مجلة افراسيا - محفوظ جابر - طلاب ينظمون الشعر بحجارتهم حين يرمون بها قوات الاحتلال الصهيوني والمستوطنين، وشباب يعزفون ألحان الحرية بسكاكينهم وهم يتحدون الجنود المدججين بالسلاح.
وفتيان ينشدون نشيد الحرية في مواجهاتهم جبروت الموت القادم، يستشهدون وهم يبتسمون، وينزفون وهم يبتسمون، ويعتقلون وهم مبتسمون، هذا هو المشهد الدموي اليومي، ولا أحد يتراجع.. بل إن أبناء الشعب الفلسطيني من الطفل حتى الشيخ العجوز، يتقدمون إلى الأمام يتقدمون لتحقيق الحرية والاستقلال.
يخرجون من بيوتهم في الصباح وهم يعرفون هدفهم.. هي تريد طعن جندي أو مستوطن، وهو يريد الذهاب إلى نقطة التماس مع جيش الاحتلال، والطفل يبحث عن زملائه لمهاجمة المستوطنين بالحجارة.
إنهم يهتفون "يسقط الاحتلال" بإرادة قوية وعزيمة.. لا ترهبهم الأسلحة ولا السجون.
ها هم يعيدون رسم خارطة فلسطين من النهر إلى البحر، ويمتد التحدي الشعبي من الضفة إلى غزة وإلى المنطقة المحتلة عام (1948) بعد أن تم تقسيمها، فالشعب واحد والوطن واحد ويتجاوزون القيادات المهترئة، ويصدرون بيانات موقعية لتنظيم عملهم المقاوم، ويخرجون من دائرة تلك القيادات التي تنهش بعضها.
صحيح أن السلطة الفلسطينية قد تركت الشعب يتحرك للمواجهة حتى الآن، ولكن الحقيقة أنها تريد استغلال " الانتفاضة " لصالح المفاوضات التي تسعى إليها، ليس لإيمانها بهذه الانتفاضة، بل لأن ناتنياهو أوقف المفاوضات.
وصحيح أن حماس تغمض عين وتفتح الأخرى على "الانتفاضة"، ولكن بسبب فشل توني بلير في تحقيق هدنة طويلة الأمد بينها وبين الكيان الصهيوني، فهي لا تريد انتفاضة مسلحة، بل سيطرة عليها، حتى يعود توني بلير من جديد. نحن إذن أمام قيادات انتهازية مساومة تستغل دماء شعبنا.
نحن بحاجة إلى قيادة ثورية تقوم بإدارة الانتفاضة كي تُفوّت الفرصة على الانتهازيين من استغلالها وحتى تحقق الهدف المنشود بالحرية والاستقلال.
وصحيح أن "الانتفاضة" تهز الأرض تحت أقدام العالم، وأن العالم لم يحتضن هذه "الانتفاضة" بعد، ولكن استمرارية "الانتفاضة" ستصنع المعجزات، وسوف تجبر العالم على الاعتراف بها.
أما العرب فنصفهم يصارع النصف الآخر، وجميعهم في "سجون الطائفية" ولا ينتظر منهم دعماً إلا القليل القليل، ولهم أقول أن الشهداء لا يحتاجون إلى دقيقة صمت، بل إلى دقيقة عمل ضد الاحتلال الصهيوني.