افراسيانت - رام الله -"القدس" دوت كوم - على الرغم من التصريحات التي وصفت لقاء الرئيس محمود عباس مع الوفد الأمريكي لعملية السلام، برئاسة جاريد كوشنير، بأنها إيجابية ومثمرة، إلا أن مسؤولين ومحللين فلسطينيين يرون أن تلك التصريحات انما تأتي في سياق المجاملات الدبلوماسية.
فقد وصف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، بيان الخارجية الأمريكية التي وصفت المحادثات بـ"الايجابية والمثمرة" بأنها كلام دبلوماسي لتجميل الصورة، مضيفا :"إن هذا اللقاء هو رقم 20 بعد قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة، دون أن يتم خلالها تحديد موقف أمريكي واضح من الاستيطان، كما لم يتم التطرق للحديث حول اقامة الدولة الفلسطينية".
وقال أبو يوسف في حديث مع "القدس" دوت كوم:" إن اللقاء لم يأتِ بجديد على صعيد استئناف المفاوضات، لأن الوفد الأمريكي لم يعبّر عن أي تغير في سياسة الولايات المتحدة المنحازة لإسرائيل" مشيراً إلى أن كوشنير والوفد المرافق له حاولوا الحديث عن مسار إقليمي للسلام، أو ما يسمى بصفقة القرن، وإضافة لطرح حلول لها علاقة بالاقتصاد، والقضايا الإنسانية.
ولفت أبو يوسف إلى "أن الحديث عن سلام اقتصادي ومساعدات انسانية، من طرف الأمريكيين، هي لصرف الأنظار عن إنهاء الاحتلال"، مبيّناً "أن إدارة ترامب تتحدث حتى الآن في العموميات، دون الدخول في التفاصيل، ودون حديث عن أي ملامح للتوصل إلى حل نهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
المسؤول الفلسطيني أكد أن الأولوية هي وضع حد نهائي وجدول زمني لإنهاء الاحتلال، كي يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه ودولته بناء على قرارات الشرعية الدولية.
واتفق المحلل السياسي، عادل شديد، مع واصل أبو يوسف، في تعقيبه على اللقاء، قائلا:" إن ما جاء في بيان الخارجية الأمريكية، ما هو الا استخدام لمفردات دبلوماسية لطيفة، للحيلولة دون زيادة حالة التوتر والاحتقان القائمة بين الطرفين".
وقال شديد: "لا أعتقد أنه طرأ أي تقدم إيجابي في اللقاء، لأن الأجندة الأمريكية تتناقض تماماً مع الأجندة الفلسطينية"، منوّهاً إلى أحاديث وتصريحات لمسؤولين فلسطينيين سبقت الزيارة، أشارت إلى أنهم لا يعولون خيراً عليها (الزيارة).
شديد اعتبر أن الزيارة هي آخر محطة في مفاوضات حل الدولتين، حيث إن الموقف الأمريكي واضح تماماً بهذا الخصوص، مشيرا :"إلى تغيّر خطاب الرئيس محمود عباس، الذي بدأ يستخدم فيها مصطلح (صفقة القرن)، ما يعني انتهاء حل الدولتين عملياً"
ويرى شديد :"أن الأمريكيين نجحوا فيما يسمى "السلام الإقليمي وصفقة القرن"، معتبراً أن اختيار كوشنير للمحطة الفلسطينية كآخر المحطات في جولته، معناها أن الأمريكيين والإسرائيليين استطاعوا أقلمة القضية الفلسطينية"، وهذا، بحسب شديد، يصب في مصلحة إسرائيل، المعنية بتطوير علاقاتها مع الدول العربية، وسيؤدي لتراجع كبير على صعيد القضية الفلسطينية.
واعتبر شديد أن الحل يكمن في وضع استراتيجية تربط بشكل متزامن بين ثلاثة مسارات، هي التحرك الشعبي في الميدان، والمسار القضائي في المحاكم الدولية، والمسار الدبلوماسي في الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، من أجل الحصول على الحقوق الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، فسّر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، ناجي شراب، ما ورد في بيان الخارجية الأمريكية حول إيجابية المحادثات، بأنها تتعلق بموضوع حل الدولتين، مشيراً إلى ما يبدو أنه ثمة تحول في الموقف الأمريكي، وقد يكون الرئيس عباس سمع خلال اللقاء شيئا ما يؤكد على هذا الالتزام.
وأضاف شراب:" إن الأمر الآخر خلال الزيارة قد يتعلق برسالة حملها الوفد الأمريكي من إسرائيل، مفادها أنها ملتزمة بتحقيق السلام واستمرار العملية التفاوضية، من منطلق أن السلام اذا لم يتحقق في عهد الرئيس محمود عباس ونتيناهو، لن يتحقق لاحقا".
وتوقّع شراب أن تكون القيادة الفلسطينية قد تمكنت خلال الاجتماع من انتزاع موقف تجاه التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين"، مضيفاً "أن الجانب الفلسطيني بعث أثناء الاجتماع برسالة تشير إلى أن الوقت قد أزِف، وأن على الجميع العمل بسرعة للوصول إلى السلام".
واعتبر شرّاب أن استخدام كوشنير لمصطلح الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، هو مؤشر على أن هناك التزاماً صريحا، واقتناعاً لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأنه لا بديل عن حل الدولتين.
وأشار شرّاب إلى أنه يتوقع صياغة مبادرة لاستئناف مفاوضات السلام بناء على هذه الزيارة، وأن يذهب الرئيس عباس إلى واشنطن، لعقد لقاء ثلاثي مع ترامب ونتنياهو، وسط حضور رسمي عربي، من أجل التوصل إلى تفاهمات متقدمة.