استعداداً لـ"اليوم التالي" لتطبيق الاتفاق النووي الإيراني .. تقارب سياسي ـ أمني بين إسرائيل وأميركا
افراسيانت - حلمي موسى - أثبت الرئيس الأميركي باراك أوباما قدرته في مواجهة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بشأن الاتفاق النووي مع إيران. وتقريباً هناك إحساس في إسرائيل بضياع الفرصة، خصوصاً أن الجمهوريين أدركوا أنه لا يمكن البناء على إفشال الرئيس في هذه المسألة للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويبدو أن الإدارة الأميركية آثرت عناق الحكومة الإسرائيلية بدلاً من الصدام معها على الأقل في الفترة القريبة. وهذا ما تبدى من خلال معانقة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن السفير الإسرائيلي في واشنطن رون دريمر، وإبداء أوباما، أمام مجموعة من اليهود، رغبته في لقاء نتنياهو أثناء زيارته لأميركا الشهر المقبل. وعدا ذلك نشرت «هآرتس» أن المباحثات لتعزيز التعاون الأمني بين أميركا وإسرائيل، والتي كان نتنياهو يعرقلها حتى لا تضر مساعيه لإفشال الاتفاق النووي، بدأت فعلياً.
وكانت مساعي نتنياهو لإفشال الاتفاق النووي قد أخفقت، بعد أن نجح أوباما في إقناع أكثر من 40 سيناتوراً ديموقراطياً بتأييد الاتفاق. وقاد ذلك إلى فشل مسعى الجمهوريين في التصويت على الاتفاق في مجلس الشيوخ، جراء عجزهم عن توفير 60 صوتاً لازماً لعرض الموضوع. واكتفى الجمهوريون بتصويت رمزي على الاتفاق النووي في مجلس النواب، لم يكن له أي أثر برغم أنه نال غالبية. وصار بوسع أوباما الشروع بتنفيذ الاتفاق النووي مع إيران ابتداءً من الأسبوع المقبل، بعد انتهاء مهلة الستين يوماً الممنوحة للكونغرس للمصادقة على الاتفاق أو إبطاله.
وعنى فشل الجمهوريين جوهرياً أيضاً فشل اللوبي الصهيوني «إيباك» وفشل رئيس الحكومة الإسرائيلية وسفيره في واشنطن رون دريمر. وبرغم كل الجهود الهائلة التي بذلت لم يعارض الاتفاق سوى 10 في المئة فقط من أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين واثنين فقط من أعضاء مجلس الشيوخ اليهود من بين عشرة.
وفي حفل شرب الأنخاب لمناسبة رأس السنة اليهودية، أقامته الطائفة اليهودية في واشنطن، شدد بايدن على عمق التزام إدارة أوباما بأمن إسرائيل، ونهض وعانق بحرارة دريمر. ومعروف أن الإدارة تعاملت مع دريمر على أنه وقف خلف محاولة الجمهوريين إفشال الاتفاق النووي مع إيران، وأنه حاول تحريض أعضاء كونغرس ديموقراطيين للتمرد على الرئيس. واعتبر مسؤولون إسرائيليون أن بادرة بايدن هذه تعبر عن أن الإدارة لا تقاطع دريمر، وأن هذا إثبات على أن العلاقات بين الدولتين لم تُهدم وهي صلبة. وقال بايدن، للحضور، إن جهات أميركية وإسرائيلية تخطط للاجتماع من أجل بحث السبل لتعزيز تفوق إسرائيل العسكري على أعدائها. وحسب كلامه فإن أميركا جاهزة للجلوس إلى جهات الأمن والاستخبارات في إسرائيل للتعرف على احتياجاتهم.
ومعروف أن أوباما ينوي الاجتماع إلى نتنياهو في الشهر المقبل وفق ما نقل متحدث باسم البيت الأبيض عن أوباما لمجموعة من الحاخامات اليهود. ويتوقع أن يبحث أوباما ونتنياهو، في لقائهما، رزمة المساعدات الأميركية لإسرائيل، والتي ستأخذ بالحسبان ما تراه إسرائيل من مخاطر عليها في الاتفاق النووي.
وكتب المراسل السياسي لـ«هآرتس» باراك رابيد أنه من دون إعلان، وبشكل غير رسمي، بدأت إسرائيل والولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة مباحثات سياسية ـ أمنية بشأن اليوم التالي للاتفاق النووي مع إيران. ونقل هذا الكلام عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين قالوا إن هذه اتصالات أولية على مستويات العمل فقط، لكنها ستصبح في الأسابيع القريبة محادثات على المستوى السياسي الأعلى. وذكر المراسل أنه في لقاء في الخارجية الإسرائيلية قبل أيام سأل أحد المسؤولين نتنياهو، الذي هو أيضاً وزير الخارجية، «ألم يحن الوقت للبدء مع الأميركيين مباحثات حول التعويض الذي ستتلقاه إسرائيل إثر الاتفاق النووي؟»، وكان جواب نتنياهو «نحن سنبدأ هذه المباحثات فور أن يتبين لنا أن الاتفاق النووي لن يمر في الكونغرس».
وأشار رابيد إلى أن المباحثات عملياً بين إسرائيل والولايات المتحدة حول «اليوم التالي» للاتفاق النووي مع إيران بدأت بشكل غير رسمي بعد أربعة أيام من لقاء نتنياهو مع مسؤولي وزارة الخارجية، عندما وصل نائب وزير المالية الأميركي لشؤون الاستخبارات والإرهاب آدم زوبين، المسؤول من الإدارة عن العقوبات ضد النظام الإيراني، إلى إسرائيل. وكتب أنه برغم وصف واشنطن وتل أبيب المحادثات التي أجراها زوبين في إسرائيل بأنها مباحثات جارية، يدَّعي موظفون إسرائيليون وأميركيون كبار بأنها تدحرجت بشكل طبيعي لتغدو مباحثات حول «اليوم التالي» للاتفاق النووي، والتعاون الأمني، السياسي والاستخباري بين إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران.
وقال موظف أميركي رفيع المستوى «في الأسابيع الأخيرة، ومع اتضاح أن الاتفاق النووي لن يتعرقل في الكونغرس، لن يكون ممكناً عزل المباحثات التي أجريناها مع إسرائيل عن مسألة اليوم التالي. لا حاجة لأن يصدر بيان كبير عن ذلك، في أننا بدأنا المحادثات الآن. فهذا ببساطة يحدث بشكل طبيعي».
وفي زيارته لإسرائيل عرض زوبين على نظرائه في وزارة الخارجية، في قيادة الأمن القومي وعلى أسرة الاستخبارات، الأفكار الأميركية عن عقوبات محتملة إضافية ضد إيران، في مواضيع لا ترتبط بالبرنامج النووي مثل دعم منظمات الإرهاب. وأطلع زوبين نظراءه في إسرائيل على الأعمال الأولية التي تعتزم الولايات المتحدة اتخاذها ضد مسؤولين كبار في «حماس» و«حزب الله» ممن هم مسؤولون عن تحويل الأموال من طهران أو على اتصال مع الإيرانيين لغرض إعداد العمليات ضد إسرائيل. وتتابعت الاتصالات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول «اليوم التالي» للاتفاق مع إيران في الأسبوع الماضي أيضاً. إذ وصل نائب المدير العام للشؤون الإستراتيجية في وزارة الشؤون الخارجية الإسرائيلية جيريمي يسسخروف لإجراء محادثات في واشنطن ركز قسمها الأكبر على الشأن الإيراني والتعاون الأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة.
وكان أحد اللقاءات عقدها يسسخروف مع مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الاستخبارية ـ الأمنية بونيت تل فار. وأشار موظف أميركي رفيع المستوى إلى أن أحد المواضيع المركزية في الحديث كان المساعدات الأميركية لرفع مستوى قدرات الجيش الإسرائيلي والحفاظ على تفوقه النوعي على الجيوش الأخرى في الشرق الأوسط. وخلص رابيد إلى أن من شأن هذه الاتصالات أن تتطور في الأسابيع المقبلة لتنتقل إلى المستوى السياسي الأعلى.