افراسيانت - شكلت عملية اغتيال القيادي في الجناح العسكري لحركة حماس وأحد الأسرى المحررين المبعدين إلى غزة مازن فقهاء "ضربة أمنية" للمقاومة ولأجهزتها الأمنية لم تكن بالحسبان.
وبينما لا زالت الأجهزة الأمنية والاستخبارية لحماس تواصل مهام التحقيق في القضية على مختلف المستويات، وسط اتهامات لإسرائيل بالوقوف خلف العملية، يحاول الإسرائيليون رسم سيناريوهات الانتقام من قبل حماس.
سيناريوهات تحليلية لعملية الاغتيال :
* قوة خاصة
في السنوات القليلة الماضية ورغم سيطرة حماس على القطاع، حاولت أجهزة المخابرات الإسرائيلية تنفيذ سلسلة عمليات نوعية من خلال تنفيذ محاولات خطف أو اغتيال مقاومين، ونجحت في بعضها وفشلت في أخرى كما ورد في تقرير سابق نشر أمس في "القدس" دوت كوم.
دخول قوة خاصة من أي ثغرة على حدود قطاع غزة الطويلة أمر وارد، فقد سجل في شهر أبريل/ نيسان الماضي محاولة كهذه، وتم وضع حاجز عسكري على شاطئ بحر دير البلح، قبل أن يكتشف الأمر، ولكن تبين أن القوة الإسرائيلية الخاصة غادرت حدود القطاع.
مثل هذا التحرك الإسرائيلي ليس بجديد، ولكن إمكانية أن تبادر إسرائيل بعملية أمنية مدبرة جيدا ومخطط لها بدقة عالية وبحرفية سهلت فيها على المنفذين عملية الدخول والتنفيذ والانسحاب أمر وارد، ولكنه يبقى احتمالا مرجحا أكثر من احتمالات أخرى سيتم رصدها تباعا في إطار هذا التحليل. ولكن عملية انسحاب هذه القوة بعد التنفيذ يشير إلى تسجيل الاحتلال نقطة لصالحه في القدرة على التنفيذ والانسحاب الامن.
وفي السياق ذاته لا يمكن أن تمر مثل هذه العملية دون مساعدة من الداخل، ولكن أيضا من يستطيع على مثل هذه المساعدة في ظل الضربات التي توجهها المقاومة للعملاء الذين لم يجرؤ أحد منهم سابقا على تنفيذ مثل هذه العمليات أو المشاركة بمثلها إلا في بدايات انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000 من خلال توغل القوات الخاصة من المستوطنات التي كانت موجودة في غزة لأحياء قريبة منها لتنفيذ عمليات اغتيال، ومنذ ذلك الزمن لم يعتقل أي عميل شارك في هجمات فهم لا يمتلكون الجرأة لمثل ذلك، لأنهم يعلمون أن مثل هذا الخطر يعني انكشافهم وقتلهم بسهولة.
والسيناريو الأخير حول إمكانية مشاركة العملاء في مثل هذه العملية يشير إلى أنهم خارج الحسابات باحتمالات كبيرة، وأن احتمال أن يقوموا بمثل هذه العملية ضعيف جدا على الرغم من تورطهم قبيل سيطرة حماس على غزة بفترة قصيرة في وضع سيارتين مفخختين على جانب طريقين مختلفين لقياديين من المقاومة، ما أدى لاغتيالهما في فترة قريبة لا تتعدى الأسبوعين بين الأول والثاني، وهما خالد الدحدوح وأبو يوسف القوقا، وهما العمليتان الوحيدتان اللتان تجرأ فيهما عملاء على الوصول لهذه النقطة من الخطورة في المشاركة بعمليات قتل مباشرة.
* قوة كوماندوز بحري
يعتبر ساحل قطاع غزة خاصرة ضعيفة أمنيا، نظراً لطوله وعدم قدرة الأمن على متابعته بأكمله بشكل دائم، وتسلل قوة كوماندوز من البحر واللجوء لتغيير ملابسهم في وقت قياسي من أحد الثغرات الأمنية على الساحل أمر وارد، ولكن الدخول لمناطق سكنية يحتاج أيضا لمساعدة من الداخل، بتوفير سيارة للقوة، والاستدلال على المكان. وقد تكون مهمة عميل واحد سهلة في ذلك، وليس المشاركة في عملية القتل بحد ذاتها.
وفي السيناريو الماثل أمامنا نجد أن عملية الانسحاب قد تكون سهلة ولكنها معقدة في بعض النقاط الصغيرة المتعلقة بنقطة العودة من ذات نقطة الوصول، أو تحديد نقطة أخرى أو الانسحاب من منطقة برية ومشاركة عملاء في ذلك تبقى محدودة فكثرة الحركة بمنطقة الحادثة كانت من الممكن أن تؤدي لكشفها، لكن عملية القتل والكشف عنها متأخرا بعد وقوعها بنحو ساعتين يشير إلى أن التنفيذ كان سريعا، ومن أشخاص قد لا يتعدى عددهم ثلاثة أو اثنان أحدهما نفذ وآخر ساعد .
والمنطقة التي نفذت فيها عملية الاغتيال نقطة ضعيفة أمنيا ولكن بعض الكاميرات الموجودة في محال ومنازل قريبة قد تكشف عن خيوط لهذا السيناريو، ولكنه يبقى ضمن احتمال ضعيف أيضا، خاصةً وأن المؤشرات تشير إلى أنه لم تسجل أي حركة غريبة من تلك الكاميرات، ما يشير إلى اعتماد المنفذين لخطة محكمة في الدخول للمكان من أماكن غير مرئية للعيان.
* قوة تحت غطاء مؤسساتي أجنبي
يعتمد الموساد الموكلة له مهام التصفية خارج فلسطين على عمليات اغتيال تنفذ تحت غطاء شركات أو مؤسسات وهمية من خلال أشخاص يحملون جنسيات مختلفة.
قد يكون جهاز الأمن العام "الشاباك" المسؤول عن الهجمات داخل فلسطين، قد اعتمد ذات الأسلوب، خاصةً في دخول أشخاص يحملون جنسية مزدوجة غير مكتشف منها سوى الجنسية الأجنبية لدولة ما، حيث تمتلئ غزة بالأجانب والمؤسسات والوفود العاملة في مجالات عدة، ويدخلون جميعهم عبر حاجز إيرز.
وقد يكون هذا السيناريو الأقرب، لكن بعض الأسباب قد تدفع نحو أن يكون احتمالا ضعيفا أيضا، خاصةً وأن جهاز "الشاباك" لا يمكن له أن يخاطر بحياة عناصره خشية اكتشافهم، وأن خروجهم من غزة بعد تنفيذ العملية بأيام من خلال حاجز إيرز باعتبارهم أجانب سيكون أخطر على حياتهم في حال تنفيذ حماس حملة ضدهم لاكتشاف القتلة.
ويبقى هذا الاحتمال موجودا، ولا بد أن يكون المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون قد وفروا عودة آمنة لهم وانسحابا هادئاً، وقد سبق أن نجح صحافيون إسرائيليون يحملون جنسيات أجنبية من الدخول لغزة وإعداد تقارير ومقابلة قيادات من حماس دون مشاكل ليكتشف فيما بعد أنهم إسرائيليون وعملوا تلك التقارير لقنوات عبرية.
* إخفاء أدلة الجريمة
إن إخفاء أدلة الجريمة من قبل المنفذين وعدم العثور على ما يمكن الوصول إليهم يشير إلى حرفية عملية الاغتيال، ولذلك فان كل السيناريوهات والاحتمالات تبقى مفتوحة أمام حقيقة ما جرى والأيام ستكون كفيلة بكشف الحقائق.