افراسيانت - فادي الطويل - منذ إعلان شبكة HBO عن مشروعها Westworld في العام 2014، لم تتوقف التكهنات والتوقعات بشأنه ولهذا أسبابه. طاقم تمثيل من مستوى رفيع بأسماء بارزة مثل أنتوني هوبكنز، إد هاريس، إيفان ريتشل وود، جيفري رايت.
المسلسل من كتابة جوناثان نولان وزوجته ليزا جوي، وجي جي أبرامز كمنتج منفذ، وهم من أبرز الأسماء المرتبطة بعوالم الخيال العلمي. يضاف إلى هذه العوامل «الويسترن» (وهو ما لم تقدّمه HBO كثيراً) والخيال العلمي الممزوج بالرعب، في تقديم جديد تماماً، لا كمجرد «remake» لفيلم Westworld الذي صدر العام 1973. وأخيراً، ما تردد عن توجّه HBO لأن يكون هذا المسلسل عملها الكبير القادم، وليحلّ مكان Game of Thrones الذي بقي منه موسمان قصيران.
لذا، من المبرر أن تحظى الحلقة الافتتاحية من Westworld بأعلى نسبة مشاهدة بلغت 3.3 ملايين شخص، وهو ما لم تحققه HBO منذ ثلاثة أعوام (منذ True Detective في 2013). لكن حتى مع هذه التوقعات الكبيرة، لا يزال هناك الكثير مما ننتظره من Westworld، خصوصًا على مستوى القصة وتطويرها لتصل إلى خمسة مواسم، بحسب ما يُشاع.
يقوم العمل على رواية الكاتب الأميركي الشهير مايكل كريتون (كاتب Jurassic Park)، لكن صنّاع المسلسل طوّروا الفكرة ونقلوها إلى مستوى أوسع. يتحدث العمل عن عالمٍ ضمن عالم. الأول؛ عالم الكائنات المصممة بتقنيات الذكاء الصناعي، وهي موجودةٌ في بيئة ويسترن.
مهمة هذه الكائنات (المضيفون) تنفيذ سيناريوهات يضعها سكّان العالم الثاني ـ الأعلى، وهم علماء وموظفون مهمتهم تخليق هذه الشخصيات وإلزامها بنصوص مع هامش بسيط من «الارتجالات الثانوية». ينفّد المضيفون رغبات «القادمين الجدد»؛ وهم بشر أغنياء يريدون عيش هذه التجربة بكلّ ما فيها من متعٍ طبيعية حيناً وخارجة عن الطبيعة أحياناً أخرى.
في هذا العالم، يمكن استبدال الشخصيات بحسب السيناريوهات، إذ يكفي أن تنام الشخصية «نوماً عميقاً بدون أحلام» لتصحو مجدداً وتعيش الحدث نفسه وفق مسارات مقدّرة مسبقاً وحياة معادة. تبدأ الحلقة بمشهد نرى فيه دولورويس (ايفان ريتشل وود) في حالة «روبوتية» تجيب عن أسئلة تتعلق بالوجود والتناقضات والصدفة والواقع البديل وطبيعة الواقع البشريّ.
وكما سيتضح لاحقاً، تشكّل هذه الأسئلة مفاتيح أساسية يريد الباحثون من ورائها دراسة حالة غريبة بدأت تنتاب الشخصيات التي اختلقوها، ما يؤدي لاضطراب في حالة «الانغماس الكامل» التي يبيعونها للناس من خلال اختلاق 200 شخصية في 12 قصة متقاطعة في ما بينها.
يقوم روبرت فورد (أنتوني هوبكنز) بصنع تحديث يضاف إلى برمجة هذه الشخصيات لتصبح أقرب من التمثيل البشري، إلا أنه في الآن ذاته يبدأ بدفعها نحو التأمل؛ في ما كانته من قبل، ما لعبته من أدوار. لحظة صحو مفاجئة، لمحة عابرة، لكنها تترك تأثيراً يخلق حيرة كامنة. تبدأ هذه الحالة مع بيتر أبرناثي، والد دولوريس عندما تنتابه حالة «كشف» مباغتة، فيطرح العديد من الأسئلة التي تمهّد لأحداث كبيرة قادمة خلال الموسم الأول.
جاءت الحلقة على مستوى التوقعات. وبالنسبة لعمل يطمح صنّاعه لمشروع تلفزونيّ طويل، ليس من الوارد القول إن إيقاع الأحداث جاء بطيئاً، لا سيما مع التمهيد البارع المليء بالاقتباسات الشكسبيرية (خصوصاً) التي وردت على لسان والد دولوريس، ومنها أن «هذه المتع العنيفة ستنتهي عنيفة».
مستوى الكتابة كان ممتازاً، وحرص على وضع مستويات أعمق لكلّ تفصيل نراه على الشاشة. بالإضافة إلى الإخراج المبهر (جوناثان نولان) خصوصًا في اللقطات الواسعة التي تنتقل من العالم المصمّم المليء بتفاصيل الحياة المفترضة لأولئك الناس إلى المستوى الأعلى، ليمتزج العالمان بقيمهما المتناقضة ووجودهما المتباين. أو في المشاهد التي تبرز حيرة الشخصيات، والتخبط النفسي خلال التفكير بما فعلوه والانتقال لمرحلة «الشعور» بالكيفية التي تتم معاملتهم بها. مع موسيقى تصويرية متقنة جميلة (فخمة من دون تكلّف) لرامين جوادي.
مبدئياً، يمكن القول إن مسلسل Westworld وفى بالوعود التي قطعها صنّاعه قبل بدء عرضه، ويبدو أنه يمتلك حقاً العناصر اللازمة للاستمرار والثبات كمشروع تلفزيونيّ طموح، بدون مقارنته بسواه.