افراسيانت - بقلم زيدون النبهاني - يمثل الحزب الديمقراطي, احد قطبي السياسة الأمريكية, اللذين تناوبا فترات الرئاسة, في الولايات المتحدة, وهما وأن ادعى اختلافهما في المنهج, احتكما سوية لإستراتيجية السياسة, التي تتبعها أمريكا مع دول العالم. عرف الديمقراطيون, بتبنيهم شعارات مناهضة للحرب, لاسيما تلك التي تخوضها الولايات المتحدة, والتي غالبا ما يشعل فتيلها منافسوهم الجمهوريين, لكن هذا لم يمنع المنادون بالسلام, من لعب دور مهم في أزمات العالم, خصوصا في ما يتعلق بالشرق الأوسط.
العقود الأربعة الأخيرة, شهدت وجود ثلاث ديمقراطيين, على رأس القرار الأمريكي, جميعهم ابتعدوا عن الحروب علانية, لكنهم حققوا ما تصبوا إليه .. إرادة الأهداف الدفينة للولايات المتحدة.
جيمي كارتر (1977_1981) نجح كارتر بتحييد الدور المصري, الذي غالى في وقت سابق, في صراعه مع إسرائيل, ففي الوقت الذي دعم أسلافه, كل الحروب التي خاضها الكيان الغاصب مع العرب, ابتدع الديمقراطي كارتر ما اسماه (السلام في الشرق الأوسط), واستطاع إقناع الرئيس المصري أنور السادات, ليوقع معاهدة (كامب_ديفيد) مع الصهاينة.
لم يحلم الكيان الغاصب, بأكثر من السلام مع العرب, وخصوصا إن كانت مصر هي المعنية بالأمر, نظرا لما تمثله من ثقل عربي, وتماس جغرافي مهم مع حدودها. بيل كلينتون (1993_2001) فترتي رئاسة كلينتون لم تخلى من التقارب.. العربي_الإسرائيلي, فقد كانت أولى مهامه الدفع بفكرة الديمقراطيين, وتحقيق سلام يائس أخر, بإمكانه تحقيق امن الدولة العبرية, لتكون (معاهدة أوسلو) وثيقة سلام أخرى, تضاف لسجل رافعي شعار السلام.
لم يكن ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني وقتذاك, مخيرا قدر ما كان مسير, فحجم الضغوط التي زاولها الغرب والصهاينة, وصل حدودا لا يمكن التنبؤ بنهاياتها, الكثير من المجازر والانتهاكات والنكسات, أجبرت عرفات على الموافقة على إنهاء الصدام, والقبول بدولة إسرائيل مجاورة (لسلطة فلسطينية), لم تصل بعد لمسمى الدولة.
باراك اوباما الرئيس الحالي, والذي يحتل الرقم الرابع والأربعون, في قائمة الرؤساء الأمريكيون, باراك اوباما, الديمقراطي الأخر ومع انحداره من أصول مسلمة, إلا انه لم يختلف عن سابقيه في دعم جهود السلام, بتكتيكات حديثة استكمل مهمة الديمقراطيين.. في تحقيق الأمن المفترض لإسرائيل.
دعم اوباما لم يكن بمعاهدات شكلية, قد غادرها الحزب مسبقا, نتيجة لضعف الجدوى التي حققتها الربيع العربي, داعش, العقوبات الاقتصادية, كل ذلك نوع أخر من الحرب, التي ابتكرها الديمقراطيون الجدد, في محاولة لإلهاء الدول العربية, عن غايات أسمى وأهداف أذكى, وهو ما نجح به الجناح.. الذي يفترض السلام حلا. الحرب بالوكالة, كشفت النقاب عن لعبة تداولها, صانعوا السياسة الأمريكية, فحجم الضغط الذي يمارسه الجمهوريين في الحكم, جعل من الديمقراطيين حلا ينتظره العرب وغيرهم.. ممن يرتبط بالقرار المنتظر للبيت الأبيض. تبادل الأدوار بشكل تكتيكي محترف, لا يعني بالضرورة تبدل الإستراتيجية.
لا يمكن التمييز بين حجم الانتصارات, التي تحققها سياسة الولايات المتحدة الأمريكية, بين تلك التي تأتي من خلال الحروب والاحتلال والقتل, أو نظيرتها الناعمة التي تبناها الديمقراطيون, من فرض عقوبات و تجويع ودعم التطرف. تكرار السيناريو الممل لمن اتشحوا بالسلام, يوضح غاياتهم بأن ما يعنيهم هو جمع فوائد الحروب, التي خاضها مسبقا الجمهوريين, وكلا الطرفين يسيران بنفس المنهج يختلفان في طريقة التنفيذ, لما يحقق أمن إسرائيل.