افراسيانت - أمن المعلومات ، من زاوية اكاديمية ، هو العلم الذي يبحث في نظريات واستراتيجيات توفير الحماية للمعلومات من المخاطر التي تهددها ومن انشطة الاعتداء عليها . ومن زاوية تقنية ، هو الوسائل والادوات والاجراءات اللازم توفيرها لضمان حماية المعلومات من الاخطار الداخلية والخارجية . ومن زاوية قانونية ، فان أمن المعلومات هو محل دراسات وتدابير حماية سرية وسلامة محتوى وتوفر المعلومات ومكافحة انشطة الاعتداء عليها او استغلال نظمها في ارتكاب الجريمة ، وهو هدف وغرض تشريعات حماية المعلومات من الانشطة غير المشروعة وغير القانونية التي تستهدف المعلومات ونظمها ( جرائم الكمبيوتر والإنترنت) .
واستخدام اصطلاح أمن المعلومات Information Security وان كان استخداما قديما سابقا لولادة وسائل تكنولوجيا المعلومات ، الا انه وجد استخدامه الشائع بل والفعلي ، في نطاق انشطة معالجة ونقل البيانات بواسطة وسائل الحوسبة والاتصال ، اذ مع شيوع الوسائل التقنية لمعالجة وخزن البيانات وتداولها والتفاعل معها عبر شبكات المعلومات- وتحديدا الإنترنت – احتلت ابحاث ودراسات أمن المعلومات مساحة رحبة آخذة في النماء من بين أبحاث تقنية المعلومات المختلفة ، بل ربما أمست أحد الهواجس التي تؤرق مختلف الجهات .
وقد باتت الحكومات وايضا منظمات الاعمال في هذا العصر الرقمي تعتمد اكثر فاكثر على انظمة معلوماتها وازدادت تهديدات امن المعلومات من قبل المجرمين والارهابيين وهذه التهديدات في تسارع متواصل. ومن ناحية مجتمع الاعمال فان سهولة وصول منظمة الاعمال الى المعلومات يعطيها ميزة تنافسية. وقد نقل عن الرئيس الامريكي الاسبق «رونالد ريغان» قوله في عام 1989 بان «المعلومات هي اكسجين العصر الحديث» ولهذا فان اي ثغرة فى حاجز الامن المعلوماتي من شأنها اتاحة الفرصة للقراصنة والارهابيين لسرقة المعلومات والاطلاع عليها حيث ان الكمبيوترات المعطوبة بالفيروسات والمرتبطة بشبكات اعمالها تدمر المعلومات المتواجدة فيها او ما يسمى» بالانتحار الذاتي».
امن المعلومات والعالم
في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات غير مسبوقة ، كذلك في ظل تنامي قدرات المنظمات التي عادة ما تصنف بالارهابية ، تبدو الحاجة ملحة للتشارك في جهاز لامن المعلومات لكل دول العالم ليكون جزءا من مؤسسات الامم المتحدة رغم ان الكثير من الدول تعزف عن هكذا مشاركة لعلمها المسبق بان الهيمنة الامريكية المغرمة باساليب التجسس ستكون هي المستفيدة الاول لهكذا جهاز.
بعكس دول اخرى كروسيا والصين ، اللتان تضعان في اولوية توجهاتهما: القانون الدولي والحقوق المتساوية للدول والشعوب ، ورفض هيمنة القطب الواحد.
امريكيا لا تؤتمن على اية معلومات
يعرف العديد من دول العالم ان الولايات المتحدة الامريكية ، لطالما قامت بالتجسس على الزعماء وقيادات الدول وحتى المواطنين ، دون ادراك اي حس للمسؤولية وبكل صفاقة.
الامثلة على ذلك كثيرة ، فقد كشفت وثائق ليست بالقليلة ، عن قيام الولايات المتحدة بالتجسس حتى على اصدقائها ، ولا زالت اصداء هذا الكشف تلقي بتداعياتها حتى الان ، فمثلا ، كشفت بعض الوثائق بقيام وكالة الأمن القومي الامريكية NSA، على ثلاثة من رؤساء فرنسا:" فرنسوا هولاند، ونيكولا ساركوزي، وجاك شيراك" من 2006 حتى 2012.
وبحسب الوثائق المسربة، فإن عمليات التنصت استهدفت اتصالات الرؤساء الفرنسيين مباشرة، وكذلك وزراء الحكومة الفرنسية والسفراء الفرنسيين للولايات المتحدة، كما احتوت على قائمة بأرقام هواتف العديد من المسؤولين في قصر الإليزيه، وكذلك هواتف الرؤساء الخاصة.
وتضمنت الوثائق أيضًا المحادثات بين المسؤولين في الحكومة الفرنسية بشأن بعض القضايا الأكثر إلحاحًا التي تواجه فرنسا والمجتمع الدولي، بما في ذلك الأزمة المالية العالمية، أزمة الديون اليونانية، القيادة ومستقبل الاتحاد الأوروبي، العلاقة بين إدارة هولاند والحكومة الألمانية بقيادة أنجيلا ميركل، إشراك فرنسا في الصراع في فلسطين والنزاع بين الحكومتين الفرنسية والأمريكية على تجسس الولايات المتحدة على فرنسا.
الغارديان: وثيقة تكشف تجسس أمريكا على 35 زعيما في العالم
بدورها : كشفت صحيفة الغارديان عن وثيقة سرية جديدة سربها المحلل الاستخباراتي الأمريكي السابق إدوارد سنودن تشير إلى ان وكالة الأمن القومي الأمريكية تجسست على المحادثات الهاتفية لخمسة وثلاثين من زعماء العالم.
وتشير الوثيقة التي حصلت الغارديان على نسخة منها إلى أن وكالة الأمن القومي تحض المسؤولين البارزين في مواقع مختلفة كالبيت الأبيض والبنتاغون والوكالات الحكومية على أن يقدموا مالديهم من أرقام هواتف تخص السياسيين البارزين حول العالم لإضافتها إلى قاعدة بياناتها.
وتكشف الوثيقة عن أن مسؤولا لم يكشف عن هويته قد سلم للوكالة أكثر من مئتي رقم هاتف من بينها أرقام لخمسة وثلاثين من زعماء العالم. وأن موظفين بالوكالة قد تم تكليفهم على الفور بمراقبة اتصالات هذه الأرقام.
وتضيف الغارديان ان هذه الوثيقة التي يعود تاريخها إلى أكتوبر من عام 2006، ترجح أن المسألة لم تكن حدثا فرديا.
الموضوع ذاته تناولته صحيفة الاندبندنت، حيث تقول الصحيفة إن ماسمته فضيحة التجسس الأمريكية على الاتصالات قفز إلى صدارة المشهد الأوروبي للمرة الأولى.
"روباد" أول جهاز لوحي روسي منافس لجوجل
نظام تشغيل أُطلق عليه اسم "روموس RoMos"
التجسس الامريكي المتواصل لا يعني انه يمر دون محاولة التصدي له ، فمثلا : قررت وزارة الدفاع الروسية إنتاج حواسيب لوحية خاصة بها دون الاعتماد على بيانات أو خرائط جوجل، بعد أن ضاقت ذرعاً بعمليات التجسس التي تنتهجها الحكومة الأمريكية لمراقبة ورصد كافة تحركات مسؤولي الحكومة الروسية ووزارة الدفاع وكشف بعض الاتصالات الحكومية الأكثر سرية وحساسية.
وطرح فريق عمل تابع للمعهد القومي للأبحاث النووية بجامعة موسكو، أول نموذج لجهاز لوحي روسي يحمل اسم "RuPad" يعمل بنظام تشغيل أُطلق عليه اسم "روموس RoMos" وهو اختصار لـ"Russian Mobile Operating System" روسي الصنع تم تصميمه وتطويره من قبل هذا الفريق بقيادة أندريه ستاركوفيكسي، مدير وحدة الإنتاج بالجامعة أو معهد موسكو للهندسة والفيزياء.
ووفقاً لستاريكوفسكي فإن "نظام التشغيل الروسي المتنقل لديه صفات وخصائص وإمكانيات تشبه إلى حد كبير القدرات الوظيفية لنظام تشغيل جوجل الشهير "أندرويد"، ويمكن القول إنها نسخة معدلة من نظام تشغيل جوجل، إلا أنه يختلف عن الأخير من حيث السرية والخصوصية وأمن المعلومات، فهو يتميز بعدم إرسال قاعدة بيانات المستخدم إلى مقر المؤسسة المعلوماتية جوجل كما هو الحال مع أجهزة أندرويد"، وقد صرح بذلك في حضور نائب رئيس الحكومة الروسية ديمتري روغوزين بمؤتمر "IFA" الذي انعقد بالعاصمة الألمانية برلين.
وقال ديمتري ميخائيلوف، المدير العام للمشروع القائم على تطوير نظام التشغيل الروسي الذي استغرق تطويره 5 سنوات: "إن الحكومة الروسية لا تخشى الحكومة الأمريكية أو شركة جوجل في حد ذاتها، ولكنها لا تثق بالأمن المعلوماتي الخاص بجوجل وتعتبر عملية تسريب البيانات بشكل عام مصدر القلق الرئيسي لقادة روسيا".
الخلاصة :
ان مسالة التوجه لانشاء مؤسسة عالمية لامن المعلومات ورغم ضروريتها ، يصطدم بمسالة عدم ثقة كافة الدول دون استثناء بالولايات المتحدة الامريكية ، فامريكيا تعتقد ان لها الحق في ادارة شؤون العالم والسيطرة على المعلومات حتى امام حلفائها ، بعكس روسيا او الصين اللتان تريا ان المعلومات ومهما بلغت خصوصيتها يجب ان يقتصر استخدامها على ما يؤدي الى خدمة التوافق الدولي والسلام العالمي ، وحق الشعوب في صياغة مستقبلها دون الرضوخ للتاثيرات الاجنبية وتحديدا من الولايات المتحدة الامريكية التي تعتقد حقا انها زعيمة العالم ، فيما تلفظها الشعوب .