افراسيانت - سيد المختار - أكد نائب رئيس حكومة الوفاق في ليبيا أحمد معيتيق الأربعاء أن بلاده ترفض بشكل قاطع أي تدخل عسكري أجنبي على أراضيها.
وجدد معيتيق موقف حكومة الوفاق الوطني خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية الجزائري عبد القادر مساهل، الذي أكد بدوره أن الجزائر تشاطر ليبيا الموقف نفسه.
أولويات المرحلة
وفيما يعلق الاتحاد الأوروبي أملا كبيرا على منح حكومة الوفاق الوطني ترخيصا لدول الاتحاد للتدخل من أجل محاربة الهجرة، وإرسال وحدات عسكرية للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي؛ يبدو رئيس الحكومة فايز السراج منشغلا بترتيب البيت الداخلي الليبي وانتزاع الشرعية الدستورية لحكومته.
وكان وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي قد بحثوا في لوكسمبورغ وثيقة أعدها دبلوماسيون أوروبيون حول إمكانية إرسال بعثة للمساعدة إلى ليبيا من أجل تدريب وتجهيز القوات الليبية. ولدى مشاركته عن بعد في الاجتماع، ناشد السراج الأوروبيين مساعدة بلاده في هذه المرحلة الصعبة من تاريخها، من دون أن يمنح موافقته بشكل صريح على التدخل الأجنبي، وهو ما لم يكن في حسبان الأوروبيين، بحسب مراقبين.
على أن رئيس حكومة الوفاق يضع في مقدمة أولوياته حاليا الحصول على ثقة نواب برلمان طبرق المعترف به دوليا، وضمان الأمن الداخلي الذي يؤرق المواطنين، وإزالة الأعباء المالية التي تثقل كاهل الليبيين، وبسط سيطرته على جميع المناطق، ووضع قطار مؤسسات الدولة على السكة من جديد.
ويريد السراج من ترتيب هذه الأولويات تقويض الحكومتين الموازيتين في طرابلس وبنغازي، وكسب ولاء أكبر عدد ممكن من الليبيين من أجل خلق المناخ المناسب لضمان الاستقرار، وتجريد المليشيات المنتشرة في البلاد من أسلحتها.
هواجس أوروبا
أما الدول الأوروبية، فإن دافعها الرئيس لطلب التدخل هو خوفها الشديد من تحول ليبيا إلى دولة فاشلة تسيطر عليها المنظمات الإرهابية والمهربون.
وتريد أوروبا حسم الأمور مبكرا عبر وضع حد لفوضى تهريب البشر والسلاح، والتخلص نهائيا من كابوس "داعش" التي باتت على بعد مئات الكيلومترات من القارة العجوز. ذلك، رغم الدعوات الدولية لعدم المغامرة من جديد في ليبيا، والتي كان على رأسها دعوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى عدم التدخل من دون موافقة جميع الأطراف الليبية ووجود غطاء دولي.
كما تخشى دول الاتحاد من عودة اللاجئين إلى استخدام طريق البحر الأبيض المتوسط للعبور نحو أوروبا، وخاصة بعد إغلاق طريق اليونان. لذا تريد السماح لها بتوسيع دائرة تدخل قوات خفر السواحل "عملية صوفيا" لتشمل الشواطئ الليبية.
وتدفع الدول الأوروبية القريبة من ليبيا، مثل: إيطاليا وفرنسا وبريطانيا؛ باتجاه تبني الخيار العسكري للحد من الأعباء التي يشكلها المهاجرون غير الشرعيين، وتحجيم المخاطر التي يشكلها الإرهاب على هذه الدول.
ومن شبه الأكيد أن دول أوروبا ستبدأ في تدريب أفراد الجيش والأمن الليبيين قريبا؛ وهو ما أكده وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير خلال زيارته إلى العاصمة الليبية طرابلس.
كما أكد وزير الدفاع التونسي فرحات حرشاني أن بلاده تدرس حاليا إدخال تعديلات على قوانينها للسماح بدخول بعثات عسكرية لتدريب أفراد الأمن الليبيين على أراضيها.
التناقض في ترتيب الأولويات بين أوروبا وليبيا جعل مراقبين يحذرون من خطر فرض سيناريوهات من الخارج في ظل رفض غالبية الليبيين التدخل الأجنبي في بلادهم.
كما ترفض الدول المجاورة لليبيا بشدة أي تدخل عسكري أجنبي، خوفا من تدهور الأوضاع والقضاء على الآمال التي يعلقها العالم على حكومة الفرصة الأخيرة مع الانعكاسات السلبية التي قد يجرها ذلك على المنطقة بأكملها.
ويجب على العالم انتظار أن تنتزع الحكومة الليبية شرعيتها الدستورية عبر تصويت البرلمان من أجل أن تتمكن من إعطاء الترخيص أو منعه لأي تدخل عسكري محتمل؛ إذ من دون حصول الحكومة على ثقة البرلمان المعترف به دوليا، سيكون منح أي ترخيص من هذا القبيل توقيعا على نهايتها في الداخل.