افراسيانت - زكريا شاهين - يبدو انه ومع أن استقراء خمس سنوات من الأحداث الكثيفة والمتوالية خاصة فيما يخص الوضع في سوريا , فان قراءة للموقف الأمريكي الذي بدا – طيلة هذه الفترة –الأكثر غموضاً وجدلاً .
اذن وخلال خمس سنوات مضت من عمر القضية السورية والعالم لا يزال يسمع من الإدارة الأمريكية أنه « لا حل عسكري في سورية .. والحل الوحيد هو الحل السياسي ".
لكن ذلك لا يعني خاصة بعد حالة الاستقطاب الشديدة بين الغرب والشرق وتحديدا بين روسيا والولايات المتحدة الامريكي , أن الولايات المتحدة الأمريكية تنوي التدخل في سورية لحسم الصراع بالقوة على نحو ما فعلته أمريكا في العراق عام 2003 ، أو في ليبيا عام 2011 . اذا ما الذي تلوح به امريكيا من خلال الترويخ لخطة ما تسميها الخطة " ب" .
هذا النوع من القراءات ربما يكون له رصيد من الواقع ، لكن على ما يبدو وقبل طرح الخطة التي تروج امريكيا , أن إدارة « أوباما » تدير الصراع السوري على أساس فكرة « ألا حل عسكري » في سورية بمعنى أنه غير مسموح لأي طرف من أطراف النزاع أن يحرز نصراً حاسماً على الأطراف الأخرى يفضي إلى فرض رؤية أحادية ، ويجب أن تمضي الأمور باتجاه واحد ، بحيث لا يظهر منتصر في الصراع ولا مهزوم . والشيء المقبول هو أن يمضي الجميع إلى مستويات من الضعف تجعلهم يقبلون بالحلول السياسية التي تفرضها " التوازنات الدولية" .
بالحديث عن « التوازنات الدولية » فإن أمريكا تعمل أيضاً على جعلها راجحة لمصلحة « العم سام » ، فأعداء أمريكا المفترضون هم جزء أساسي أصلاً من الصراع السوري والمطلوب أن يدب الضعف فيهم قبل غيرهم ، والحديث هنا عن « روسيا وإيران » ، وبالتالي فإن مآلات الأمور يجب أن تأتي وفقاً للرؤية الأمريكية التي يمكن تلخيصها بأن سورية المستقبل يجب أن تكون : " بحسب الزعم الامريكي" ,دولة ديمقراطية تعددية ، تضمن حقوق جميع المواطنين السوريين بالحرية والمواطنة ، وتحقق العدالة الانتقالية ، دولة تصالحية مع الجوار ، لا تحتضن الإرهاب الذي من شأنه أن يهدد الأمن القومي لأمريكا وحلفائها ، مع الالتزام بالمحافظة على قواعد الاشتباك التي سادت لأكثر من أربعة عقود فيما يتعلق بالجولان .
لكن الامور لم تعد كما تريدها الولايات المتحدة الامريكية , اذ انها في حالة تخبط خاصة وهي تقف امام رئيس قادم , قد يبقي الحال كما هو علية , او القيام بخطوة دراماتيكية تغير قواعد اللعبة بحسب اهواء ومصالح اميريكا.
ومع التحسب للمفاجآت ومع الأخذ بعين الاعتبار أن المعركة قد تطول كثيرا من جهة ، ومن جهة أخرى قد تفرز المعركة ما ليس في الحسبان ، كأن تصل مستويات الهجرة إلى حدود غير مسبوقة ولا مستطاعة ، وقد يتسلل الإرهاب إلى زويا شديدة التحصين في العالم ، فالإرهاب أصلاً هاجر من جحور متعددة من العالم وقد يعود إلى الجحور التي خرج منها ليفجر حيث طالت يده .
فعندما بدا أن أطراف النزاع في سورية « لا يتعبون » و « لا يضعفون » لأسباب موضوعية كثيرة أهمها أن « دعم الصراع » هو خارجي ، جنحت أمريكا لخيار « الهدنة » المتضمن وقف الأعمال العدائية من جميع الأطراف ، وإفساح المجال للحل السياسي الذي ينتج حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة ، وتتولى عملية " محاربة الإرهاب ".
لكن الهدنة التي أرادتها أمريكا مهددة بالانهيار إن لم تكن منهارة فعلاً ، وهي تدرك "أمريكا" أن التحالف الداعم للنظام في سوريا »لن يرضى بالحلول الامريكية ، الأمر الذي لا ترضاه أمريكا حتى ولو ظهرت أمريكا للمراقب السطحي بأن دورها ضعيف وثانوي أمام روسيا وإيران .
من هنا تبدو « الخطة ب » التي تحدثت عنها إدارة أوباما مؤخراً , ستكون لها مفاعيل على الأرض أقلها أن تخشى الأطراف ذلك التهديد الأمريكي فترتدع عن زعزعة مسار الهدنة التي بدأ سريانها في 27 شباط فبراير الماضي.
صحيفة « وول ستريت جورنال » كشفت عن فحوى الخطة الأمريكية بخصوص سورية ، والتي باتت تعرف بـ « الخطة ب » ، وتتضمن تزويد فصائل من المعارضة السورية بالسلاح . وأوضحت الصحيفة أن « وكالة الاستخبارات المركزية » وشركاءها الإقليميين وضعوا خططا لتوفير المزيد من الأسلحة القوية " للثوار المعتدلين" في سورية ، الذين يقاتلون النظام المدعوم من روسيا ، تحسباً لانهيار كامل للهدنة .
ووفقاً للتقرير الذي نشرته « مجلة العصر » ، فإن مسؤولين أفادوا أن الاستعدادات لـ « الخطة ب » بتسليح المجموعات التي تخضع لاختبارات معينة من الثوار المقاتلين ، من شأنها أن تساعدهم في توجيه هجمات ضد مواقع طائرات النظام والمدفعية السورية . كما تلقى أعضاء التحالف تأكيدات من وكالة المخابرات المركزية بأنها ستمنح الموافقة على توسيع الدعم للمعارضة السورية المعتدلة .
تضيف الصحيفة : اتفق أعضاء التحالف على الخطوط العريضة لـ « الخطة ب » ، ولكن هذا مرتبط بموافقة « البيت الأبيض » على قائمة أنظمة أسلحة محددة للخطة البديلة ، قبل أن يتمكنوا من إدخالها إلى أرض المعركة ، فيما قال مسؤولون في وكالة الاستخبارات المركزية : إنهم أوضحوا لحلفائهم أن أنظمة الأسلحة الجديدة - حال الموافقة عليها - لن تُسلم للثوار إلا إذا انهارت الهدنة ، واستُؤنف القتال على نطاق واسع وهو ما يحدث فعليا على الارض.
يشدد المسؤولون الأمريكيون على أن هذه الاتفاقية تأتي لتصعيد الموقف إذا لزم الأمر ، ونقلون عن رسالة وكالة المخابرات المركزية للتحالف أن التركيز الرئيسي للإدارة الأمريكية الآن يتمثل في إيجاد طرق للدفع بوقف الأعمال العدائية والمفاوضات السياسية . وأفادت الصحيفة أن تطوير قائمة الأسلحة هو جزء من جهد أوسع لإدارة أوباما وراء الكواليس ، لردع خصومها في الصراع السوري ، وكذا لمنع شركائها في التحالف « السعودية وتركيا » الذين يدعمون المعارضة المعتدلة من أخذ زمام الأمور بأيديهم ,
الغريب هنا ووفقا للصحيفة , فان وكالة المخابرات المركزية أبلغت شركاءها في التحالف - بما في ذلك تركيا والمملكة العربية السعودية - بأن الولايات المتحدة سوف تسمح للتحالف ضد الأسد بضخَ المزيد من الأسلحة ، لكن مع تحذيرات من تسليم أسلحة من وراء ظهر واشنطن , وان الاهتمام الرئيسي يتركز للوكالة على أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف ، والمعروفة باسم « أنظمة الدفاع الجوي المحمولة » . وخوفا من وقوعها في أيدي الإرهابيين ، فإن هدف وكالة المخابرات الآن هو منع إرسال المزيد منها دون حسيب ولا رقيب في منطقة حرب .
بامقابل مع ما نشرته صحيفة « وول ستريت » عن الخطة الأمريكية ، تحدثت وكالة « سبوتنيك » الروسية عما أسمته « خطة الكرملين في سورية » . وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية « ديمتري بيسكوف » : عند الطرف الروسي خطة واحدة ثابتة تتلخص في بذل قصارى الجهد لمساندة مساعي حل القضية السورية بالطرق السلمية ، ومواصلة الكفاح ضد الإرهاب ، ومساندة السلطات الشرعية السورية أثناء مكافحة الارهاب.
السؤال هما , هل تغامر الولايات المتحدة الامريكية بضخ الاسلحة مجددا الى المعارضة السورية بعد فشل كل خططها في هذا المجال واعترافها بان من دعمتهم بالتدريب والتسليح تحولوا الة جهة معادية للخطط الامريكية وان مت مجمل ما تم تدريبهم لم يبقى سوى نفر قليل لا يتعدى عدد اطراف الاصابع.
تفاصيل الخطة (ب) في سوريا
وفي التفاصيل , صرح الجنرال الأمريكي المتقاعد جيمس ستافريديس القائد السابق لقوات التحالف بحلف شمال الأطلسي (ناتو)، أن الخطة الاحتياطية أو الخطة "ب" التي تحدث عنها وزير الخارجية الأميركي جون كيري -في حال فشل اتفاق "وقف الأعمال العدائية" في سوريا- قد تتضمن عملا بريا تستثنى روسيا منه.
وأكد جيمس ستافريديس نقلاً عن شبكة (سي إن إن) الأمريكية أن الخطة باء ستكون حملة برية في سوريا دون مشاركة روسيا، واعتقد أنها في الأغلب ستتضمن في مرحلة من المراحل إقامة منطقة حظر للطيران في منطقة آمنة يمكن فيها بناء معارضة معتدلة.
وأضاف "على الأرجح ستتضمن هذه الخطة مشاركة قوات برية من دول مجاورة، مضيفاً، ستكون حملة معقدة وفوضوية، ونأمل في أن نتمكن من استقطاب روسيا لجانبنا، ولكنني غير واثق من ذلك.
وايضا وفي المقابل , أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه لا توجد أي خطة بديلة عن البيان الروسي الأميركي المشترك حول وقف إطلاق النار بسوريا، وأنه لن تظهر أي خطط أخرى من هذا القبيل مستقبلا.
أضاف في حديث للصحفيين أدلى به الخميس الماضي أنه آمل في أن يضمن تسلسل السلطة القائم في الولايات المتحدة التزامها بالتعهدات وبالاتفاق الذي خلص إليه رئيسا البلدين بوتين وأوباما الخاص بوقف العمليات العدائية في سوريا.
الخيارات معدومة في كل الحالات , اذ لا احد يتوقع ان تذهب الولايات المتحدة او حلف الناتو الى صدام مع .روسيا على وجه التحديد , كذلك فان ما يتعلق بتسليح المعارضة السورية باسلحة نوعية , يبقى موضع شك , خاصة بعد التجربة الامريكية في هذا المجال والذي جئنا على ذكره .
يعتبر السفير الأمريكي السابق لدى موسكو، مايكل ماكفول، الاثنين 7 نوفمبر/تشرين الثاني، أن قدرات واشنطن على التأثير على المعارضة السورية المعتدلة مبالغ فيها.
يقول في حديث لوكالة "إنترفاكس": "أولا، أرى مبالغة كبيرة في الاعتقاد أن هؤلاء المتمردين (المعارضة السورية المعتدلة) يستمعون بانتباه بالغ إلى ما تقول الولايات المتحدة. نحن لا نتحكم في هؤلاء المتمردين بقدر ما يظن كثيرون".
واعتبر ماكفول أن "الجيش السوري الحر" والآخرين لا يصغون للأمريكيين لأنهم "يشعرون بخيبة أمل" لأن "الولايات المتحدة لا تقدم إليهم المساعدة التي يريدونها".
وشدد ماكفول على أن الأمر مشابه بالنسبة للعلاقات بين روسيا وبشار الأسد، فـ "من الخطأ الاعتقاد بأن الرئيس بوتين يمكنه الاتصال بالأسد ليقول له ماذا يفعل".
واعترف السفير الأمريكي السابق لدى روسيا بوجود مشاكل في الفصل بين الإرهابيين والمعارضة المعتدلة.
وقال: "نقرأ بالإنترنت أن "النصرة" يتواجد في مكان ما وأن "النصرة" تنظيم إرهابي. لكن في الواقع، كل شيء مختلط على الأرض والميول الأيديولوجية متحولة بدرجة كبيرة. إنهم جميعا ضد الأسد ويتلقون أموالا ممن يقدمها إليهم. فمن عائلة واحدة يمكن أن يكون هناك من نعتبره إرهابيا وآخر ممن نعتبره من المعارضة المعتدلة. في الواقع، جميعهم يعيشون سويا ويحاربون ولديهم أهداف مشتركة".
لا شئ يدفعنا للقول بان كل شئ وارد بما في ذلك تتدخل امريكي مكشوف , فالولايات المتحدة ومنذ ان اعلنت عل لسان اكثر من مسؤول لديها بانها تهدف الى دفع المنطقة الى ما اسمته " الفوضى الخلاقة " وهي تتعامل مع حروبها بالوكالة وهنالك الكثيرون على استعداد لخوض هذه الحروب ...فما الذي يمكن ان يتغير ؟
لنتظر!!