افراسيانت - زكريا شاهين - بدأ وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في مدينة إسطنبول، الثلاثاء 12 إبريل 2016، اجتماعهم التحضيري للدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي (دورة: الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام)، التي تستضيفها جمهورية تركيا خلال الفترة 10 ــ 15 إبريل 2016.
ومن المفترض ان يناقش الاجتماع على مدى يومين مشروعي جدول الأعمال وبرنامج عمل الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي التي ستعقد خلال يومي إبريل الجاري.
يبحث وزراء الخارجية الوثائق الختامية المقدمة للقمة الإسلامية والخاصة بكل من قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، حالات النزاع في العالم الإسلامي والهجرة، وضعية المجتمعات المحلية المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
وتتضمن الوثائق المقدمة ملفات الإسلاموفوبيا والوضع الإنساني في العالم الإسلامي والخطة العشرية الجديدة 2015-2025 لمنظمة التعاون الإسلامي. ويبحث مجلس وزراء الخارجية أيضاالأوضاع الراهنة في كل من سوريا، اليمن، ليبيا، أفغانستان، الصومال، مالي، جامو وكشمير، البوسنة والهرسك، والوضع بين أرمينيا وأذربيجان، وغيرها من الدول الإسلامية التي تشهدنزاعات وأوضاع أمنية غير مستقرة، على أن يتم رفع التوصيات والمقترحات بشأن تلك القضايا إلى مؤتمر القمة الإسلامي.
لكن مراقبين يرون ان تركيا وهي المستضيفة للمؤتمر ، لا بد وان تستفيد من الوضع خاصة انها يمكن ان تعود لكيل الاتهامات الى روسيا ، بعد ان وصلت الامور بين الدولتين الى ما يشبه الطريق المسدود.
الاحتمال الذي يطرحه المراقبون ان تركيا قد تحاول ان تضع موضوع اقليم القرم الذي عاد الى روسيا باستفتاء شعبي ، من جانب الادعاء بانها تساند تتار القرم المسلمون ، لانهم على حد زعمها يتعرضون الى اضطهاد روسي .
والوقع انه ليست المرة الاولى التي تخرج هذه الاتهامات من تركيا ، فقد سبق لرئيس الوزراء التركي ان تحدث اثناء زيارته لاوكرانيا عن الموضوع ، فيما كشفت وسائل الاعلامية متعددة عن توجهات تركيا التي تصر في اي ظهور لمسؤوليها بكيل مثل هذه الاتهامات .
في اوكرانيا وكما جاء في تغطية هذه الزيارة اعلاميا ، كان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو منغمسا بالعصبية والتوتر الشديدين ، حيث كال الاتهامات لروسيا يمينا ويسار,
هو اتهم روسيا مباشرة بأنها تتصرف في سوريا كمنظمة إرهابية. بل وتوعدها برد قوي في حال إذا ما واصلت، حسب رأيه، التصرف كمنظمة إرهابية ترغم المدنيين على الفرار. رغم انه من المعروف ان القسم الاكبر من القوات الروسية قد تم سحبه، كذلك من الواضح ان الروس يركزون على محاربة الارهاب ضد التنظيمات التي لم تستجب للهدنة.
طبعا لم ينس رئيس الوزراء الإسلامي المحافظ توجيه أصابع الاتهام إلى دور موسكو "الفظيع"، فاتهمها باستخدام أكراد سوريا، مشيرا إلى أن "وحدات حماية الشعب الكردية هي حاليا وبصورة واضحة بيدق ضمن المساعي الروسية التوسعية في سوريا".
يرى محللون ان تركيا وقعت في مأزق فقدان الثقة، الذي تحول بدوره إلى حالة من التطرف المَرَضي عبر تحركات وإجراءات جاءت في معظمها حادة ومفاجئة وبعيدة عن المنطق السياسي والدبلوماسي. وعلى خلفية تورطها في علاقات مع ومنظمات تصنف بإرهابية ، وابتزاز أوروبا بإغراقها باللاجئين السوريين، وتسخين الأجواء باستعداء الناتو ضد روسيا، أصبحت تركيا تسير في اتجاه واحد، حارقة كل الجسور خلفها. بل وتغامر أثناء سيرها إلى الأمام باعتماد سيناريوهات تخالف التفكير السليم ومنطق العلاقات السياسية والدبلوماسية. وربما كانت زيارة داود أوغلو لكييف والإدلاء بتصريحات قصيرة النظر ضد روسيا، وتشجيع مجموعة الليبراليين الجدد في عدائهم لروسيا وللروس، ربما كانت أكثر إساءة لأنقرة نفسها عندما تضع نفسها جنبا إلى جنب مع المجموعة الحاكمة في كييف. بل وذهب داود أوغلو في تصريحاته إلى الإعلان عن دعم سلطة كييف، نكاية في روسيا ومواقفها، وتطرق إلى شبه جزيرة القرم ليخلط الأوراق بشكل مثير للتساؤلات في. وأكد في الوقت نفسه على أن أنقرة لن تعترف بما أسماه الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم.تدرك تركيا أن اللعب في مسألة القوميات والديانات، سواء في أوكرانيا أو في شبه جزيرة القرم، قد يؤدي إلى عواقب لا يمكن أن تتخيلها أنقرة الأردوغانية.
إن رئيس ما يسمى بـ "مجلس تتار القرم" مصطفى جميلوف اعتبر أن تركيا مستعدة لبحث توريد العتاد لأوكرانيا، كما أعرب عن أمله في أن يقدم الناتو على حصار شبه جزيرة القرم الروسية. واعترف جميلوف، في حديث أدلى به لصحيفة "أر بي كا" الروسية الأربعاء 10 فبراير الحالي، بقوله: "لقد نقلت قبل 3 أيام لوزير الدفاع الأوكراني رسالة من وزارة الدفاع التركية التي أشارت فيها إلى استعداد أنقرة بحث مسألة توريد العتاد اللازم لأوكرانيا". كما كشف عن زيارة مرتقبة لوفد عسكري تركي إلى أوكرانيا، مشيرا إلى أن توريد الأسلحة لهذا البلد يتطلب موافقة حلف الناتو، في حين يمكن لتركيا أن تزود أوكرانيا بأسلحة تركية الصنع لا تخضع لقيود التصدير الأطلسية.علما بأن تتار القرم في شبه الجزيرة لا يعترفون بجميلوف والمجموعة التي تعيش معه في كييف. كما أن تتار روسيا وهيئاتهم الشعبية لا يعترفون أيضا بـ "المجلس" أو بأي دور له في تقرير مصير التتار سواء كانوا في القرم أو في أي مكان في روسيا، ولا يقيمون معه أي علاقات أو اتصالات.
تركيا تكيل الاتهامات لروسيا ، فيما توغل في دماء مواطنيها الاكراد ،وتواصل العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش التركي حاليا ضد حزب العمال الكردستاني في البلدات والمدن ذات الغالبية الكردية في جنوب وشرق الأناضول.
وفي هذا السياق، قال داود أوغلو: "نحن نبذل جهودنا كي لا يتأثر المدنيون، ولكن العمليات في كل من مدينة سيلوبي وجيزرة ستستمر لحين الحصول على النتائج المبتغاة، ولن يكون هناك أي انسحاب (للجيش التركي) قبل تنظيف المنطقة من الحواجز في الطرقات"، مشيرا إلى أن "قوات الأمن ستبقى هناك، وستتم السيطرة على كل شارع، إنْ تطلّب الأمر، وسيكون واضحا بالنسبة للمنظمات الإرهابية بأن تركيا لن تستسلم للإرهاب".
في كل الاحوال ، ستبذل تركيا جهدا كبيرا في مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي . ولكن هل ستنجح في ذلك ؟ لابد من الانتظار لرؤية النتائج وان كانت الدول التي تحضر المؤتمر حريصة على علاقتها مع روسيا ولا تريد الانجرار وراء الهدف التركي.