افراسيانت - ساندي الحايك - السفير - "أخيرا شهدت على مدينتي في تظاهرة دون طوائف" هكذا علق أحد الناشطين في تظاهرة امس السبت التي دعت إليها حملة "طلعت ريحتكم" مع مجموعة من الحملات الأخرى ("بدنا نحاسب"، "حلو عنا"، "طفح الكيل"، "عالشارع").
عادت الساحة التي احتكرتها الأحزاب السياسية والطائفية على مدى سنوات إلى أصحابها الأصليين. وبرهن الشعب اللبناني أنه لا يزال "حياً" وقادرا على الضغط والتغيير سلميا، متى أراد ذلك.
لم يقع المشاركون في التظاهرة في فخ المواجهات مع العناصر الأمنية، على الرغم من محاولة بعض الشبان، قبيل إنسحاب المعتصمين من ساحة رياض الصلح، جرهم إلى مواجهات كبيرة، عبر محاولات استفزاز القوى الأمنية.
إذ قام بعضهم، وهم عراة الصدور وملثمو الوجوه، بسحب الأسلاك الشائكة من مكانها، ثم اجتيازها والتقدم نحو إحدى نقاط قوى الأمن الداخلي، حيث اقدموا على إضرام النيران، ورمي المفرقعات والحجارة بوجه عناصرها، بغية حرف مسار التظاهرة التي انطلقت في ظل انتشار أمني مكيف. إلا أنهم فشلوا، بينما نجحت التظاهرة في التزام ضبط النفس.
إنطلقت التظاهرة بمسيرة حاشدة من أمام مبنى وزراة الداخلية في الحمرا وصولا إلى ساحة الشهداء، حيث توزع المعتصمون بين ساحة الشهداء ورياض الصلح. وقد استفاد المنظمون من أخطاء سابقة، حيث نسقوا بشكل مباشر مع القوى الأمنية لحفظ سلمية التحرك. وميزوا انفسهم عن باقي المتظاهرين من خلال ارتداء حلة خاصة بهم.
بينما وزعت عناصر الأمن كاميرات مراقبة توزعت بين ساحتي الإعتصام. وعلى الرغم من تحليهم بدرجات عالية من ضبط النفس، وعدم محاولتهم الدخول الى السرايا أو مجلس النواب، أعلن المنظمون لجوءهم إلى التصعيد في حال لم تنفذ الحكومة مطالبهم بمهلة أقصاها 72 ساعة.
في بداية التظاهرة
كان كل شيء منضبط. أغان وطنية وثورية بثت عبر مكبرات الصوت، وشعارات نقدية وتحفيزية رددها المتظاهرون من دون كلل. قبل أن يهبط الليل، وتجتاز مجموعة من الشباب الأسلاك الشائكة لافتعال عنف مقصود مع عناصر الأمن. لم ينجر معظم المتظاهرين إلى العنف، تسمروا في أماكنهم وهم يواصلون الهتاف "يسقط يسقط حكم المصرف"، "سوليدير وسخة وسخة والنواب عنها نسخة"، "يا عسكر ليش منرفز الحرامية بالمجلس".
كما رفعوا لافتات عديدة، منها جريء ومنها مضحك، ومنها ما عكس حقيقة هواجس اللبنانيين. كتب على إحدى اللافتات "نحن فرقة مكافحة الفساد"، وتضمنت أخرى عبارة "شنقتونا"، وأخرى "سرقتوا الشط وبلطتو البحر، لا تسوية على الأملاك البحرية".
في حين وضعت إحدى المتظاهرات كيسا من النفايات على رأسها، ورفعت بين يديها ورقة خط عليها "الزعيم على راسي". وبقميص أبيض فضفاض و"كاسكيت" سوداء، وسيجاراً فاخراً بين الإصبعين، يظهر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في صورة ضخمة رفعت في التظاهرة، وإلى جانبه إحدى الجميلات.
الصورة مأخوذة من رحلة الأخير السياحية إلى جزيرة "ميكونوس". كتب رافع الصورة، بخط عريض في أسفلها "إنت مولعها هونيك ومولعها هون، الأفضل تقعد ببيتك".
ذلك المشهد لا يغيب عن أذهان اللبنانيين. لا بل رُسخ في ذاكرتهم. عدد كبير من المتظاهرين جسدوه في لافتات وشعارات حملوها، جاءت بمضامينها المتعددة، لتؤكد أن الشعب اللبناني يعرف خصمه جيدا، ويدري إلى أين يوجه أصابع الاتهام.
ثم عادت الحملة وكررت مطالبتها بـ"استقالة وزير البيئة محمد المشنوق، محاسبة من أطلق النار على المتظاهرين، تحرير أموال البلديات من الصندوق البلدي المستقل، وضع خطة صحية ومستدامة لحل أزمة النفايات، بالإضافة إلى استعادة الشرعية واجراء انتخابات نيابية".
ولفتت الانتباه إلى أن "كل الشعب اللبناني ليس من طالبي الحرب ولكننا لا نخشى المواجهة. لذا فإننا لن نكون جزءً من مشروع أحد، لأننا مؤمنون بمشروعنا ببناء دولة مدنية عادلة".
وأعلنت الحملة أن يوم الثلاثاء المقبل سيكون موعدا مبدئيا للتظاهر.