افراسيانت - يرى خبراء وسياسيون ان الادارة الامريكية باتت جادة في توجهاتها إزاء البحث عن بديل للرئيس محمود عباس، عقب المواقف القطعية التي انتهجها ابو مازن في مواجهة قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، وهو ما استدعى من الجانبين الامريكي والاسرائيلي البحث عن بدائل تستجيب لتوجهاتهما، لكن الظروف المحلية والدولية قد تفشل مثل تلك المحاولات.
وحسب تقدير بعض الخبراء، فان الولايات المتحدة تسعى لخلق قيادة بديلة، اكثر استجابة للطروحات الاسرائيلية والامريكية المتعلقة بقضايا حل الصراع، بعد حالة الرفض والتحركات التي انتهجا الرئيس في مجلس الامن ضد الولايات المتحدة، وهو ما يعيد الى الاذهان المرحلة التي مر بها الرئيس الراحل ياسر عرفات، وكيف تم عزله وتصفيته لاحقا. لكن وبحسب المحللين فان هناك ما سينقذ الرئيس ابو مازن من تكرار سيناريو عرفات، بان الدول المحورية في العالم، خاصة دول اوروبا، ما زالت تتبنى نهجه بقوة، وهو ما اتضح من خلال التصويت داخل مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة ضد قرار ترامب، اضافة الى ان البيئة الفلسطينية والعربية غير مؤاتية لتنفيذ مثل هذا المخطط وخلق بدائل جديدة.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور احمد مجلاني، في حديث لـ "القدس" دوت كوم، ان القيادة الفلسطينية باتت تساورها مخاوف جدية من امكانية قيام الادارة الامريكية والاسرائيلية بخلق بدائل للقيادة الحالية، في ظل تطابق الموقفين الاسرائيلي والامريكي، ذلك ان الحديث عن بحث (الادارة الامريكية) عن خيارات وبدائل للقيادة الفلسطينية اخذ منحى اخر.
واضاف " نتعامل مع هذا المخطط بالجدية الممكنة، ونتعامل على انه امر قد يكون وارداً، حيث ان لنا تجربة سابقة مع الادارة الامريكية والاسرائيلية في تعاملها مع الشهيد ياسر عرفات، وبالتالي فان الموضوع ليس مجرد محاولة للتدخل السياسي لتغيير السياسات بقدر ما هو تغيير طبيعة ومضمون ووظيفة السلطة والقيادة ".
ونفى مجدلاني ان يكون تم اطلاع السلطة رسميا من قبل الادارة الامريكية على ما يسمى صفقة القرن، كما ونفى ان تكون السلطة أُبلغت باية افكار او مشاريع بشكل مباشر من قبل الولايات المتحدة، كما ولم تبلّغ رسميا بان الولايات غير معنية بتقديم اي مبادرة سياسية للسلام.
وبين مجدلاني ان سيناريوهات فرض عقوبات على السلطة واردة، وهو امر غير جديد، حيث ان الولايات المتحدة اتخذت اجراءات ضد السلطة في اوقات سابقة، وهناك قرار من الكونغرس الامريكي يقضي بتعليق المساعدات المباشرة للسطة وربطها بعدم دفع مخصصات الاسرى، وهذا الامر رفضته القيادة رفضا قاطعا.
من جهته، قال المحلل السياسي، الدكتور رائد نعيرات ان "هناك محاولات دائمة لتغيير القيادة الفلسطينية، ولكن لا اعتقد ان البيئة والحالة الفلسطينية تسمح لاي فاعل سياسي خارجي بان يكون قادرا على القيام بهذا الدور".
واستبعد نعيرات امكانية فرض حصار شامل على السلطة الفلسطينية، وقال انه اذا ما فرضت تلك العقوبات فان السلطة ستصبح غير قادرة على ممارسة عملها .
ويرى المحلل السياسي، عبد المجيد سويلم، ان السلطة بعد قرار ترامب بنقل السفارة الى القدس، باتت في مرحلة جديدة حيث "لم تعد الولايات المتحدة وسيطا مقبولا في عملية السلام، لذلك سنكون امام توجهات جديدة في حال تم طرح مبادرات سلام في المستقبل، قائمة على اساس قرارات الشرعية الدولية وبمشاركة عدة اقطاب من بينها الدول المحورية والصاعدة مثل الهند والبرازيل ".
واشار الى انه و "على ضوء ما نعيشه من حالة انفلات في الاستيطان، ووقوف العالم مع الشرعية الفلسطينية، فان المجلس المركزي الفلسطيني سيكون امام خيارات جديدة في جلسته المرتقبة" معربا عن اعتقاده في ان "الولايات المتحدة ستفشل في فرض حصار السلطة، حيث ان الابتزازات السابقة لم تجد نفعا".
ولم يستبعد سويلم ان تحاول اسرائيل والولايات المتحدة البحث عن بدائل للرئيس محمود عباس، كما حصل مع الشهيد ياسر عرفات، "لكن التجربة اثبتت ان هناك سقوفا لا يمكن لاحد تجاوزها".
و قال المحلل السياسي، اكرم عطا الله (العيسة)، ان "الولايات المتحدة شرعت في تنفيذ عقوبات ضد السلطة قبيل حدوث القطيعة، لكنها جاءت تحت مسمى ترتيب وتحديد العلاقة، وفي اطار ممارسة الضغوط على السلطة، اما الآن فقد اصبح الحديث علنيا عن عقوبات مالية ضد السلطة، لكن الاخطر يكمن في دفع الولايات المتحدة بعض الدول الممولة للسلطة وخاصة الدولة العربية كي تشارك بالمقاطعة المالية"، لافتا الى ان "السلطة تعول على دعم الاتحاد الاوروبي الذي ما زال مستقلا في انقاذها، حيث قدمت المانيا 53 مليون يورو لدعم السلطة مؤخرا".
ويرى عطالله ان "الحديث عن بديل للرئيس عباس أمر غير واقعي، فالمطلوب بديل يكون مقبولا محليا وخارجيا، وهنا تكمن صعوبة الحديث عن بدلاء محتملين".