مربع "روسيا وإيران وسوريا والعراق" ومواجهة الإرهاب المصنوع

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

 

 

افراسيانت - بقلم: الدكتور خيام الزعبي* - إن المنطقة العربية تواجه أزمة إقليمية وعالمية كبيرة يدفع ثمنها الشعب السوري فهذا الشعب الكبير يواجه موجة التطرف والإرهاب المدعومة أجنبياً لتحقيق أهداف غير شرعية للآخرين، إذ إتضحت من خلال مقاومة هذا الشعب الصورة المقيتة للإرهاب كما إتضحت نجاحاته في دحر قوى التطرف، وفي هذا الإطار إتخذت الولايات المتحدة قراراً إستراتيجياً بعدم الدخول في اي حرب مباشرة في الشرق الأوسط، وباتت تفضل القيادة من الخلف، وترك القوى الإقليمية الحليفة تدافع عن نفسها من أجل مصالحها، فهي تمارس تطبيق عملي لهذه الإستراتيجية في الحرب السورية لإسقاط نظام الأسد .


أصبح الوضع داخل الساحة السورية أكثر تعقيداً، في ظل وجود قوى إقليمية ودولية تلعب داخل سورية تحقيقاً لمصالحها الخاصة، فسورية يجمعها خصوصية علاقة مع قوى دولية وإقليمية ما جعل هذه القوى لاعباً مؤثراً وقوياً في هذا الإطار، دون إمكانية حل هذه الأزمة دون الحوار مع هذه القوى، لا سيما إيران والعلاقات الإستراتيجية معها، وروسيا وعلاقاتها بالمصالح والتسهيلات المركزية، فضلاً عن حزب الله، وهو الذراع العسكرية لإيران ولاعب هام على الساحة، بالإضافة الى الولايات المتحدة ودول العالم الغربي بأكمله.


تدعم إيران منذ بدء الأزمة في سورية وحتى الآن نظام الأسد، وقد سبق أن وجهت إيران إنتقادات قاسية للتحالف الدولي بمواجهة داعش، مشككة في جدواه وفاعليته، كما أصاب العلاقات الإيرانية التركية نوع من الفتور حيال الأزمة السورية حيث تصر طهران دعمها للأسد فيما تسير أنقرة باتجاه دعم الإرهاب، والعمل على إسقاط الأسد الذي عدته بأنه "خطوة لا يمكن لها التراجع عنها"، أما روسيا فقد قادت هجوماً دبلوماسياً وسياسياً مركزاً باتجاه المنطقة، يمكنها من العودة القوية إليها من باب "محور المقاومة"، هذا الهجوم تجلى بطرح مبادرة حل سياسي في سورية متزامنة مع إلتزام قاطع بدعم عسكري مطلق لكل من سورية والعراق، وبتطوير العلاقة مع حزب الله إلى حد التفاهم الذي يقود إلى تقديم الدعم في كافة المجالات المختلفة التي يحتاجها الحزب سياسياً على الصعيد الدولي، في الآونة الأخيرة حقق محور المقاومة وحلفاؤه ضربات إستباقية مؤثرة وفاعلة في الميدان والسياسة، فصدمت أميركا وحلفاؤها بالنتائج التي حققها هذا المحور، وفي ظل هذا الوضع وما نجم عنه، إحتاجت أميركا لتدخل إسرائيلي علني مباشر يوقف الإنهيار في صفوف جبهتها، فكانت الغارتان الإسرائيليتان ضد سورية بمثابة رسائل سريعة لرفع معنويات التنظيمات المتطرفة بعد أن خسروا في دير الزور وبسبب صمود السوريين في قريتي نبل والزهراء وفي عين العرب والقلمون ومدينة حلب، وإلى توجيه تحذير إلى الجيش العربي السوري ومن ورائه محور المقاومة وداعميه الدوليين بخاصة روسيا لحملهم على تجميد الحراك السياسي خارج الفلك الأميركي وإلزامهم بعدم متابعة الضغط على الإرهابيين عسكرياً.
في سياق متصل باتت السياسة السورية تدرك خطورة الغوص الأمريكي في اللعب على التناقضات الداخلية من خلال دعم الفوضى الحقيقية في المنطقة العربية في سياق مخطط صهيوني الفكرة وأمريكي الآداء، فدعم الفوضى هو الوجه الآخر لدعم الإرهاب فكلاهما وجهان لعملة واحدة، وهذا ما يجعلنا أن نصف الولايات المتحدة الأمريكية بأنها دولة راعية وداعمة للفوضى في بلداننا العربية، فلا فرق بين دعم الإرهاب ودعم الفوضى فكلاهما يؤديان الى نتيجة واحدة وهي ضرب أمن واستقرار مجتمعاتنا العربية.


اليوم تواجه سورية والعراق موجة من العنف والهجمات التكفيرية، ومن هنا تاتي أهمية إيجاد حالة من التنسيق بين الدول لمحاربة الإرهاب الذي يهدد الأمن الإقليمي برمته، لا شك إن التنسيق بين العراق وسورية ميدانياً وسياسياً يبقى مسألة ضرورية للغاية، خاصة إن الإرهاب الذي تعاني منه الدولتان هو إرهاب واحد، وإرهاب عبر الحدود وقياداته مشتركة ويحمل فكراً واحداً، وبالتالي فإن التنسيق بين هذه الدول يسهل عملية محاربة هذا الإرهاب التكفيري.


إن محاربة الإرهاب مسألة مهمة، وإيجاد مخرج سياسي للأزمات التي تعاني منها المنطقة أيضاً مسألة جدية، خاصة إن الحروب خلال السنوات الماضية ولدت شروخا إجتماعية وسياسية، لذلك تأتي أهمية التحركات حول حل سياسي للأزمة السورية من خلال إيجاد حالة من الحضور والتواصل بين الحكومة والمعارضة وهناك حديث فعلي في موسكو مع المعارضة، إن الحرب على الارهاب وحدها لا تكفي، وان الحوار مع المعارضة الداخلية وليس المعارضة الإرهابية، هو أيضاً ضرورة لإستكمال حلقات الخروج من دائرة الإرهاب الذي يضرب المنطقة، في إطار ذلك يمكنني القول إن المعطيات والنجاحات الميداينة تثبت فاعلية التنسيق بين العراق وسورية وإيران وروسيا، حيث إن هناك تقدماً كبيراً على المستويات السياسية والعسكرية في سورية والعراق.


وأخيراً أختم مقالي بالقول إن إستمرار الصراع هو المصير الوحيد الذي ينتظر سورية في المستقبل، وهذا الصراع يمكن أن يستمر نظرياً إلى أجل غير مسمى، وخير مثال على ذلك الصومال، التي تعيش على هذا المنوال منذ أكثر من 20 عاماً، لا مخرج من هذا الوضع السيئ إلا بمصالحة وطنية حقيقية، لذا لا بد ان يجلس السوريين على طاولة الحوار ويبحثون عن الحلول المناسبة لإيجاد حل للأزمة السورية، فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن إستمرار الأزمة في سورية وإنتشار المجموعات المتطرفة فيها ينذر بنتائج كارثية على المنطقة والعالم، وهذا يستدعي حل سريع لهذه الأزمة، ينهي معاناة الشعب السوري بما يحفظ وحدة أراضي سورية وإستقلالها السياسي في المنطقة، وبإختصار شديد إن الهزيمة التي ألحقها الجيش السوري لتنظيم داعش في مطار دير الزور وفي معارك ريف الحسكة ودير الزور وحلب وغيرها من المناطق الساخنة تبعث برسائل واضحة بأن الجيش السوري لا يزال القوة البرية والجوية الوحيدة والأساسية القادرة على إلحاق الهزيمة بداعش ومن دونه لا تحالف ضد الإرهاب.


*صحفي وكاتب أكاديمي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

 

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology