افراسيانت - "حظر النشر، الرقيب العسكري، الرقابة العسكرية" مصطلحات متداولة في الإعلام الاسرائيلي ، سيما عند وقوع عملية، أو حدث أمني يمس جهة أو أشخاصا إسرائيليين، كما حدث اليوم، بعد وقوع عملية إطلاق نار في مدينة القدس، تضاربت الروايات الاسرائيلية غير الرسمية حول هوية منفذها. ولعل السؤال هو ما المقصود بهذه المصطلحات، ومتى تلجأ إسرائيل لفرضها؟
ما هو حظر النشر؟
يعرف أنس أبو عرقوب، الخبير في الشؤون الإسرائيلية ، أمر حظر النشر، بأنه "إجراء من صلاحيات الرقابة العسكرية الإسرائيلية، وهي أحد أفرع جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، وتلجأ إليه لمنع نشر معلومات تعتبرها قد تلحق ضررا بالأمن في إسرائيل". ولكن هذا الإجراء ثبت عبر دراسات ان إسرائيل تلجأ إليه بشكل مبالغ فيه، وبلغ إجمالي الأخبار أو المعلومات التي تم حجبها خلال السنوات الاخيرة مئات الأخبار.
لماذا يُفرض حظر النشر؟
يوضح أبو عرقوب، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يلجأ لهذا الإجراء في كثير من الأحيان من أجل الحفاظ على سرية المصادر الاستخبارية خصوصا فيما يتعلق بالعلاقات الاستخبارية الوثيقة لإسرائيل مع أجهزة المخابرات العربية، ولمنع ما يصفه الخبير في شؤون المخابرات الإسرائيلية، رونين بيرغمان، "وقوع اسرائيل في حرج كبير، خصوصا بشأن العمليات العسكرية والاستخبارية السرية التي تنفذها اسرائيل في عمق دول عربية تعتبرها معادية أو صديقة لها".
ويبين أبو عرقوب أن "أمر حظر النشر هو القاعدة وليس الاستثناء، وليس بمقدور الصحفي الإسرائيلي الحديث عن أي هجوم حتى يأخذ إذنا من الرقيب العسكري".
ويشير أبو عرقوب إلى أن الرقابة العسكرية لديها آليات تضمن فعالية هذا الإجراء، حيث يتعين على الصحفيين الإسرائيليين، والصحفيين العاملين في إسرائيل لصالح وسائل إعلام خارجية، يتعين عليهم إطلاع الرقيب العسكري على أية معلومة تتعلق "بالأمن أو الهجرة المعاكسة أو المياه" قبل نشرها، وكل صحفي يخالف هذا الإجراء يعرض نفسه للمحاكمة والسجن.
حظر النشر وحق الحصول على المعلومات
يقول أبو عرقوب أن هذا الأمر العسكري "يعد تدخلا في حرية الصحفيين، والمدونين على" الفيسبوك "وشبكات التواصل الاجتماعي، ويجبر بعض الأشخاص على حذف بعض المنشورات"، كما يؤكد أن الرقابة العسكرية أصبحت تواجه تحديات كبيرة في تطبيق هذا الأمر، وذلك بسبب الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي، وصعوبة السيطرة الكاملة عليها جميعا.
ردود الفعل الإسرائيلية على العملية
ويرى المحلل السياسي عادل شديد، أن البعد الديني واضح تماما في هذه العملية، ويعتقد أن الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة واليومية للمسجد الأقصى، واجراءات التهويد الإسرائلية في القدس، هي الأسباب الرئيسية وراء تنفيذ العملية.
وأوضح شديد أن ما يميز هذه العملية عن غيرها من العمليات السابقة، أن من الصعب وضعها في سياق ما تسميه إسرائيل بالعمليات "الفردية العشوائية"، وذلك نتيجة الحالة الإقتصادية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، بحسب ما تدعي.
ويعتقد شديد أن دوافع عميقة حركت منفذ العملية لتنفيذ عمليته والذي قالت مصادر اسرائيلية غير رسمية انه يدعى"مصباح ابو صبيح"40 عاما، كونه من أبناء مدينة القدس الذين يعانون بشكل يومي من اجراءات الاحتلال القمعية والاستفزازية، كما أنه أسير محرر، ومرابط في المسجد الأقصى، وكان من المفترض أن يسلم نفسه للشرطة الإسرائيلية لتنفيذ قرار بسجنه 4 شهور، بتهمة الإعتداء على شرطي إسرائيلي في القدس عام 2013.
وأضاف شديد: ان القراءة الأولية للعملية، توضح أنها مدروسة ومخطط لها بشكل جيد، وهذا يشكل نقلة نوعية في العمليات، كما أن إسرائيل تخشى أن نجاح هذه العمليات قد يدفع بمزيد من الشبان الفلسطينيين الغاضبين والمحبطين، لتقليد العملية، لأنها أتت بنتيجة مرضية لهم، وهزت منظومة الأمن الإسرائيلية.
وتحمل العملية في هذا التوقيت دلالات كثيرة، منها أن نجاحها في هذا الوقت بالذات، الذي تفرض فيه إسرائيل إجراءات أمنية مشددة في القدس والأراضي الفلسطينية، بسبب حلول الأعياد الإسرائيلية، اضافة الى انها تدعم الموقف الفلسطيني بأن استمرار اقتحام المسجد الأقصى وتهويد القدس، والتضييق على الفلسطينيين، سيؤدي لردود أفعال كبيرة، كما يقول شديد، وهي من ناحية أخرى ستضعف الموقف الإسرائيلي الذي يزعم بأن اجراءاته الأمنية المشددة، وأجهزته الأمنية قادرة على إحباط مثل هذه العمليات.
ويشير شديد في سياق توضيح تداعيات العملية ودلالاتها، أن المقدسيين لم يعودوا يخشون العقوبات الإسرائيلية التي تتخذ بحق منفذي العمليات، كعمليات هدم المنازل، واعتقال ذوي المنفذين وسحب الهويات الزرقاء من حملتها، والإبعاد عن المدينة المقدسة.
وحول إمكانية أن تؤدي العملية لتصعيد الأوضاع على جبهة قطاع غزة، استبعد شديد أن تستغل الحكومة الإسرائيلية العملية لضرب القطاع، كونها غير معنية بالتصعيد في الوقت الحالي مع حركة حماس والفصائل الفلسطينية هناك، وهي لا تريد أن تعيد غزة لواجهة الأحداث والاهتمام مجددا، لأن القضية الفلسطينية كما يوضح شديد لم تعد السبب الرئيسي لانعدام الاستقرار في المنطقة كما يعتقد الإسرائيليون، بل إن الحرب في سوريا، وتنظيم داعش، هما من أبرز الأسباب التي تثير قلق الإسرائيليين حاليا.