القدس - افراسيانت - "حارة السعدية" إحدى حارات البلدة القديمة لمدينة القدس وتقع داخل أسوارها بين بابي الساهرة والعامود، وبالقرب من المسجد الأقصى المبارك، يحدها من الشمال سور القدس الذي أنشأه سليمان القانوني ومن الشرق عقبتا الشيخ شداد والبسطامي ضمن منطقة باب حطة، ومن الجنوب النزل النمساوي، ومن الغرب سويقة باب العامود.
سميت بهذا الاسم نسبة الى سكانها وهم من بني سعد أو السعديين إحدى القبائل التي جاءت مع الفاتح صلاح الدين الأيوبي لاستعادة القدس من أيدي الفرنجة (الصليبيين)، وهي من الحارات التي ما تزال تحافظ على تراثها المعماري الإسلامي.
وأكبر المعمرين سنا في حارة السعدية الحاج عبدالقادر البخاري"ابو محمد" الذي يقول : ولدت في حارة السعدية عام 1933 وما زلنا في نفس المنزل الذي يتوسط الحارة، وأملك محل كوي منذ أكثر من 70 عاما في الحارة وهو من أقدم المحال التجارية في البلدة القديمة من القدس.
واضاف: قديما كانت حارة السعدية تسمى ايضا بحارة الأكراد نسبة للأكراد الذين قدموا مع القائد الاسلامي الكبير صلاح الدين الأيوبي وأقاموا فيها ، وتسمى ايضا حارة المشارقة نسبة للمسيحيين الذين سكنوها ايام الصليبيين، وهي من الحارات المتميزة بوجود عدد كبير من مقامات الأولياء والشهداء منهم:الشيخ مكي، الشيخ ابو يزيد البسطامي، الشيخ المولوي، والشيخ ريحان وهو الصحابي ابوريحانة ام المؤمنين زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان قد سكن وتوفي فيها ، ومن منافذ هذه الحارة الرئيسة أيضا باب الساهرة شمال المدينة، حيث الطريق إلي المسجد الأقصى المبارك ومعظم السكان في هذا الحارة من المسلمين.
ولعل اهم ما يميز هذه الحارة كثرة الكنوز الرائعة من الآثار الإسلامية، ومنها مسجد المئذنة الحمراء وهو من أهم العمارات التي بنيت في العهد العثماني.
وأُنشىء المسجد عام 1533م وأُطلق عليه في النصف الأول من القرن السادس عشر اسم "مسجد الشيخ علي الخلوتي"، نسبةً إلى مُنشئه، ثمّ أُطلق عليه أهل القُدس اسم "مسجد المئذنة الحمراء" نسبةً إلى شريطٍ أحمر كان يُحيط شرفة مئذنته من الأعلى، ويتألف المسجد من مبنى ومصلى يقع في الناحية الجنوبية الغربية من المبنى، ومئذنة طويلة تمتاز بتصميم معماري متأثر بالعمارة المملوكية وهي من المآذن الدائرية التي ترتكز على قاعدة مربعة فوق الأرض، على عكس المآذن المحمولة على أبنية.
ويؤكد البخاري ان حارة السعدية تعتبر من اهم الحارات في البلدة القديمة من القدس وهي محط اهتمام وطمع الجماعات اليهودية المتطرفة والتي تتمكن بين الحين والاخر من السيطرة على منزل هنا ومبنى هناك، بمساعدة ضعاف النفوس وبإغراءات كبيرة وبطرق ملتوية.
ومن المعالم الاثرية في الحارة ايضا دير راهبات صهيون الذي يضم ديراً كبيراً حديثاُ، وكنيسة ومتحفاً صغيراً وبركة والزاوية الهندية التي سميت بهذا الاسم نسبة للعالم الصوفي الهندي بابا فريد شكركنج الذي قدم لمدينة القدس قبل نحو 800 عام وسُجّلت الزاوية كوقف هندي إسلامي خيري. وتسلمت عائلة الأنصاري ذات الأصول الهندية مسؤولية رعاية الزاوية قبل تسعة عقود.
وحول الاوضاع المعيشية يقول المواطن عمر عيد ابن حارة السعدية ان الاوضاع الاقتصادية هنا سيئة جدا, نحن صامدون هنا لانه لا يوجد لدينا بديل اخر, مشيرا الى وجود المستوطنين في الحارة الذين يتجولون تحت حماية امنية اسرائيلية وما يرافق ذلك من استفزازات تجاه سكان الحي.
ووان التزامات مالية باهظة يترتب عليها دفعها للمؤسسات الاسرائيلية في ظل الركود التجاري, وقال: نواجه ضغوطا اقتصادية مالية من اجل السيطرة على محالنا وقد عرضت علينا اغراءات كبيرة الا اننا رفضنا ذلك.
واشار الى انه قبل ايام دهمت طواقم اسرائيلية من ضريبة وبلدية وصحة وفرضت مخالفات وضرائب على بعض المحال في حارة السعدية، بادعاء افتقادها لشروط السلامة والصحة العامة.
ويقول سكان الحي ان اربعة محال تجارية على الأقل اغلقت ابوابها في حارة السعدية بسبب الركود التجاري حتى ان احد المحال التجارية حول لمنزل مطالبين بضرورة الوقوف الى جانبهم ومساندتهم ازاء ما يتعرضون اليه .
واخيرا لم تعد تلك الحارة كما يعرفها الجميع، فلقد اصبح مشهد العلم الاسرائيلي الذي يرفرف من نوافذ المنازل او مجموعة من الحراس الاسرائيليين المدججين بالاسلحة تسير في ازقة الحارة بهدف حماية مستوطن هنا وعائلة من المستوطنين هناك مشهدا غريبا شاذا ولكنه يومي.