استنساخ تجربة المنطقة الخضراء في بغداد من أجل حماية حكومة طرابلس الجديدة.
افراسيانت - تونس - كشفت مصادر سياسية وعسكرية ليبية لـ”العرب” أن عددا من أمراء الحرب من قادة ورموز ميليشيا فجر ليبيا الموالية للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته الذي يخضع لجماعة الإخوان المسلمين، وصلوا ليلة الأحد- الإثنين إلى مدينة إسطنبول التركية للمشاركة في اجتماع عاجل دعا إليه المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون لمناقشة ترتيبات تأمين العاصمة طرابلس لتسهيل مهمة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
ويأتي هذا الاجتماع الذي يُفترض أن تكون أعماله قد بدأت أمس، لترسيخ سطوة الميليشيات على طرابلس، وتكريس هيمنة المحور التركي القطري على ليبيا، وذلك على الرغم من اتساع دائرة الشرخ داخل مكونات ميليشيا فجر ليبيا.
وبحسب المصادر السياسية والعسكرية الليبية التي تحدثت لـ”العرب”، فإن من بين أمراء الحرب الليبيين الذين يُشاركون في اجتماع إسطنبول، هناك عبدالرؤوف كاره (كتيبة الإسناد)، وعبدالغني الككلي المعروف باسم إغنيوة (رئيس المجلس العسكري بوسليم)، وخالد الشريف (الجماعة الليبية المُقاتلة)، وبعض القيادات العسكرية الأخرى من كتيبة الحلبوص، ولواء المحجوب المنضوية جميعها تحت لواء ميليشيات فجر ليبيا بالعاصمة طرابلس.
ولاحظ الناشط السياسي الليبي كمال مرعاش أن أغلب هؤلاء المشاركين في اجتماع إسطنبول مقربون من فتحي باش آغا الذي اختاره ليون لتولي رئاسة مجلس الأمن القومي، وسليمان الفقي، وهم معروفون بتأييدهم لجناح مصراتة المؤيد للتوافق، وهم بالتالي يدعمون تشكيلة حكومة الوفاق التي أعلنها ليون الخميس الماضي.
وقال مرعاش في اتصال هاتفي مع “العرب” إن هذا الاجتماع سيُخصص لمناقشة جملة من الترتيبات الأمنية لحماية طرابلس بما يُسهل مهمة حكومة السراج.
وكشف في هذا السياق أن مشاركة خالد الشريف في اجتماع إسطنبول يحمل أبعادا أخرى باعتباره يستهدف التسويق لمشروع قديم – جديد ألا وهو تشكيل حرس وطني لحماية الحكومة الجديدة يكون بديلا عن الجيش الليبي.
وأشار الناشط الليبي إلى أن الشريف ذهب إلى إسطنبول لعرض ورقة مفصلة لهذا المشروع تتضمن خطة لحماية طرابلس، وتأمين مقرات الحكومة الجديدة، على المبعوث الأممي ليون، وهي خطة وصفها بأنها استنساخ لتجربة المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد.
وفيما لم يستبعد كمال مرعاش إمكانية مناقشة سُبل انضمام الميليشيات المسلحة إلى الجيش الليبي في صورة رفض الورقة المتعلقة بتشكيل حرس وطني، فقد اعتبر المُحلل السياسي سامي عاشور أن اجتماع إسطنبول هو تكريس لسيطرة ميليشيا فجر ليبيا بالكامل على حكومة فايز السراج رغم الخلافات التي برزت خلال اليومين الماضيين حول بعض الأسماء التي أعلنها ليون.
وشاطر في اتصال هاتفي مع “العرب” ما ذهب إليه كمال مرعاش بالنسبة إلى مسألة “المنطقة الخضراء”، حيث قال إن هناك أطرافا عديدة تدفع إلى مربع إقامة مثل هذه المنطقة كحل مؤقت ضمن ترتيبات أمنية مُحددة.
غير أن مراقبين يعتقدون أن الخلافات التي تعمقت داخل ميليشيا فجر ليبيا، والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته برئاسة نوري بوسهمين، قد تحول دون التوصل إلى اتفاق حول الترتيبات الأمنية لتسهيل عمل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
وكانت ميليشيا فجر ليبيا قد أكدت أول أمس “تأييدها ودعمها لفايز السراج لرئاسة حكومة الوفاق الوطني الليبية، لإقامة دولة مدنية وفق القانون والسيادة بعيدا عن أحلام المتقاعد حفتر”، وذلك في إشارة إلى القائد العام للجيش الليبي الفريق أول خليفة حفتر.
وأبدى البرلمان الليبي المعترف به دوليا تحفظات متعددة حول حكومة الوفاق، ووصفها بأنها لا تستجيب للشروط التي وضعها وتسوّي بين الضحية والجلاد.
وأمام الضغوط السياسية والشعبية، علمت “العرب” من مصادر مطلعة أن المبعوث ألأممي يتجه إلى إجراء تعديل على التشكيل الحكومي الذي اقترحه وذلك بإعفاء عبدالرحمن السويحلى من منصب رئيس مجلس الدولة على أن يختار المجلس رئيسه بالتصويت من أغلبية أعضائه.
وأشارت المصادر إلى أن فتحي باشا آغا هو الآخر سيتم سحب اسمه كرئيس لمجلس الأمن القومي على أن يختار مجلس الرئاسة مستشار الأمن القومي والدفاع، لافتة إلى أن نائب رئيس الحكومة عوض المجبري سينقل كعضو في مجلس الرئاسة وسيحل محله النائب أبوبكر بعيرة.