افراسيانت - هاني العقاد - لا يبدو في الافق أن نتنياهو يرغب بما يسعي اليه العالم لحل الصراع على اساس تطبيق حل الدولتين والمبادرة العربية ولا يبدو أن نتنياهو يرغب في انهاء الصراع من الاصل قبل أن ينهي ويحقق مشاريعه الاستيطانية ومشروع الدولة اليهودية التي يسعي اليها هو وعصابة الشر اليمينية , ولا يبدو ان نتنياهو بات مقتنعا بأي وساطة دولية او مشروع سلام دولي يأخذ بالحسبان امن واستقرار المنطقة فلا يعنيه الامن ولا يعنيه الاستقرار بقدر ما يعنيه برنامجه الكبير الذي يسعي اليه منذ ان تولى فترة حكمة الثالثة وهو أن تخلده اسرائيل كزعيم كبير اسس لشيء وحققه , ولعل هذا الرجل الان هو في قمة نشوته الصهيونية اليمينية المتطرفة لكن لا يستطيع ان يظهر هذا بسبب بعض التغير في العالم تجاه اسرائيل وخاصة سياسة حكومته الحالية التي تريد ان تتحايل على اي ضغوط دولية قد تجبرها مستقبلا لدفع استحقاقات سلام هي لا تريدها . الحل مازالت ترفضه ليس لأنه يحقق للفلسطينيين بعض الشيء بل لأنه يعيق حلم نتنياهو بالزعامة الابدية ليسجل اسمة الى جانب ثيودور هيرتزل زعيم الحركة الصهيونية وبن غوريون وغولدا مئير وموشية ديان .
ما استخلصه نتنياهو بعد الحرب على غزة انه قد لا يتمكن من تحقيق حلمة بسبب ما ينتظره من ضغط اوروبي ودولي لحل مشكلة غزة وهنا جاءت فكرة تجزئة الصراع و بناء خطة هروب من حل الدولتين على هذا الاساس , فلعلة اليوم بات اقرب الى هذه الخطة لكن يريد فحص كافة المواقف المحيطة قبل تنفيذها والخطة بالطبع تبدا بمحاولة ايجاد حل ما لمشكلة غزة وتثبيت هدنة طويلة الامد اولا حتى لا ينفجر الوضع مرة اخري ويكون مضطرا للتعمق في الحرب لدرجة قد تصل الى احتلال غزة بالكامل وهذه الخطة تقوم على اساس عقد هدنة طويلة مع حماس في غزة مقابل ميناء عائم ومقابل السماح للأمم المتحدة بإقامة مطار اغاثي في منطقة المحررات مع منح العديد من التسهيلات الاقتصادية مقابل بقاء سلطة حماس الفعلية في غزة والتي هي من وجهة نظره الاقدر على حماية الحدود الجنوبية , وهذا باعتباره دولة مؤقتة في غزة يمنحها لحكومة حماس لتجد من خلالها كل عناصر البقاء التي بدأت تجف بسبب تضيق الخناق على سلطتها من كل اتجاه, وبالتالي سيقول للعالم انه انهي ازمة غزة بالطريقة التي تريدها غزة والاقل تكلفة للإسرائيليين في نفس الوقت , لكن يبقي هنا سؤال هل سيشرك نتنياهو اطراف دولية في هذا الحل ..؟ الاجابة بالطبع نعم لان نتنياهو وحدة لا يستطيع مراقبة كل شيء عمليا وبالتالي سيوكل المهمة الى الاطراف الدولية الذين تعهدوا بإنشاء المطار والميناء وادارتهما بالكامل وتشغيلها ولا يكون دور للفلسطينيين في غزة الا بعد الدور الرئيس للأطراف الدولية , اليوم اعتقد ان نتنياهو يجري تقيما للمواقف الدولية والاقليمية وخاصة مصر في ضوء ما يخطط له ويحاول ان يجد الطريقة التي من خلالها يستطيع ان يمرر خطته الجديدة , باعتقادي ان نتنياهو يحاول بهذه الطريقة التخلص من حل الدولتين على الاقل لفترة طويلة , لكن ليس للابد لان حل الدولتين حل شامل وعادل وما يهرب اليه مع غزة يعتبر حل مؤقت ومرحلي سرعان ما تفضي تعقيداته الى الحاجة لحل شامل مرة اخري وخاصة مع تبني المجتمع الدولي مشروع سلام يقود الى انهاء الصراع وحل كافة قضاياه .
الواضح اليوم أن نتنياهو يعد خطة لتجزئة الصراع يريد من خلالها اختزال حل الدولتين في صورة حلول بلا سيادة مع غزة على حدة وحلول بلا سيادة مع الضفة على حدة والقدس بالطبع خارج هذه الخطة بالمطلق وهنا فإنه يخطط للتوصل الى حل مع غزة بعيدا عن سلطة الرئيس ابو مازن لهدف ابقاء الانقسام اطول فترة ممكنة وبالتالي يقدم خطته للعالم القاضية بحل مشكلات الضفة الغربية بتوسيع صلاحيات الحكم الذاتي مع ابقاء الكتل الاستيطانية الاسرائيلية مزروعة في قلب الضفة و يبقي الصفة ايضا بعيدة عن حماس, وهذا سيمكنه من تجزئة الصراع الى الحد الذي يمكن به أن يعيق اي حلول دائمة لفترة طويلة, ومن خلال هذه الخطة يهدف نتنياهو الى سلب الفلسطينيين السيادة على ارضهم بل سلبهم مشروع الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف والالتفاف على القضايا الكبرى كاللاجئين والحدود والقدس واعتبارها قضايا تعيق الحلول الدائمة وهنا لابد ان نحذر من خطورة ما تبرمج وتهيئ له ادارة نتنياهو وتحاول اللعب على الضائقة الاقتصادية والحصار لسكان غزة واللعب على رفع يد الجيش الاسرائيلي من التدخل واجتياح مناطق السلطة الفلسطينية بل وانشاء بعض الموانئ الجوية ايضا بالضفة الغربية . في الحقيقة ان نتنياهو لن يظهر ان هذه الحلول كلها تأتي من باب مخطط تجزئة الصراع وتثبيت الحلول المؤقتة بدلا عن الحلول الدائمة لكنة يأتي بها على شاكلة تسهيلات اقتصادية لسكان غزة والضفة تجنبا لأي انفجار قادم تكون بوصلته اسرائيل.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.