لندن - افراسيانت - داهمت الثعالب العاصمة البريطانية لندن، حتى أنها أضحت تتربص بقصر بكنغهام، وتحت الحافلات الحمراء ذات الطابقين، أو هكذا يبدو الأمر على الأقل عندما تتحدث وسائل إعلام مرارا عن تكاثر الثعالب بشكل هائل، وكثيرا ما يكون هذا الحديث عقب حوادث تكون فيها هذه الحيوانات ملفتة للانتباه بشكل غير مريح.
وقال ستيف بارون الذي يعمل في مكافحة الثعالب أثناء وضع كيسين أزرقين في سيارة النقل التي يقودها “أرى يوميا ما يصل إلى عشرة ثعالب في المدينة”.
وأوضح أنه قتل ثمانية ثعالب على مدى الأسبوعين الماضيين في حرم الجامعة شمال المدينة، مؤكدا أن “هذا أكثر إنسانية مما يفعله البعض بشكل شخصي في حدائقهم”. غير أن بارون يعلم أن مهنته لا تجعله محبوبا كثيرا حيث قال “الكثير من الناس يحبون الثعالب، ولكني أقوم بعملي فقط”، مضيفا أن الكثيرين لا يعرفون الخطر الذي يمكن أن تمثله الثعالب على البشر.
وتتفق هذه المقولة مع ما يتردد حاليا بشأن الثعالب حيث كتبت صحيفة الغارديان البريطانية، مؤخرا، عن الثعالب قائلة إن “الإرهابيين القاطنين في المدينة والناشطين ليلا يرتكبون اعتداءات وحشية”، مشيرة إلى أن ثعلبا جرح أحد كلاب شيواوا المعروفة بصغر حجمها وأحدث له جراحا جسيمة قبل عدة أشهر في إحدى الحدائق.
ونفقت في الصيف الماضي ثمانية من طيور البطريق في منطقة جنوب غرب لندن بسبب هجوم للثعالب. ولكن حادث هجوم ثعلب على طفل صغير عام 2013 عندما قضم الثعلب إصبعا من أصابعه يظل الأبشع حتى الآن. ونجح الأطباء في خياطة إصبع الطفل خلال عملية جراحية استمرت لعدة ساعات.
وأدلى بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني، بدلوه في هذه القضية عندما كان لا يزال عمدة لندن قائلا “ربما بدت هذه الثعالب ودودة ومحبوبة ولكنها تمثل وبالا وتهديدا لمدينتنا”.
وعندما أصبحت قطته على ما يبدو هي الأخرى ضحية لأحد الثعالب أصبح غاضبا إلى درجة أنه رغب في أن ينطلق حاملا بندقية “لكي يردي الثعالب أرضا”.
وأشارت داون سكوت، خبيرة بريطانية تدرس منذ سنوات سلوك الثعالب وتكاثرها في جامعة برايتون إلى أن انتقال عدوى أحد الأمراض الخطيرة لإنسان عبر الحيوانات الأليفة في منزله أكثر احتمالا من انتقالها إليه عبر أحد الثعالب التي تجوب المدينة.
ويرى ستيفان هاريس من جامعة بريستول أن النقاش بشأن هذه الحيوانات الضارية “يوظَف سياسيا بشكل هائل”.
وشدد هاريس، الباحث في علوم البيئة، على أن لوبي الصيادين وراء نشر إشاعات عن “تكاثرها الهائل” وأن هذه الإشاعات تنتشر منذ اعتماد حظر صيد الثعالب.
وكان صيد الثعالب تقليدا بريطانيا عريقا حيث إن الصيادين كانوا يلاحقون الثعالب باستخدام الخيول وأسراب الكلاب. ولكن البرلمان قرر عام 2004 وبعد نحو 700 ساعة من النقاش الحاد تحت قبته أن يستجيب للحجج التي ساقها حماة الحيوان لحظر صيد الثعالب.
ومنذ ذلك الحين فإن لوبي الصيادين لا يكل ولا يمل من تقديم تنبؤات وتوقعات تؤجج الخوف من “التزايد المفرط” في أعداد الثعالب. وبالفعل فإنه من الصعب معرفة أعداد الثعالب في بريطانيا على وجه الدقة.
ورغم ذلك فإن الكثير من التقارير تذكر أرقاما “نُزعت من سياقها” بحسب سكوت، مضيفة “وبذلك تساهم التقديرات المزيفة بشكل أساسي في الاعتقاد بأن هناك تكاثرا هائلا للثعالب في بريطانيا”. وقالت إنها جمعت خلال أبحاثها عن الثعالب في بريطانيا عينات من مناطق واسعة في البلاد أثبتت أن أعدادها لم تتزايد بشكل مرعب. وأفادت أن كبار السن بشكل خاص يشعرون بهدوء نفسي عندما يشاهدون الثعالب.