افراسيانت - تعيش مدينة الموصل حالة حرب منذ 100 يوم تتخللها غارات على مواقع داعش في أحد أكبر معاقله الأخيرة في العراق بعد أن فقد السيطرة على معظم المناطق التي استولى عليها في يونيو/حزيران 2014.
وقال عبد الرحمن رياض، الذي قتل والده ووالدته وشقيقه الأصغر في غارة جوية على الموصل، "دفناهم تحت أشجار البرتقال في الحديقة بانتظار مواراتهم الثرى في مكان آخر".
وأضاف عبد الرحمن، وهو يشير إلى ثلاثة أكوام ترابية مستطيلة، "هنا يرقد والدي وهنا والدتي وهنا أخي الصغير"، حيث قضى أفراد عائلته الثلاثة مع مدنيين أخرين في الحي الزراعي شرق الموصل، في غارة جوية، في السادس من يناير/كانون الثاني، أدت إلى تدمير ثلاثة منازل.
وتخوض القوات العراقية بغطاء جوي من التحالف الدولي وبقيادة واشنطن، معركة واسعة، منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول عام 2016، لاستعادة السيطرة على الموصل.
وأعلنت القوات العراقية، الثلاثاء 24 يناير/كانون الثاني، سيطرتها على كامل الجانب الشرقي من المدينة التي تقع شمال العراق.
يستذكر عبد الرحمن، الذي نجا مع شقيقه عدنان الذي يكبره بعامين، ذلك اليوم، بقوله: "انهار كل شيء من حولي.. رفعت الحطام ونهضت.. ناديت على أخي حتى أتأكد أنه لا يزال حيا.. كان مصابا في ساقه".
لا أحد يجيب
وتابع عبد الرحمن "بدأت بعدها بالبحث عن أخي الصغير وأمي وأبي وأنا أصرخ لكن أحدا لم يجب.. أرغمنا أنا وأخي بسبب المعارك على دفن أفراد عائلتنا في حديقة منزل جدنا القريب من بيتنا".
وقال عبد الرحمن بألم "كان علي أن أودع الثلاثة في يوم واحد.. دفنت جزءا من روحي معهم".
ويأمل الأخوان في أن يتمكنا من نقل رفات أقاربهم إلى مقبرة العائلة غرب المدينة، حيث يرقد جدهم، لكن ربما يتعين عليهم الانتظار طويلا لأن الأحياء الغربية لا تزال تحت سيطرة المسلحين، الذين يتوقع أن يبدوا مقاومة شرسة أمام تقدم القوات العراقية.
وفي مقبرة "قوقجلي" الواقعة في أحد الأحياء الأولى التي استعادتها القوات العراقية شرق الموصل، يقول حفار القبور فالح محمد: "إن الأهالي يحضرون يوميا نحو 10 جثث لدفنها مرة ثانية".
مرتان أو حتى ثلاث
ويضيف محمد وهو يواصل عمله، أن "مقابر بعض العائلات توجد في الغرب.. حيث سينقل الأهالي الجثامين مرة أخرى بعد استعادة الأحياء الغربية".
ويتابع وهو ينظر إلى شواهد القبور الممتدة في خط طويل، "كانت الأمور سهلة في السابق.. عندما يموت أحد يدفن مرة واحدة.. أما الآن فإن الناس يدفنون مرتين أو حتى ثلاث".
في غضون ذلك، توقفت شاحنة صغيرة قرب حفرتين، وبحرص شديد حمل أحدهم جثة والده الملفوفة ببطانية وقماش أبيض عليه بقع من الدم، فيما اختلطت رائحة الموت الحادة برائحة التراب الرطب.
القبران لشخصين قتلا قبل حوالى 3 أسابيع، جراء سقوط قذيفة هاون قرب منزلهما ودفنا في الحديقة.