دمشق - افراسيانت - شينخوا- تصاعدت حدة التصريحات الإعلامية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، بهدف شحن الأجواء قبيل توجيه الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية ضربة عسكرية باتت محتملة ضد سوريا، وبعد تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الموجهة إلى روسيا والتي تدعوها لاستقبال الصواريخ الجديدة والذكية .
ويتساءل مراقبون سياسيون في سوريا، عن الهدف الذي تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية من خلال توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا، ولماذا تصر الولايات المتحدة الأمريكية على مزاعم استخدام الحكومة السورية السلاح الكيميائي؟، وهي تعرف أن الجيش السوري يحقق تقدما ميدانيا وليس بحاجة لاستخدام أسلحة كيميائية.
ويرى مراقبون ومحللون وسياسيون في سوريا أن الهدف الأساسي من وراء هذه الضربة الأمريكية هو انزعاجها من التقارب الروسي - الإيراني - السوري في الحرب ضد الإرهاب، مؤكدين أن الملف الكيميائي هو واجهة أو عنوان تضعه الولايات المتحدة الأمريكية لتبرير انزعاجها وتهميشها في المنطقة.
وقال المحلل السياسي السوري حسين صقر لوكالة أنباء (شينخوا) بدمشق، "إن أمريكا تبدي انزعاجها الواضح من التقارب الروسي-الإيراني، وتعمل جاهدة أيضا حتى لإضعاف دور روسيا والصين في المنطقة، بعد أن فرض هذا الدور نفسه على الساحة الدولية".
وأشار المحلل السياسي صقر إلى أن أمريكا تريد أيضا الحصول على المزيد من المكاسب من دول الخليج وتواصل تهديدها بالفزاعة الإيرانية المزعومة، كما تريد الحصول طبعا على دور كبير على الأرض بعد أن فقدت أدواتها التي رعتها طيلة الفترة الماضية".
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوري حسام شعيب، في حديث لوكالة (شينخوا) بدمشق، أن الرئيس الأمريكي ترامب يشعر أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما، لم تستطع إنهاء الملف السوري لصالح السياسات الأمريكية، مؤكدا أن الانتصار الذي حصل في الغوطة الشرقية، بمساعدة الحليفين الروسي والإيراني، شكل ضربة قاصمة للولايات المتحدة والدول الغربية التي تدعم المسلحين في الغوطة.
وأشار المحلل السياسي إلى وجود بعض العوامل التي قد تؤجل الضربة الأمريكية على سوريا وهي الخشية والخوف على إسرائيل، التي كانت تدعم الإرهاب في سوريا، وما جرى من عدوان على مطار تيفور قبل أيام، خاصة وأن إيران موجودة بالقرب من إسرائيل، وهذا يشكل خطرا على إسرائيل ويؤرقها، ويجعلها تعد للعشرة قبل توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا.
وأكد شعيب أنه في حال نشوب حرب فإن إسرائيل سوف تتأذى بهذه الحرب وستتعرض منشآتها العسكرية لضربات في حال شاركت في الضربة المحتملة.
كما شهدت الساحتان الإقليمية والدولية حراكا واتصالات مكثفة بهدف إبعاد شبح القصف والحرب، وسط صدور بعض التصريحات المهددة لأمريكا بالرد في حال شنت عدوانا على سوريا .
وقال علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني، خلال لقائه وزير الخارجية السوري وليد المعلم يوم الأربعاء، إن تهديدات أمريكا بشن ضربة جوية ضد سوريا دعائية، و"تنم عن غضبها مقابل انتصارات المقاومة في الغوطة الشرقية"، وأعلن ولايتي وقوف طهران إلى جانب دمشق بمواجهة أي اعتداء خارجي.
كما بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اتصال هاتفي يوم الأربعاء، التطورات الأخيرة في سوريا.
بدورها، رأت سناء علي، وهي صحفية سورية، أن أمريكا لا ترغب في رؤية تنامي قوى إقليمية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط .
وقالت سناء لوكالة (شينخوا) بدمشق، إن إيران تهدد إسرائيل من جهة، ومن جهة ثانية تطمح وتعمل على امتلاك السلاح النووي بما يضعها في عداد الدول المؤثرة في موازين القوى الكبرى، وهو ما لا يعجب أمريكا بالطبع".
وتابعت تقول: "أما روسيا، فهي تتقدم بخطى ثابتة نحو إلغاء هيمنة القطب الواحد والسياسة الواحدة في العالم، بالإضافة لامتلاكها أحدث الأسلحة والمضادات الجوية، وهذا ما يثير رعب أمريكا حقيقة".
واعتبر بعض المحللين السوريين أن التصعيد المحموم حول استخدام السلاح الكيميائي في سوريا ليس إلا غطاء أو واجهة، والحشد الدولي في مجلس الأمن خير دليل على انزعاج تلك الدول من التقدم الذي تحرزه روسيا في سوريا.
إلى ذلك، اعتبرت المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية الدكتورة بثينة شعبان، أن التهديدات الغربية ضد سوريا هي محاولة لرفع السقف من أجل الحصول على مكاسب، مؤكدة أن دمشق وحلفاءها مستمرون بالتشاور ولن يتركوا الأمور تسير كما تريد واشنطن.
وقالت شعبان خلال لقاء تلفزيوني إن "الغرب يمارس الآن حربا نفسية يريد من خلالها إظهار القوة بعد فشله"، مشيرة إلى أن هذا الجنون الغربي يصب في مصلحة الإرهابيين .
واعتبرت المستشارة أن تحرير الجيش السوري للغوطة الشرقية كان نقطة حاسمة في الحرب على سوريا، مؤكدة أن نتائج هذه الحرب أفرزت خيارات معاكسة للتوجه الغربي وتشكيل محور ضد سياساته.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد دعا يوم الأربعاء، روسيا إلى الاستعداد، مؤكداً أنه سيقصف سوريا بصواريخ ذكية وحديثة.
وقال ترامب في تغريدة على "تويتر"، "روسيا تعهدت بإسقاط أي صاروخ يطلق على سوريا. استعدي يا روسيا إذن، لأن الصواريخ سوف تأتي حديثة وذكية". كما وصف الرئيس ترامب العلاقة مع روسيا بأنها "الأسوأ " مما كانت عليه في فترة الحرب الباردة.
ويأتي تصريح ترامب، عقب إعلان السفير الروسي في بيروت أن روسيا ستسقط أي صواريخ أمريكية تستهدف سوريا وستقصف مواقع إطلاقها.
من جانبه رد الكرملين على تصريحات الرئيس الأمريكي، واصفا إياها بأنها "دبلوماسية تويتر".
وشدد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تصريحات صحيفة على أن موسكو كانت ولا تزال مقتنعة بأن المزاعم عن استخدام الأسلحة الكيميائية في مدينة دوما بغوطة الشرقية، مزيفة، ولا يمكن استخدامها كذريعة لاتخاذ أي خطوات عسكرية ضد سوريا.