افراسيانت - "يلي بدو يكتب لفلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حالو ميت".
هذه العبارة العامية القصيرة والبسيطة اختصرت كل الحكاية، فمجرد الحديث عن فلسطين وقضيتها، حتى بـ"الرسم" قد يعني الحكم على صاحبه بالموت!
العبارة المذكورة قالها يوما من الأيام الراحل "ناجي العلي"، رسام الكاريكاتير الفلسطيني الأشهر في سياق حديثه عن الثمن الذي قد يدفعه بسبب رسوماته عن فلسطين التي سكنت روحه واحتلت هواجسه حتى آخر يوم في حياته وكانت سببا في اغتياله.
من هو ناجي العلي؟
ناجي العلي هو مواطن فلسطيني ولد عام 1938، في قرية الشجرة الواقعة بين مدينتي الناصرة وطبريا في الجليل الفلسطيني. عايش ناجي وقائع النكبة عام 1948، عندما هاجر قسرا مع أهله إلى جنوب لبنان، وسكن في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، ومنذ هجرته وحتى اغتياله فانه لم يستقر في بلد واحد.
علاقته بالصحافة والإعلام؟
بالرغم من أن ناجي العلي يحمل شهادة في ميكانيكا السيارات، إلا أن عمله كان بعيدا كل البعد عن ذلك، فقد ساقته الأقدار للعمل في الصحافة آنذاك، بعد أن اكتشفه الصحفي والأديب الفلسطيني غسان كنفاني عام 1961، عندما كان في زيارة لمخيم عين الحلوة، وشاهد إحدى رسوماته، وهي عبارة عن خيمة تعلوها يد تلوح، فنشرها له في مجلة "الحرية" العدد 88، لتبدأ منذ تلك اللحظة رحلة ناجي في بحر الصحافة والإعلام، حيث عمل فيما بعد في صحف الطليعة، والسياسة، والقبس، وهي صحف كويتية، وكذلك في صحيفة السفير اللبنانية. وقد عمل في هذه الصحف محررا ورساما للكاريكاتير.
السخرية العميقة والكوميديا السوداء
أربعون ألف رسم فني وكاريكاتير رسمها ناجي خلال خمسين عاما هي كل عمره. لا شك في أن ذلك رقم هائل جدا، وهو دليل على الحس الفني المرهف، والذكاء الحاد الذي تمتع به ناجي العلي.
رصاصة واحدة كانت كافية للوداع...
في مثل هذا اليوم من عام 1987، وفي العاصمة البريطانية لندن، كان ناجي على موعد مع الموت، رصاصة حاقدة في الرأس، من مسدس حمله قاتله "بشار سمارة" كانت كافية لإنهاء حياة شخص أصبح فيما بعد أيقونة فلسطينية مسجلة، ورمزا من رموز النضال الفلسطيني، وأحد أبرع الفنانين في رسم الكاريكاتير.
روايات عديدة أثيرت حول الجهة التي قامت باغتياله، حتى اتضح فيما بعد أن الموساد الإسرائيلي كان خلفها، بحسب تحقيقات السلطات البريطانية.