افراسيانت - حلمي موسى - فيما تحاول الإدارة الأميركية تجنب الصدام مع إسرائيل، وتقدم لها الإغراءات لتمرير الاتفاق النووي المتوقع مع إيران، تعمل حكومة نتنياهو على استغلال الأمر، وتحقيق مكاسب على أكثر من صعيد. وبعدما بات واضحا أن أميركا تضغط على أوروبا لمنع استصدار قرار في مجلس الأمن بشأن الدولة الفلسطينية قبل تحقيق الاتفاق مع إيران، كشفت «هآرتس» النقاب عن ثمن تسليحي ومالي تستعد أميركا لدفعه لإسرائيل مقابل سكوتها عن الاتفاق النووي مع إيران.
وبحسب المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هارئيل فإن الولايات المتحدة وإسرائيل بدأتا مساعي جس نبض أولية وغير رسمية حتى الآن حول المساعدة الأمنية الخاصة لإسرائيل في ضوء التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط. وأشار هارئيل إلى أن أحدا لا يقول ذلك حتى الآن صراحة ولكن إدارة أوباما تنوي منح إسرائيل تعويضا أمنيا كبيرا إذا تم التوقيع على اتفاق نووي شامل مع إيران والقوى العظمى، وقال إن ذلك ينبع على حد سواء من عاملين أحدهما استمرار الخطر الإيراني على إسرائيل وصفقات السلاح الأميركية لدول الخليج وخصوصا السعودية والإمارات المتحدة.
ويجري الحديث عن تعويض يتضمن طائرات أخرى من طراز «إف 35» وتمويل انتاج ونشر بطاريات أخرى لمنظومات مضادة للصواريخ. وكتب هارئيل أن أميركا التزمت منذ أكثر من 30 عاما، بالحفاظ على تفوق إسرائيل النوعي على كل جيرانها العرب، وعنت هذه السياسة ضمان أن يمتلك الجيش الإسرائيلي أفضل منظومات السلاح والعتاد والتكنولوجيا الأميركية، وأن لا تنال أي دولة في المنطقة، خصوصا إذا كانت معادية لإسرائيل تكنولوجيا أفضل قبل أن تعرض عليها.
وفي العام 2008، رسخ الكونغرس الأميركي هذه السياسة كبند في القانون، حيث ألزم الرئيس الأميركي بأن يقدم إليه كل أربع سنوات تقريرا حول جميع منظومات السلاح الأميركية المباعة لدول الشرق الأوسط. وتجري الولايات المتحدة وإسرائيل حوارات دائمة حول ضمان التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي خصوصا عند إبرام صفقات سلاح مع الدول العربية.
وبالرغم من استمرار إسرائيل في الاعتراض علنا على الاتفاق النووي مع إيران وعلى مبادئ اتفاقية الإطار، وإعلان قادتها أن كل اتفاق سيكون سيئا إلا أن أوساطا من وزارتي الدفاع في تل أبيب وواشنطن شرعتا في محاولات جس نبض أولية بشأن رزمة التعويضات لإسرائيل، والتي تأخذ بالحسبان الاتفاق النووي وصفقات السلاح لدول الخليج العربي. وكانت الصحف الأميركية قد أشارت إلى أن ممثلي دول الخليج الذين حضروا قمة «كامب ديفد» مؤخرا أثاروا مسألة إبرام صفقات تسليح جديدة. من جانبها لا تريد إسرائيل أن تظهر محاولات جس النبض إلى العلن حتى لا تتهم بأنها تبيع مبادئها أو تسلم بمبادئ الصفقة.
وكتب هارئيل أن في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تقديرات بأن صفقة السلاح المقبلة مع أميركا ستشمل طائرات أخرى من طراز «إف 35»، إضافة للطائرات الـ33 التي اتفق على شرائها، والتي ستبدأ في الوصول لإسرائيل نهاية العام المقبل. وتعتقد المؤسسة الإسرائيلية أن ما تم الاتفاق على شرائه لا يكفي، وأن إسرائيل بحاجة إلى ما لا يقل عن 50 طائرة من هذا الطراز، وذلك لتمكين إنشاء سربين. كما أن أي صفقة أخرى مع أميركا ستشمل أيضا منظومات الدفاع ضد الصواريخ حيث تمول أميركا كل أبحاث تطوير منظومات الصواريخ فضلا عن تمويل قسم كبير من انتاجها ونشرها.
وتملك إسرائيل حاليا منظومة صواريخ «حيتس 2» وتسع بطاريات من «القبة الحديدية». ومن المقرر في العام المقبل أن تدخل للخدمة العملية منظومة صواريخ «عصا الساحر» ضد الصواريخ متوسطة المدى.
وهكذا فإن الولايات المتحدة، وبالإضافة لمساعدة سنوية عسكرية بقيمة 3.1 مليار دولار، تقدم سنويا مئات الملايين من الدولارات لتمويل تطوير وانتاج منظومات الدفاع ضد الصواريخ. وتطالب إسرائيل أميركا حاليا بتمويل انتاج منظومة «حيتس 3» وشراء بطاريات قبة حديدية أخرى، حيث تقول إسرائيل أنها بحاجة على الأقل إلى امتلاك 12-13 بطارية «قبة حديدية». كما تطلب إسرائيل في المحادثات من أميركا تزويدها بذخائر عالية الدقة ومنظومات تكنولوجية متقدمة لسلاح الاستخبارات.
وبرغم كل ما سبق، فإن نتنياهو يتدلل على الإدارة الأميركية ويسعى إلى إذلالها.
وبالرغم من علم نتنياهو بأن سفيره في واشنطن رون دريمر، الذي يقاطعه معظم المسؤولين في إدارة أوباما بسبب تآمره مع الجمهوريين ضد الرئيس الأميركي، بات شخصا غير مرغوب فيه إلا أنه يصر على بقائه في منصبه.
وكشف موقع «والا» الإخباري أن نتنياهو قال مؤخرا إنه لا يرى سببا لتغيير دريمر بالرغم من أن جهات أميركية عليا أوضحت أنه لن ينال أذنا صاغية في دوائر صنع القرار الأميركي، وخصوصا في مجلس الأمن القومي.
ويصف نتنياهو دريمر بأنه «سفير ممتاز» ويرفض أي فكرة لتغييره قريبا. ومعروف أن جهات مختلفة، إسرائيلية وأميركية، ترى في دريمر مجرد «سفير لنتنياهو لدى الحزب الجمهوري» وليس سفيرا لإسرائيل في واشنطن، وهو منشغل بالصراعات الداخلية الأميركية أكثر من انشغاله بتطوير العلاقات بين الدولتين.
ونقل موقع «والا» عن مسؤول مركزي في المنظمات اليهودية الأميركية قوله إنه ليست هناك أية إشارات حول قرب إنهاء دريمر لمهام منصبه، وأنه يتصرف على أساس بقائه لفترة طويلة مقبلة. وأضاف أن دريمر يبحث لنفسه عن مستشار كبير يضمه إلى طاقمه. وكانت توقعات في إسرائيل أشارت إلى أن دريمر سينقل من منصبه هذا الصيف لينقل إلى الأمم المتحدة ولكن يتبين حاليا أن هذه التوقعات ليست أكثر من إشاعات.