افراسيانت - القاهرة - محمد سويد - أمام تشديد إجراءات الحجر الزراعي المصري ورفض دخول شحنات القمح المصابة بأية نسبة من فطر الإرغوت وبرغم كفاية المخزون الاستراتيجي لستة أشهر قادمة بات ملف استيراد القمح يواجه ضغوطا عدة مع عزوف المودين عن دخول المناقصات الحكومية.
الأزمة التي بدأت فصولها قبل عدة أشهر بقرار وزاري سمح باستيراد القمح المستورد بنسبة لا تزيد عن 0.05 الأمر الذي لاقى هجوما حادا من قبل الرأي العام المصري والنيابة العامة ومجلس النواب، ما دفع وزير الزراعة المصري د. عصام فايد لإحالة الموضوع برمته للجان علمية متخصصة انتهت توصياتها إلى حظر دخول أية نسبة من فطر الإرغوت خوفا من توطن هذا المرض في التربة المصرية وحفاظا على الصحة العامة للمواطنين.
وإن جاء قرار الحكومة المصرية مغايرا لمواصفات هيئة سلامة الغذاء "الكودكس" إلا أن له مبررات منطقية ترجع للعادات الغذائية التي تؤشر لزيادة معدل استهلاك المواطن المصري من الخبز ثلاثة أضعاف نظيره الأوربي، ما يزيد من احتمالات الإصابة بمضاعفات خطيرة قد تصل لضمور وشلل في الأطراف وفقا لما أوردته التقارير الطبية الصادرة في هذا الشأن.
ولعل ما انتهت إليه دراسات المركز القومي للبحوث الزراعية من زيادة احتمالات توطن فطر الإرغوت في التربة الزراعية في ظل التغيرات المناخية التي قد تسمح بنموه في درجة حرارة منخفضة خاصة بعد توطن المرض في بيئات مشابهة شمال مصر في إسرائيل وجنوبها في السودان .
وبينما يبدو الأمر في ظاهره قرارا تنظيميا داخليا إلا أن ضغوطا عالمية مورست من قبل عدة دول كبري لوقفه باعتبار مصر أكبر مستورد للقمح في العالم بنحو 10 ملايين طن سنويا تجعل البورصات للقمح تتاثر بطلبات الشراء حيث احتجت فرنسا قبل عدة شهور ولم تفلح ضغوط دبلوماسية كبرى مارستها لتمرير شحنة قمح مصابة بفطر الإرغوت وتم رفضها من قبل الحجر الزراعي وهو نفس الأمر الذي تكرر خلال الأسابيع الماضية مع شحنات من القمح الأمريكي استودتها شركة "فينوس" وتم إعادتها الي بلد المنشأ بعد اكتشاف إصابتها بهذه الآفة أعقبتها حملة غير موثوقة لتشويه الصادرات المصرية باشاعة إصابة مواطن أمريكي بفيروس b عقب احتسائه كوبا من عصير الفراولة المصرية المجمدة.
وجاء إحجام المستوردين عن الدخول في المناقصة الدورية التي تجريها هيئة السلع التموينية بمثابة ورقة ضغط ربما لن تسفر كثيرا نظرا لكفاية الاحتياطي الاستراتيجي من القمح المحلي والكميات المتعاقد عليها عن 6 شهور من الاستهلاك وإعلان عدد من كبار الموردين بينهم محمد عبدالفضيل رئيس مجلس إدارة شركة "فينوس" التي سبق وأن رفضت له شحنات مصابة عزمهم توريد أقماح نظيفة من الأسواق العالمية بأسعار لا تتجاوز الزيادة في سعر الطن عن 9 دولارات.
الموقف الروسي من هذه الأزمة ربما تم تشويهه عن عمد لربطه بما تناقلته وكالات الأنباء العالمية عن الهيئة المعنية بمراقبة سلامة الغذاء في روسيا التي قالت إنها قد تفرض حظرا مؤقتا على استيراد بعض الواردات الزراعية من مصر التي "تنطوي على مخاطر عالية مرتبطة بالصحة النباتية في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الزراعة المصرية انها لم تتلق إخطارا رسميا بذلك الأمر الذي يستوجب توضيحا من الجانب الروسي حتى لا يستغل هذا الالتباس من أطراف لا يروق لها أن تبقي العلاقات دافئة بين القاهرة وموسكو.
وليس أدل علي محاولات تعكير صفو العلاقات المصرية الروسية من حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء وما ترتب عليه من حظر لا يزال قائما على السياحة والسفر لمصر.
ولعل الالتباس لدى الرأي العام في هذه الأزمة جاء باعتبار موسكو حليفا استراتيجيا داعما لمصر منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة الجمهورية وليس أدل على عمق هذه الشراكة من صفقات السلاح المتعددة التي أبرمت بين الجانبين وساهمت في كسر الحصار الأمريكي الأوربي على مصر بعد 30 يونيو 2013 وباعتباره أيضا أكبر مصدر عالمي للقمح أفادت تقارير الحجر الزراعي المصري بأنه من المناشئ النظيفة والتى لا تدخل في نطاق الدول المحظور الاستيراد منها باستثناء عدة مناطق مصابة بها كما أفادت التقارير أيضا أن 98 بالمائة من واردات مصر من القمح طوال العشر سنوات الماضية جاءت خالية من فطر الإرغوت.