افراسيانت - ما زالت مدينة تاورغاء الواقعة شمال غرب ليبيا، خالية ومهجورة تنتظر عودة سكانها الذين منعتهم قوات مسلحة من مدينة مصراتة من دخولها، وتأمل انفراجا قريبا يعيدهم إلى منازلهم لتستعيد معهم حياتها الطبيعية، وتبدأ بهم مرحلة جديدة من البناء والإعمار.
فعلى بعد حوالي 20 كلم منها فقط، تجلس حوالي 200 عائلة نازحة من تاورغاء داخل مخيمات عشوائية وهشة بمنطقة "قرارة القطف" وسط الصحراء، اقتلعت الرياح بعضها، وسط الغبار والبرد القارس، يضاف إليهم خطر لدغ لعقارب والأفاعي التي تسكن الكثبان الرملية وتتحرك داخلها، وتخرج أحيانا من جحورها إذا أحست بحركة تهدّد وجودها وتتقاسم معها مكانها.
ظروف بائسة وبدائية
تفترش النساء والأطفال والشيوخ طوال اليوم الرمال ويتلحفون السماء في شتاء قارس وظروف حياتية بائسة وبدائية غاية في الصعوبة، وسط مخاوف داخلية وخارجية من حدوث كارثة إنسانية في صورة استمرار هذه الأزمة لفترة أطوال، خاصة بعد تسجيل حالتي وفاة وعدة إصابات بنزلات البرد.
وفي هذا السياق، يستنكر سراج الدين سالم، الناشط من مدينة تاورغاء، لامبالاة المسؤولين بأوضاعهم وغياب أي مبادرة جدّية لإنقاذهم، مضيفا أن الوضعية تعقّدت بعد تسجيل وفاة رجلين في صفوف النازحين بسبب انخفاض درجات الحرارة ووجود خطر الإصابة بلدغ العقارب، لافتا إلى عدم وجود أي بوادر لحدوث تغييرات إيجابية في هذه الأزمة، في ظلّ استمرار بقاء النازحين للأسبوع الثاني على التوالي، بسبب تعنّت مدينة مصراتة وتمّسكها بمطالبها.
عراقيل ومطالبات
وتواصل الجماعات المسلحة التابعة لمدينة مصراتة منع أهالي من مدينة تاورغاء من العودة إلى مدينتهم، بسبب العراقيل التي تواجه تنفيذ اتفاق المصالحة بين المدينتين، بعد مطالبة جهات من المدينة بتأجيل عودتهم حتى تنفيذ كافة بنود الاتفاق الموقع بين المدينتين برعاية المجلس الرئاسي، والذي ينص على ضرورة تقديم تعويضات مالية وتسليم المطلوبين من تاورغاء لمصراتة.
وترجع أسباب العداوة بين مدينتي تاورغاء ومصراتة، إلى تاريخ اندلاع ثورة 17 فبراير بليبيا قبل 7 سنوات، عندما قام أهالي مدينة تاورغاء بمساندة كتائب معمر القذافي في الهجوم على مدينة مصراتة، الأمر الذي أدى إلى وفاة عدد من أبنائها، قبل أن تتمكن مدينة مصراتة من السيطرة على مدينة تاورغاء بعد نجاحها في هزيمة كتائب القذافي، وتقوم بترحيل سكانها وتهجيرهم انتقاما لوقوفهم في صف القذافي.
ورغم هذه العداوة بين المدينتين الجارتين، ترى عائلات مدينة تاورغاء أن التوصل إلى مصالحة ممكن، خاصة بعد بدء مفاوضات جديدة بين مجلس بلدية تاورغاء ولجان الحوار في مدينة مصراتة بوساطة من حكومة الوفاق الوطني، والتي تأمل أن تكون نتائجها إيجابية، ويتمّ بموجبها التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة بين المدينتين ويسمح لهم بالعودة إلى أراضيهم وحياتهم السابقة.