حكومة الوفاق تطالب الغويل في الغرب والثني في الشرق تسليمها مقاليد الحكم بالبلاد.
افراسيانت - الجمعي قاسمي - تونس - تخشى الأوساط السياسية الليبية أن يُساهم قرار المجلس الرئاسي الليبي برئاسة فائز السراج، الذي اعتبر فيه أن حكومة الوفاق الوطني التي شكلها هي “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الليبي”، في بعثرة قواعد الاشتباك السياسي والعسكري في البلاد، بما يُعيد المشهد الليبي إلى المُربع الأول من الاقتتال، لأنها لم تحصل على ثقة البرلمان المُعترف به دوليا.
وأثار هذا القرار الذي سارع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا مارتن كوبلر إلى الترحيب به، حفيظة واستياء العديد من القوى الليبية الفاعلة التي رأت فيه تجاوزا للبرلمان، ولمخرجات الحوار السياسي الليبي-الليبي الذي انبثق عنه المجلس الرئاسي والحكومة التي شكلها.
وأعلن المجلس الرئاسي الليبي الذي يحظى بدعم الأمم المتحدة، في بيان تلقت “العرب” نسخة منه، مساء السبت، بدء عمل حكومة الوفاق الوطني رغم عدم حصولها الرسمي على ثقة البرلمان المُعترف به دوليا.
واستند هذا المجلس الذي يتألف من تسعة أعضاء برئاسة فائز السراج، إلى بيان تأييد لهذه الحكومة وقعه في وقت سابق أغلب نواب البرلمان الذي يتخذ من طبرق بشرق ليبيا مقرا له، ودعا الأطراف الليبية المتنازعة إلى تسليم السلطة إلى حكومة الوفاق، وذلك في إشارة إلى حكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل التي تُسيطر على غرب ليبيا، وحكومة عبدالله الثني التي تُسيطر على شرق البلاد.
وطالب المجلس الرئاسي “المؤسسات السيادية والجهات العامة في الدولة الليبية وعلى رأسها المؤسسات المالية الرسمية بالبدء بالتواصل فورا مع حكومة الوفاق الوطني، وذلك لوضع الترتيبات اللازمة لتسليم السلطة بشكل سلمي ومنظم”.
كما دعا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية، منها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، إلى “وقف تعاملها مع أي سلطة تنفيذية لا تتبع حكومة الوفاق الوطني”.
واستبق المجلس الرئاسي بقراره هذا، الجلسة التي يُفترض أن يعقدها الإثنين البرلمان الليبي للنظر في منح ثقته لحكومة السراج المثيرة للجدل التي تتألف من 18 وزيرا.
وبهذا القرار، يُصبح المشهد في ليبيا تتقاذفه ثلاث حكومات الأولى في الغرب برئاسة خليفة الغويل، وهي تخضع لسيطرة جماعة الإخوان المسلمين وميليشيات فجر ليبيا الموالية لها، والثانية في الشرق برئاسة عبدالله الثني، المُتحالف مع الجنرال خليفة حفتر الذي يُسيطر ميدانيا، بينما الثالثة في تونس برئاسة فائز السراج الفاقدة لعوامل القوة، ولا تأثير لها على أرض الواقع.
واستغرب مراقبون توقيت صدور هذا القرار، ورأوا أن من شأنه تعقيد المشهد السياسي والعسكري في ليبيا، ما يعني أن الأطراف التي دفعت نحو هذه الحكومة الثالثة، وسارعت إلى تأييد الإعلان عنها، تريد بذلك إعادة خلط الأوراق من جديد والدفع بها نحو مربع الفوضى.
واعتبر المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل أن من شأن هذه الخطوة السياسية الخطيرة، عرقلة التوافق، والزج بالبلاد في نفق مُظلم، ولم يتردد في وصف بيان المجلس الرئاسي الليبي بـ”العبيط”، لأنه يؤسس لـ”حكومة منفى لا قيمة سياسية وميدانية لها”.
وقال لـ”العرب”، إن هذه الحكومة “ستُشكل عبئا سياسيا جديدا على المشهد الليبي الذي يئن تحت وطأة تراكم الخلافات، ليعود بذلك إلى المربع الأول الذي يُبقي الباب مفتوحا على مصراعيه أمام شتى الاحتمالات بالنظر إلى ضبابية الوضع التي تجعل أمراء الحرب في البلاد هم المستفيدون أولا وأخيرا من ذلك”.