افراسيانت - واشنطن - "القدس" دوت كوم - سعيد عريقات - علمت "القدس" دوت كوم، من مصدر مقرب من البيت الأبيض الثلاثاء أن اللقاء الفلسطيني الأميركي الذي ضم كل من أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، ورئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، وسفير منظمة التحرير الفلسطينية حسام زملط مع الفريق الأميركي المكون من صهر ترامب والمستشار الرئيسي "لعملية السلام" جاريد كوشنر ، وممثل ترامب الخاص للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، ونائبة مستشار الأمن القومي (عندئذ) دينا باول يوم الخميس 30 تشرين الثاني 2017 "اتسم بروح غير عادية بشأن جدية الرئيس (ترامب) في طرح مخطط سلام يروق لهم ويلبي طموحات الفلسطينيين في العيش الكريم" ما أعطى انطباعاً للوفد الفلسطيني أن الرئيس الأميركي سيتخذ قراره بخصوص "تمديد التنازل (الاستثناء) الذي كان على وشك النفاد في اليوم التالي (1/12) كي لا يبطئ قوة الدفع والزخم اللائق بمخططه للسلام" بحسب المصدر.
واشار الى أن الجانب الأميركي "لم يبلغ الوفد الفلسطيني بأن ترامب سيعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأنه اتخذ قراره هذا في اجتماع يوم الاثنين 27/11/2017 ، أي قبل اللقاء الذي عقده الوفد الفلسطيني".
وكان قرار اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل اتخذ في اجتماع لمستشاري الأمن القومي عقد يوم 27 /11 وحضره ترامب (الذي كان من المفترض أن يشارك بالاجتماع لمدة 15 دقيقة) ولكنه بقي في الاجتماع لمدة ساعة كاملة ، ووجه "أسئلة مفصلة بشكل مفاجئ، وطالب بإجابات محددة، مؤكداً أن الوضع الراهن غير مقبول" بحسب ما ذكرت مجلة بوليتيكو .
يجدر بالذكر أنه ولدى سؤال الوفد الفلسطيني عما إذا كان ترامب سيوقع على نقل السفارة الأميركية إلى القدس، (الامر الذي تم يوم 6 كانون الأول) فان الأميركيين ردوا بالإيجاب دون ان يقدموا اي معلومات عن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل "كون عملية الاعتراف بالقدس لم تكن ببال الفلسطينيين، لأن توقيع الرئيس (ترامب) على نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل شكلت قضية واحدة بالنسبة لهم" بحسب المصدر.
وركز اجتماع 30/11 بين الوفد الفلسطيني والوفد الأميركي على خطة سلام ترامب التي لم يتم إعلانها بعد، (والتي قد تكون أجهضت)، ولم يتناول مسألة السفارة الأميركية أو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل حيزاً مهما من النقاش.
يشار إلى أن أمين سر اللجنة التنفيذية صائب عريقات الذي كان موجوداً في العاصمة الأميركية وعاد إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بصحبة مسؤول المخابرات الفلسطيني فرج قبل أقل من 48 من إعلان ترامب (6/12) صرح إثر ذلك قائلا أن "حل الدولتين قد انتهى" وأن الوقت قد حان لـ "تحويل النضال من أجل دولة واحدة بحقوق متساوية لكل شخص يعيش في فلسطين التاريخية".
وقال المصدر لـ "القدس" دوت كوم "لقد راهن الرئيس ترامب على ردود فعل باهتة، وهو ما أقنعه به رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو وسفيره في إسرائيل ديفيد فريدمان اللذان أكدا له أن "الفلسطينيين سيتظاهرون كما فعلو دائماً، وستكون هناك ردات فعل عربية تدين وتشجب، ولكن العلاقة الأميركية العربية ستظل صلبة" وهو ما تقيمه الإدارة الأميركية حالياً التي "تشعر بالمفاجئة الإيجابية بأن تقييمات الحكومة الإسرائيلية بشأن ردود الفعل في محلها".
وحول هذا الموضوع نشرت صحيفة كريستيان ساينس مونتور تحت عنوان "الفلسطينيون (مُنهكون ويسيرون على غير هدى) يقدمون استجابة صامتة لترامب"، أشارت فيه إلى أنه "مع اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل خلال الأسبوع الماضي، دون اعتبار لمطالبة الفلسطينيين بها كعاصمة لدولتهم المستقبلية، فان النقاد يقوله بأن ذلك أشبه بإلقاء قنبلة يدوية على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وحذروا من أن النيران ستستعر في الشارع الفلسطيني. وبالفعل، خرج آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع للتظاهر، ما أثار موجة من الاشتباكات المتوقعة مع قوات الاحتلال، أسفرت حتى الآن عن مقتل اثنين من المتظاهرين، فضلا عن إصابة العشرات، في غزة. كما أُطلقت بضع صواريخ من غزة على جنوب إسرائيل، التي ردت على ذلك بالمثل".
ويضيف تقرير الصحيفة "ولكن بشكل عام، كانت الاستجابة - وخاصة في القدس - صامتة، على الأقل من حيث الاحتجاج الجسدي" لافتا الى أنه "من المؤكد أن هناك غضبا، ولكن هناك أيضا إحباط عميق، مع إعلان ترامب الذي صدر بعد عقدين ظلت فيهما عملية السلام في الشرق الأوسط متوقفة، حتى تخلى عنها بالفعل العديد من الفلسطينيين".
وجاء في التقرير " الأمر الملفت هو أنه رغم أن إعلان ترامب، الذي قد يبدو للوهلة الأولى، وإلى حد كبير مسرحيا، كونه لا يغير الوضع على أرض الواقع في القدس بأي معنى عملي، على الأقل خلال الوقت الراهن، إلا أن ما يزيد من الإحباط الفلسطيني وجود قيادة فلسطينية لا تحظى بشعبية تُذكر، ولا بإستراتيجية واضحة، مما يجعل المحللين يجمعون على أن عناصر انتفاضة حقيقية صاخبة في الوقت الراهن ليست محتملة ، وأن الأمل في أن تستطيع انتفاضة في حال اشتعالها تحقيق تغير ملموس على الأرض ضعيفة".
من جهته، قال آرون ميلير الذي أمضى سنوات طويلة كأحد أهم المفاوضين الأميركيين لمفاوضات السلام الفلسطيني الإسرائيلي في عهد كلينتون ان "اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل لا يعني نهاية العالم، رغم أنها سيئة التوقيت ، وسيئة التصور والنظر ، وغير مرغوب فيها في أي إستراتيجية حقيقية من شأنها أن تعزز المصالح الوطنية الأميركية أو السلام أو الأمن".
ويقول ميلر في مقال نشرته له مجلة بوليتيكو الاثنين "لقد أمضيت معظم حياتي المهنية في المفاوضات العربية الإسرائيلية وحولها، حيث قضينا جزءا كبيرا من هذه المفاوضات في محاولتنا تفادي موضوع القدس الشائك الذي يجب أن ينتظر، سنحتاج وقتاً للتعافي من الصدمة التي أحدثها الرئيس ترامب الذي لا يفقه تعقيدات هذا الموضوع" مما يخلط ويربك الأوراق.
ويكشف ميلر أن السيناتور الجمهوري بوب كوركر الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية قال أن ترامب أراد أن يقوم بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قبل مضي 24 ساعة على تنصيبه ولكن "الأسرة الدبلوماسية" في البيت الأبيض وخارجه أقنعوه بعناء ضرورة الانتظار وأنه عندما وقع على الاستئناف يوم 1 حزيران الماضي إنما فعل ذلك تحت ضغط فريقه لشؤون الأمن القومي.
من جهته ادعى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي مايكل انطون (في تصريح لوكالة فرانس برس) ان " إمكانية اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل قد نوقشت مع الفلسطينيين والقادة العرب الآخرين على مدار عام، إلا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يُخطر بالقرار النهائي حتى تحدث إليه ترامب يوم 5 كانون الأول الجاري".