افراسيانت - احمد عاشور - منذ بداية نكبة شعبنا الفلسطيني العام 1948 والتي كان من أهمِّ نتائجها الكارثيّة تشريد وهجرة الشعب الفلسطيني من أرضه وأرض أجداده إلى المنافي وبلاد اللُّجوء القسري، منذ ذلك التاريخ المشؤوم والإنسان الفلسطيني بجميع فئاته يصارع بكل قوة وعلى جميع الجبهات من أجل إبقاء التغريبة الفلسطينية حاضرة في وجدان الأجيال المتعاقبة فلسطينية كانت أو عربية،
مع وجود الكثير من العقبات التي وضعتها بعض الأنظمة العربية في وجه كل مَن يحاول فضح المؤامرات المتعدِّدة التي أدَّت في نهاية المطاف إلى تشريد وهجرة الشعب الفلسطيني، وقيام كيان الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين العربية.
وكان للثقافة والأدب والفنون بجميع أشكالها نصيب الأسد في تعزيز وتثبيت الرواية الفلسطينية في مواجهة الرواية الصهيونية التي قامت بها الكيان الصهيوني، وبدعم كبير من معظم دول العالم، في محاولة لطمس الحقيقة وتزييف التاريخ لصالح الرواية الصهيونية.
وقد كان للمبدع الفلسطيني في جميع مجالات الإبداع الأدبية والفنية مثل: الشعر والقصة والرواية والموسيقى والسينما والمسرح.. كان له الكثير من النَّجاحات التي تحقَّقت بفضل العزيمة والإصرار وثقافة التحدِّي الكبير الذي نشأ في وجدان كل مثقف ومبدع فلسطيني في رحلة الصراع المرير لإثبات الوجود الفلسطيني والمحافظة على الهوية الوطنية الفلسطينية، وهذه كانت من أصعب التحدِّيات التي واجهها المبدعون والمثقفون الفلسطينيون في ظلِّ أنظمة حكم عربية غالبيتها كانت تقف حجر عثرة أمام هذه التوجُّهات.
ظهرت على الساحة العربية بكل قوة مجموعات من المبدعين العرب الفلسطينيين، والكثير منهم تخطَّى حدود الإقليم العربي ووصل إلى العالمية بكل جدارة واستحقاق وفي جميع مجالات الإبداع.
وما شاعرنا الكبير "محمود درويش" إلاَّ مثال وأنموذج لهذا التميُّز، حيث أنَّ أشعار "محمود درويش" تُرجمت إلى لعشرات من لغات العالم وأصبحت من أهمِّ عناوين التغريبة الفلسطينية.
وعندما كان يردِّد دائما أنَّ الثورة الفلسطينية ليست فقط بندقية مقاتلاً ولكنها مشرط طبيب وريشة فنان وقلم شاعر، كان صادقًة وتعلم حقيقة وقيمة جميع أنواع الإبداع، وتعلم أيضا أنَّ صراعنا ضدَّ العدو الصهيوني صراعٌ طويل ولا بدَّ من تنوع أشكال المقاومة المختلفة لتحقيق النَّصر في نهاية الطريق.
نعم سيبقى للمثقف والمبدع الفلسطيني شرف الدفاع عن الحق الفلسطيني، وبكل إصرار سيستمر في أداء رسالته الوطنية مهما كانت الصعوبات والتحديات، وفي نهاية المطاف سيرفع طفل أو زهرة فلسطينية عَلم فلسطين فوق أسوار ومساجد وكنائس القدس شاء من شاء وأبى من أبى.. يرونها بعيدة ونراها قريبة وإنَّنا لصادقون.
كاتب فلسطيني