افراسيانت - رام الله - "القدس" دوت كوم - اجمع محللون على ان الخطاب الذي القاه الرئيس الاميركي دونالد ترامب خلال مراسم تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الاميركية إتسم بالشعبوية والتركيز على القضايا التي تهم الداخل الاميركي دون ان يستبعد هؤلاء ان يقوم الساكن الجديد للبيت الابيض بخطوات دراماتيكية لا تتسق مع السياسات التقليدية التي تبنتها الادارات الاميركية السابقة سواء كانت جمهورية او ديمقراطية.
وقال الدكتور نشأت الأقطش، أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، إن خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال مراسم تنصيبه يوم أمس، "كان موجها للداخل الاميركي وهو خطاب شعبوي بامتياز"، مشيرا الى ان خطاب ترامب ركز على كل القضايا الداخلية التي تهم الشعب الأميركي سواء من خلال الحديث عن توفير مزيد من الوظائف للأميركيين، او تعزيز الصناعات المحلية، وإعادة السلطة للشعب، وتوزيع الثروة بشكل عادل بين المواطنين.
واوضح الأقطش، أن ترامب تعهد في خطابه بإقتلاع ما سماه "الإرهاب الإسلامي" من جذوره، مشيرا إلى أن ترامب رفع شعار محاربة "التطرف الإسلامي" خلال حملته الإنتخابية لكسب أصوات اليهود الأميركيين، كما أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة يتمتع بسطوة كبيرة على مفاصل صنع القرار في اميركا، لذلك كان ترامب مجبرا على رفع ذلك الشعار، وإلا فإنه سيواجه مشاكل عديدة.
وأضاف "من الصعب التنبؤ بما سيفعله ترامب خلال فترة رئاسته، لذلك من الأفضل التريث قليلا لاكتشاف ما سيتخذه من قرارات على الصعيدين الداخلي والخارجي".
واشار الأقطش إلى أن الوعود التي أطلقها ترامب خلال حملته الانتخابية لا علاقة لها بالسياسة، وقد لا يُنفذُّ الكثير منها، لأن أميركا تسير وفق سياسات تضعها مؤسسات الدولة التي ستضع حدا لترامب في حال سار في اتجاه معاكس لرغاباتها، على حد تعبيره.
ترامب في خطابه الرئاسي الأول لم يتطرق لوعده السابق بشأن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وهنا يقول الأقطش أن هذا الامر كان وعدا قدمه العديد من الرؤساء الأميركيين السابقين، دون أن يقدموا على تنفيذه.
واستدرك الأقطش "ان ترامب رجل غامض، ومن الصعب معرفة ما إذا كان سيقدم على نقل السفارة أم لا، ولكن في حال فعلها، فإن ذلك قد يؤدي لانفجار الأوضاع في المنطقة، إضافة إلى نسف فكرة حل الدولتين من جذورها".
من جهته، يرى المحلل السياسي، عبد المجيد سويلم، أن السياسة الحقيقية للساكن الجديد للبيت الأبيض، تقوم على مبدأ الانكفاء إلى الداخل من أجل تقوية الاقتصاد، ثم الإنطلاق إلى الخارج بعد أن تعود أميركا قوة عظيمة مجددا.
ويعتقد سويلم، أن ترامب سينتهج سياسة خارجية تقوم على قاعدتين رئيسيتين، الاولى تتمثل في التصالح مع روسيا التي يراها شريكا حقيقيا في محاربة الإرهاب، كما أنه يريد التفاهم مع الروس على عدم الذهاب نحو مزيد من التدهور في الميزان العسكري بين البلدين، والحيلولة دون الإنزلاق إلى سباق تسلح جديد، سيؤدي إلى تدهور الاقتصاد الاميركي، فيما القاعدة الثانية التي ستحكم السياسة الخارجية لادارة ترامب فهي حسب سويلم، الهجوم على الصين التي يراها ترامب التهديد الحقيقي المستقبلي للولايات المتحدة، اقتصاديا، وعسكريا.
أما بخصوص محاربة "الإسلام الراديكالي"، اوضح سويلم أن الرئيس الاميركي الجديد لديه سياسة أقرب إلى العنصرية فيما يخص الموقف من الإسلام، وحديث ترامب هنا هو عن "الإسلام المسلح"وسيكون جادا إلى أبعد الحدود في محاربته.
وبشأن نقل السفارة الاميركية إلى القدس، يعتقد سويلم أن ترامب لن يعمل على تطبيق هذه الفكرة، ولكنه سيعمل على إيجاد تخريجة لها للوفاء بالوعد الذي قطعه أمام اللوبي المتطرف في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن المؤسسة السياسية الأميركية حذرت ترامب من خطورة الإقدام على هذه الخطوة التي قد تفجر الوضع في المنطقة، وستجد أميركا نفسها في ورطة سياسية وقانونية مع العديد من الدول والمؤسسات في العالم.
بدوره، ارجع المحلل السياسي أكرم عطالله، تجاهل ترامب للقضية الفلسطينية في خطابه إلى عدم الخبرة الكافية لدى الرجل بالشؤون الخارجية، مشيرا إلى أن هذا الرجل وخلال 7 عقود من عمره لم يعمل في أي من شؤون السياسة وكان مكتفيا بالعمل في التجارة والاستثمار في مجال العقارات داخل أميركا ولا يعرف أي شيء عن العالم الخارجي.
وأشار إلى أن خطاب ترامب تجاهل كل قضايا العالم بما فيها أوروبا والوضع في الشرق الأوسط وليس فقط القضية الفلسطينية، موضحا أن تصريحاته بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس تكشف ما يحمل هذا الرجل من برنامج سياسي للمنطقة.
وقال عطالله: "ترامب لن يقدم شيئا للقضية الفلسطينية، خاصةً وأنه يلجأ لتركيبة أقرب للعنصرية عبر تصنيفه للعالم بين الشر والخير وهو يذهب بإسرائيل من خلال ذلك للتصنيف الأبيض وهو الخير".
واكد أن علاقة السياسة برأس المال ستكون واضحة في سياسات هذا الرجل الذي دعا رؤساء المستوطنات لحضور تنصيب حفله بينما تجاهل القيادة الفلسطينية، معتبرا أن ذلك تأكيدا على أن الرجل يمتلك اتجاهات مناهضة للقضية الفلسطينية.
واستدرك عطالله قائلا : "قد يتروى لاحقا فيما يخص كيفية التعاطي مع القضية الفلسطينية بناءً على استشارات سياسية وأمنية وقد يعمل على إعادة فتح ملف التسوية لكن وفقا للرؤية الإسرائيلية وليس بناءً على التطلعات الفلسطينية".
واضاف :"أن الفلسطينيين باتوا أمام خيارات منحسرة في ظل تهاوي خيار التسوية، فيما ستعرض خيار الدبلوماسية لضغوط أميركية بزعامة ترامب الذي قد يلجأ للتهديد بوقف التمويل عن مؤسسات دولية وأوروبية، ما يدفع الجميع للاستجابة إليه ويشكل ضغطا على الفلسطينيين الذين حققوا إنجازات واختراقات عبر المؤسسات الدولية مؤخرا".
وتابع: "يجب على الفلسطينيين إنهاء خلافاتهم الداخلية التي لا تليق بشعب يقبع تحت الاحتلال، والمراهنة على الشعب الذي بات خارج إطار حالة الفعل الفلسطيني، والمراهنة من جديد على الحالة العربية بإصلاح العلاقات مع دول الجوار ، خصوصا مصر والأردن بعد الخلافات الأخيرة معهما بسبب تدخلهما في محاولات إصلاح العلاقات الفلسطينية الداخلية".
من جهته، رأى المحلل السياسي إبراهيم المدهون "ان الرئيس الأميركي الجديد ليس لديه خبرة في تعقيدات الوضع في العالم والمنطقة، وأنه متجه لعقد صفقات كبرى تقودة الى تحقيق نتائج سريعة تعزز حكمه وتزيد من تمدد الولايات المتحدة".
واعتبر "أن اهتمام ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس يأتي في إطار سياساته المنحازة للاحتلال ولإطلاق رصاصة الرحمة على عملية التسوية التي تعتبر القدس فيها نهاية المطاف، ونقل السفارة هو بمثابة إعلان من قبل أميركا بأن القدس هي عاصمة للاحتلال".
واشار إلى "ان تجاهل ترامب للقضية الفلسطينية في خطابه تأكيد على ان الرجل حسم أمره لجهة منح إسرائيل كبرى صفقاته عبر تحقيق ما تريد من الاستيطان وتحويل القدس عاصمة للدولة اليهودية ومنح الفلسطينيين بعض الفتات وتحميلهم المسؤولية عن فشل التسوية".
ووقال المدهون "أن كل ذلك سيضع القيادة الفلسطينية امام التفكير باستراتيجية جديدة للتأقلم مع الواقع الجديد الذي سيؤدي لضعف السلطة في الضفة، ما قد يشعل انتفاضة جديدة"، حسب رأيه.
وحول إمكانية أن يتهرب ترامب من وعوده الانتخابية، قال المدهون : "ترامب لم يأت بضغط من اللوبي الصهيوني وهناك تخوف من خطوات غير مضبوطة من قبله تجاه إسرائيل عبر طرح بعض القضايا التي يرفضها الإسرائيليون، ولكن أيضا هناك ما يقلق الفلسطينيين من خلال تشكيلة فريقه الجديد المعروف أنه موغل بالتطرف والعداء للفلسطينيين، والواقع يشير إلى أن لدى الرجل جموح تجاه الفلسطينيين وما سيقدم عليه من خطوات ستعزز التطرف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين والمنطقة".