قتلوا علي البزال

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


افراسيانت - نصري الصايغ - من يحتمل؟ من لا يمسه حزن مختلف؟ من يعرف خاتمة الأحزان؟ بفاجعة أم بتحرير متأخر، لأسرى، تذبحهم الإشاعة مراراً؟ أي صدر لأم يهجرها ابنها إلى الأبد كل يوم؟ ماذا يقول وطن؟ هل لديه لغة غير الغموض والصمت والارتباك والعلاج بالكتمان وتأكيد العجز؟

قتلوا علي البزال.
خائفون على فلذات من وطننا. إننا نقف على الرمق الأخير من الأمل، لدينا ما ينخعنا بقلق مقيم. نشاهد أهلاً بوجوه حقيقية ولغة وحيدة، «نريد أبناءنا» يقولون... يذبحهم هاجس الذبح. يزلزلهم رعب اتصال الخاطفين بهم. يمتثلون، ليس طاعة لأمر القاتل، بل خوفاً منه على أولادهم.
يقطعون الطرق، بقلوب قطعها وقع السؤال: «هل هذا ينجّي أبناءنا»، يضرمون النيران في دواليب لا تدور، نيران أقل من لهيب في الصدور، يتمنون لو تكوي القتلة.. من يلومهم، لا أب أو لا ابن أو لا أخ له. ليته.. وحدهم في مهب الألم، يتراكم ولا يتضاءل.
ألمٌ ينام في أسرّتهم ويمس لقمتهم فلا تمر في الحلوق بل مرارة. وحدهم، في مهب الأسئلة وانعدام الأجوبة، باستثناء الجواب المؤكد بالتقسيط حتى الآن: «لقد أعدمنا علي البزال.. و». لكن الموت لا يأتي سريعاً، ولا الحرية أيضاً.

قتلوا علي البزال.
خائفون على إبراهيم مغيط، علي المصري، علي قاسم علي، مصطفى علي وهبي، سيف ذبيان، عبد الرحيم دياب، محمد يوسف، خالد محسن، حسين عمار، جورج الخوري، ريان سلام، ناجي بو قلفوني، محمد القادري، إبراهيم شعلان، احمد غيه، وائل درويش، بيار جعجع، عباس مشيك، وائل حمصي، سليمان الديراني، ميمون جابر، صالح البرادعي، إيهاب الأطرش، لامع مزاحم، زياد عمر، محمد طالب، جورج خراقة، ماهر فياض، احمد عباس رواد بدر همين و.. و.. و..
خائفون، اللائحة الناقصة أعلاه، ليست لأسماء، بل لبشر حقيقيين، متصلين اتصال الدم والقلب والعين، بأمهات وآباء وأشقاء وشقيقات وأبناء.
أسماؤهم، متصلة ببيئة تعيش على إيقاع التوجس والقلق. هؤلاء جلجلة وصليبها محمول من أعداد لبنانية، تشعر بالعجز وضعف الأمل وفائق الرجاء. لا يعولون على السياسة، لأن الطرق إلى الفرج مقطوعة، والأبواب موصدة.

قتلوا علي البزال.
فلا تلوموا الأهل على ما يستطيعون إليه سبيلاً. ليس لديهم من وسيلة غير الصراخ. هذا الصراخ هو تعبير الحد الأدنى الذي تقدمه الطاقة البشرية. من يتذكر لوحة «الصرخة» لأدغارد مونخ؟ نحن نشبه تلك اللوحة. يا للوعة.

من أين يأتي الرجاء؟
منذ بدايات شهر آب، ولبنان في قبضة الخاطفين، أمسكوا بورقة. نفاذ اللعب بها لا ينضب. لا رادع لهم. والسلطة، لا حول لها بما تملكه من قوة، أو من أوراق. لا تعرف لمن تولي الأمر، لا تتفق على مرجعية. فقط عشواء نهجها. لا هي مقتنعة وهي مقنعة.
طرقت أبواب عواصم ودول، عواصم متورطة في صناعة وتدريب وتمويل وتذخير الإرهاب الديني. عواصم تراهن على مكاسب وحصص ومآلات ما بعد الخراب.
عواصم ترى في «النصرة» نصيراً موقتاً، في «داعش» تبريراً لعجزها. عواصم أفرطت في البحث على القتل وفي تبني القتلة، سراً وعلانية. عواصم، مستعدة لتأدية الوساطة، لما بينها وبين الخاطفين من دالة ومصلحة معرفة.. هذه العواصم، تبيع السلطة اللبنانية كلاماً، والغريب جداً، أن لا أمل إلا بها.

قتلوا علي البزال.
تحميل المسؤولية للدولة والسلطة، تحويل للأنظار عن المرتكب الحقيقي، والمنتظر الدائم. السلطة اللبنانية منقسمة؟ لا جديد في ذلك. هي سلطة الانقسام الذي بُنيت عليه.
هي عاجزة ولكنها ليست متآمرة. هي غير قادرة وليست غير راغبة. لا أظن، بل أميل إلى التأكيد، أنها تتمنى بكل أطرافها، نهاية سعيدة، فيتم تحرير الأسرى.
نياتها السليمة ليست بمقياس طرقها العقيمة. مسكينة هذه السلطة، هي بحاجة إلى من يحررها من خاطفيها في الداخل، لتتحد مع شعبها، في ظرف، هو بحق، أخطر ما يمر على المنطقة منذ قرن. من يظن أن ما يجري أحداث أمنية، مشتبه وواهم.
اننا في خضم حرب عالمية حقيقية، وتداعياتها تنتشر كبقعة الزيت الملتهبة، ولا أحد يعرف أين ستتوقف نيرانها.
ولبنان طرف فيها، يتلقى حصته، ولا يعرف كيف يواجه وكيف يحارب… يريد الانسحاب والجبهة عليه مفتوحة، لعل سياسة النأي بالنفس، كانت مفيدة في البدايات، أما الآن، فلعل المطلوب هو الزج بالنفس، بحكمة وقوة، في هذه المعركة التي تخاض حوله وفيه، ولا خيار له غير ذلك.
الانسحاب ممتنع، والتورط يزداد، والمخاطر تتضاعف، ونحن على لائحة المطلوبين في برامج التكفيريين والإرهابيين.

قتلوا علي البزال.
كلام يجب أن يُقال. منطق «14 آذار» لا يقنعنا. منطق قديم. إن كان له ما يبرره منذ شهور وأعوام، فلقد فقد كل صدقية، منطق تأكيد الخلاف، والحوار من أطراف الشفاه، ليس بمستوى التحديات.
الحرب على الإرهاب، بمضمونها الإستراتيجي، تسخر من خطوات التقارب الملغومة والمحسوبة بحسابات الربح الهزيلة.. منطق «8 آذار» عاجز عن ان يقدم تصوراً وتبريراً لإحجامه عن وضع إستراتيجية يشارك فيها اللبنانيون.
الفريقان مسؤولان عن الفراغ، عن الخلاف، عن المحاور وعما ستؤول إليه الحالة المتدحرجة من جرود عرسال إلى.. تحرير الأسرى.
كلام يجب أن يُقال، ولقد قيل مراراً.
لبنان في حرب. ما يجري اسمه حرب. القتال الذي يدور يدعى عمليات حربية. فماذا أعددنا لذلك؟
معادلة «جيش وشعب ومقاومة» تصلح لمواجهة الإرهاب، شريطة ألا تكون شعاراً وستراً «للمقاومة الإسلامية» وتشريعاً لها فقط في مواجهة إسرائيل.
المطلوب «جيش وشعب ومقاومة» في مواجهة الإرهاب.
كل ذلك، كي لا يُقتل علي البزال، مرة أخرى، بأسماء أخرى.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

©2025 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology