصار وعدم إطلاق سراح المعتقلين"؛ متهماً روسيا باستخدام أسلحة محرمة دولياً. وهذا كله "يجعل المفاوضات أمام طريق مسدود".
ورأى نعسان آغا أن الرئيس الأسد لا يزال يرفض الحل السياسي، ومن ضمنه تشكيل هيئة حكم انتقالية.
الجولة المرتقبة ستنعقد في ظل إشكالية كبيرة أخرى كانت رافقت الجولات السابقة، وهي مسألة المشاركة الكردية في المباحثات؛ لكن المعارض فاتح جاموس عضو وفد "منصة موسكو" إلى اجتماعات جنيف توقع في تصريحات لـRT أن يتم حل هذه المشكلة.
وقال جاموس: "أعتقد أن الأطقم القديمة نفسها من المعارضة ستبقى في الجولة الجديدة مع تعديل بسيط في "وفد القاهرة"، بحيث يمكن أن ينضم المعارض هيثم مناع إلى الوفد، وتُحل إشكالية مشاركة الأكراد في المفاوضات المقبلة بشكل أو بآخر، وباسم آخر يكون بديلاً عن السيد صالح مسلم" كاحتمال أساس.
وأضاف جاموس: "هناك احتمال أضعف بحدوث تغيير عميق في الوفد عبر الاتفاق على وفد واحد لكل المعارضات السورية، أو أن تأخذ المباحثات هذه المرة شكلاً من أشكال المباشرة بين الوفد الحكومي ووفود المعارضة".
ووصف الاتفاق الروسي–الأمريكي الجديد حول سوريا بأنه تفاهم في الإطار والشكل، وليس في المحتوى. فالخلافات ما زالت مستمرة وعميقة فيما يتعلق بالعديد من عناوين المرحلة الانتقالية (الرئاسة والفترات الزمنية والاتفاق كسلة واحدة أو خطوات تراكمية وحول وفد المعارضة وبنيته).
ولم يستبعد جاموس أن يتم خلال الجولة الرابعة اعتماد وثيقة جديدة بالإضافة إلى وثيقة المبادئ الـ 12؛ حيث كان يجري التداول في كواليس المؤتمر السابق بوثيقة يقال إنها أُعدت من فريق دي ميستورا وتهتم بتفاصيل المرحلة الانتقالية .
وأضاف أن "معارضة الرياض" قد تلجأ إلى إفشال هذه الجولة أيضاً، فهم لديهم دائماً شروط ومطالب يتبعونها بالتهديد بالانسحاب؛ لافتاً إلى أن رعاتهم الأمريكيين يتذرعون بهم لكسب نقاط جديدة من روسيا، بينما يلقون اللوم على ما يسمونها "الرؤوس الحامية" بوجه آخر للتصرف المزدوج، للحصول على تنازلات هنا وهناك.
جاموس أعلن أنه لا يتوقع اختراقات كبيرة في الجولة المرتقبة. ولكن، مع ذلك سيكون هناك تراكم إضافي إيجابي في العملية السياسية المعقدة.