لا مخبأ أمام الإنسان من الهاتف الذكي والكومبيوتر والتلفزيون، ومكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي يؤكد أنه لا يوجد شيء يسمى 'الخصوصية المطلقة'.
افراسيانت - انهارت فكرة الخصوصية الشخصية إلى الأبد مع صدور أول وثيقة على موقع “ويكيليكس” تكشف تحول جميع الأجهزة الإلكترونية المحيطة بالبشر إلى “جواسيس” ترصد حركاتهم اليومية وما يقولونه ويفعلونه، إذ يتم ربطها بخط مفتوح مع أكثر أجهزة الاستخبارات قوة في العالم. ويتحول الهاتف الذكي والتلفزيون الذكي والسيارة وجهاز الكومبيوتر تدريجيا إلى حصون منيعة تضيق على مستخدميها حرية الحركة، وتمنح مؤسسات أمنية كبرى أوسع قاعدة معلوماتية في التاريخ البشري.
وقال جيمس كومواي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي، إنه “لا يجب أن يكون لدى الأميركيين أي أوهام حول الخصوصية المطلقة”.
واتهمت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) موقع ويكيليكس بمساعدة خصوم الولايات المتحدة عبر كشفه الوسائل التي تستخدمها الوكالة من أجل تحويل جهاز هاتف آيفون أو تلفزيون سامسونغ إلى أدوات تجسسية.
وقالت متحدثة باسم وكالة الاستخبارات هيذر فريتز هورنياك “على الرأي العام الأميركي أن يقلق من عملية نشر أي وثائق من قبل ويكيليكس تهدف إلى تقويض قدرة أجهزة الاستخبارات على حماية أميركا من الإرهابيين والخصوم الآخرين”.
وتتضمن وثائق ويكليكس وصفا لأكثر من ألف برنامج اختراق من فيروسات وغيرها، تسمح بالتحكم بأجهزة إلكترونية للتجسس على مستخدميها.
ويسمح اختراق هذه الأجهزة الشخصية بتجاوز شيفرات حمايتها مثل تلك التي تستخدم في تطبيقي “واتس آب” أو “سيغنال”.
وقال كومواي في ندوة بكلية بوسطن حول الأمان الإلكتروني “لا يوجد شيء اسمه خصوصية مطلقة. لا مكان في الولايات المتحدة خارج قدرة أجهزة تطبيق القانون على الوصول إليه”.
وأعلنت تصريحات كومواي موت الخصوصية الشخصية إلى الأبد. وفي الوقت الذي باتت فيه المنازل تعج بأجهزة تحوي كاميرات وميكروفونات، كأجهزة الكومبيوتر والتلفزيون وأجهزة المساعد الشخصي، كـ”أمازون إيكو” والمساعد الشخصي من شركة غوغل “غوغل هوم”، يعيش الناس زخما متصاعدا تجاه تشعب أجهزة تكنولوجية باتت تشكل حياتهم اليومية.
ويقول ألبرت غيداري، مدير قسم الخصوصية في مركز “ستانفورد” لأبحاث الإنترنت والمجتمع “لا أعتقد إن كانت ثمة خصوصية مطلقة عبر تاريخ البشرية كله. عندما تخرج إلى الشارع تفقد خصوصيتك، وعندما تصيح من النافذة متحدثا لشخص يقف في النافذة المقابلة، لا بد أن أحدهم سيستمع إلى المحادثة التي تدور بينكما”.
ويخشى متخصصون في مستقبل التكنولوجيا من أن يتحول الهاتف والكومبيوتر والتلفزيون مع الوقت إلى أعداء للمستخدمين.
لكن المؤيدين للتوسع التكنولوجي يقولون إن الصراع حول الخصوصية سينتهي قريبا بعدما يسلم المستخدمون بياناتهم الشخصية طواعية لشركات الهاتف والبنوك والشبكات الاجتماعية، ويقبلون التعايش مع عصر جديد لا خصوصية فيه.
وتتسابق تطبيقات المحادثات لتحصين نفسها من الاختراقات، لكن تسريبات ويكيليكس الجديدة تظهر أن أجهزة الاستخبارات لم تعد في حاجة إلى اختراق أنظمة حماية تطبيقات أو برامج كل على حدة، وبدلا من ذلك لجأت إلى اختراق أنظمة أي أو أس وأندرويد وويندوز المشغلة للهاتف أو جهاز الكومبيوتر أو التلفزيون الذكي.
واستدارت أجهزة الاستخبارات حول قوانين محلية غربية تمنع التجسس على المواطنين دون إذن قضائي مسبق، عبر التجسس على مجتمعات حليفة لها، والسماح لأجهزة استخبارات في هذه المجتمعات بالتجسس على مواطنيها، ومن ثم تبادل المعلومات بين الجانبين.
ويقول نيل ريتشارد أستاذ القانون في جامعة واشنطن، “لا نستطيع التجسس على المواطنين الأميركيين، ولكننا نستطيع التجسس على الآخرين في الخارج. إذا كانت أجهزة الاستخبارات أصدقاء في ما بينها، فيمكنها العمل معا بالوكالة، ولن يتبقى بعد ذلك سوى تبادل المعلومات”.