افراسيانت - لا يتوقف الغرب الاطلسي عن ملاحقة روسيا بالعقوبات احيانا وبالتركيز على الهجوم الاعلامي المتواصل على روسيا , لكن آخر ما صدر عن الاتحاد الاوربي بانه بصدد انشاء محكمة خاصة لمحاكمة قيادات روسية وشخصيات عامة يؤكد ان القانون الدولي اصبح في مهب الريح .
وكما في الحالة الامريكية , تاتي القواعد بديلا للقانون الدولي , قواعد يضعها الغرب الاطلسي لخدمة مصالحه واهدافه .
فماذا عن المحاكم الدولية التي اصبحت احكامها التي لا تتوافق مع سياسة الغرب مدعاة للسخرية ؟ وهل اصبحت الانتقائية في قبول هذه الاحكام فعلا يتكرس تبعا ببمصالح والاهواء .
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي غير الشرعي يوقع اتفاقية مع مجلس أوروبا المعني بحقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون لإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة كبار المسؤولين بمزاعم ارتكاب جريمة العدوان على بلاده.
مهمة المحكمة، التي سبق أن أعلنت كييف وحلفاؤها الغربيون إنشاءها يوم 9 مايو/أيار الماضي في مدينة لفيف الأوكرانية، هي النظر فيما يسمونه "جريمة العدوان"، وهو تلاعب واضح يطال القوانين الدولية المتعارف عليها حيث يقول الاوربيون بان " جريمة العدوان " أمر خارج صلاحية المحكمة الجنائية الدولية.
في انتشاء واضح يدلي زيلنسكي بدلوه بالقول "ما زال الطريق طويلا أمامنا. واتفاق اليوم ليس إلا البداية، وعلينا اتخاذ خطوات حقيقية حتى ينجح. وسيتطلب الأمر تعاونا سياسيا وقانونيا وثيقا للتأكد من أن كل مجرم حرب روسي سيواجه العدالة بما في ذلك الرئيس فلاديمير بوتين".
يزعم مجلس أوروبا المكون من 46 عضوا، والذي تأسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية لدعم حقوق الإنسان وسيادة القانون, إن الهدف من انشاء المحكمة هو أن تكون مكملة للمحكمة الجناية الدولية وتسد الثغرات القانونية في الملاحقات القضائية.
الكرملين يرد على خطط الاتحاد الأوروبي لتشكيل "محكمة" ضد روسيا
يقول المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، في تعليق له على على خطط الاتحاد الأوروبي لتشكيل "محكمة" ضد روسيا، إن موسكو لن تبدي أي رد فعل على ذلك.
بهذا الشكل رد ممثل الكرملين على سؤال من الصحفيين حول رد فعل موسكو على خطط عدد من دول الاتحاد الأوروبي لإنشاء "محكمة" لمحاكمة روسيا بخصوص الأحداث في أوكرانيا.
ونقلت وكالة تاس عن بيسكوف قوله ردا على سؤال حول رد فعل القيادة الروسية على هذا الخبر: "نحن لا نرد على مثل هذه الأنباء".
ويجدر الذكر أن وزارة الخارجية ومجلس الاتحاد في روسيا أكدا في وقت سابق أن صلاحية هذه الهيئات التي تحاول أوكرانيا ورعاتها الغربيون تشكيلها لا يمكن أن تشمل روسيا.
مدعي عام محكمة الجنايات الدولية: مذكرة "اعتقال" الرئيس الروسي أمر مؤسف
يقول المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، كريم خان، إن "مذكرة اعتقال" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الصادرة عن المحكمة "مؤسفة" و"لا تدعو للاحتفال".
مضيفا في مقابلة مع شبكة "سي إن إن": "هذا لا ينبغي أن يعطينا سببا للاحتفال. إن قيامنا بهذا الأمر مؤسف. الأدلة جعلتنا نتصرف بهذه الطريقة".
وفي وقت سابق قال ممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، في اجتماع لمجلس الأمن الدولي، إن روسيا تعتبر أي وثائق للمحكمة الجنائية الدولية باطلة وغير قانونية.
وأوضح أن "هذه المحكمة الدولية المنحازة والمسيّسة وغير الكفؤة أثبتت مرة أخرى دونيتها، وهي دمية في أيدي الغرب الجماعي، المستعد دائما لتحقيق العدالة الزائفة حسب الطلب".
وأشار إلى أنه من المثير للسخرية أن يتم الإعلان عن القرارات الباطلة قانونا عشية الذكرى العشرين للغزو الأمريكي غير الشرعي للعراق، حيث تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بالسلطة القضائية ولكنها لم تفعل شيئا لتقديم المسؤولين إلى العدالة.فيما وصف رئيس مجلس "الدوما" الروسي فياتشيسلاف فولودين، قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة "اعتقال" بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه هستيريا بالنسبة للغرب.
وقال فولودين: "اليانكيز(لقب الأمريكيين)، ارفعوا أيديكم عن بوتين! الهراء الذي خرج من لاهاي يقول شيئا واحدا: الغرب هستيري، وأوراق محكمة لاهاي الغريبة لا تنطبق على روسيا".
محاكم دولية وخاصة: روسيا في قفص الاتهام
أحكام عديدة صادرة عن الجنائية الدولية أو العدل الدولية على علاقة بالحرب في أوكرانيا، طالت حتى الرئيس بوتين. ومع ذلك تم التوقيع هذا الأسبوع على إنشاء محكمة خاصة. فما الحاجة لمؤسسة قضائية محدثة؟
منذ العملية الروسية العسكرية الخاصة في اوكرانيا , قبل ثلاث سنوات، أخذت الملاحقة الجنائية الدولية منحى جديدًا، إذ أُنشأت محاكم خاصة لملاحقة ما يقال عن المتورطين في هذه الحرب الذي يعتبر انتهاكا للقانون الدولي.
وتجري بعض الهيئات المختصة على الصعيد الوطني - مثلًا في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وليتوانيا - تحريات على أساس مبدأ الولاية القضائية العالمية ضد جهات روسية فاعلة بمزاعم الاشتباه في ارتكاب جرائم حرب. ومبدأ الولاية القضائية العالمية من مبادئ القانون الدولي ويسمح للدول بملاحقة الجرائم الخطيرة بشكل خاص، حتى لو لم يكن الجاني أو الضحية أو مسرح الجريمة في هذه الدول.
محاكمات غيابية فقط
من المقرر أن تبدأ المحكمة الخاصة التي تم إنشاؤها حديثًا، عملها في الأشهر القادمة؛ ويجب أولًا تعيين القضاة والمدعين العامين. بيد أنه من المستبعد للغاية أن تتمكن من إخضاع متهمين مثل فلاديمير بوتين شخصيًا للمساءلة. بل إن الأمر مستحيل على الأقل مادام الأخير رئيسا، لأنَّ رؤساء الدول والحكومات يتمتعون خلال وجودهم في مناصبهم بحصانة قانونية. عطفا على ذلك، لا تعترف روسيا بالمحاكم الدولية، ومن ثمّة من المستبعد جدا أن تقوم بتسليم المطلوبين. ما يعني أن المحاكمات سوف تكون على الأرجح غيابية.
لا يمكن تفسير هذا العمل الا بتفسير واحد وهو عدم التقيد بالقوانين الدولية بل الغائها وهذا لم يتوقف عند محاكمة روسيا بل ان الانتقائية ستسود اية احكام تصدر عن هذه المحكمة وفقا للمصالح الغربية التي تقبل احيانا احكاما صدرت عن الجنائية الدولية وترفض في احايين اخرى احكاما تصدر من نفس المحكمة كما هو الحال في قبول احكام على شخصيات روسية فيما ترفض قبول احكام على قادة اسرائيل الذين يمارسون الابادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الفلسطينيين وفق ما اكدته ايضا المحاكم الدولية .
معايير مزدوجة.. هل تستهدف الجنائية الدولية أفريقيا والدول الضعيفة فقط؟
اذا كانت محكمة الجنايات الدولية تخضع لهيمنة الغرب الاطلسي , فما الحاجة لمحاكم خاصة لهذا الغرب ؟
التدخل الغربي في عمل المحاكم الدولية افقدها الصدق واصبح امامها تحديات واتهامات بالانتقائية تواجه عمل المحكمة الجنائية الدولية
أُنشئت محكمة الجنيات الدولية لهدف نبيل يتمثل في مقاضاة المسؤولين عن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، لكنها تواجه انتقادات منذ إنشائها بسبب تركيزها على قادة الجنوب العالمي وخاصة أفريقيا.
ومع تجاهلها للجرائم التي تنتهكها الدول الغربية، أثيرت تساؤلات حول إذا ما كانت المحكمة أداة لتحقيق العدالة العالمية، أم وسيلة للتدخل السياسي وتحقيق النفوذ الغربي فقط.
استهداف أفريقيا
ومنذ أن تم الإعلان عن تأسيسها عام 2002 قامت محكمة الجنايات الدولية بإجراء تحقيقات ومحاكمات بارزة، أشهرها كانت ضد شخصيات وقيادات من دول أفريقية، مثل الرئيس السوداني السابق عمر البشير، والرئيس الكيني أوهورو كينياتا، والرئيس الكونغولي توماس لوبانغا، والزعيم السابق لكوت ديفوار لوران غباعبو.
وفي الوقت الذي تقوم فيه المحكمة بملاحقة الشخصيات الأفريقية على كل أخطائها، تتجاهل عديدا من قادة الدول الغربية التي ارتكبت أفعالا مماثلة أو أكثر خطورة في مناطق شاسعة من العالم.
وأدى هذا التحيز الواضح والمعايير المزدوجة إلى تعزيز الاتهامات التي تقول إن المحكمة أصبحت أداة استعمارية جديدة هدفها تعزيز الهيمنة الغربية على الدول الأفريقية، بدلا من إرساء العدالة والأحكام النزيهة على الجميع دون تمييز أو انتقائية.
وفي ظل ازدواجية المعايير التي تنتهجها هذه المؤسسة، هددت بعض الدول مثل جنوب أفريقيا وبوروندي من الانسحاب منها، وهو الأمر الذي طالب به الاتحاد الأفريقي عام 2017، إذ ارتأى أن تنسحب الدول الأفريقية جماعيا من المحكمة، واعتبرها تلاحق القادة الأفارقة ظلما، وتتجاهل الشخصيات السياسية والعسكرية الغربية.
تجاهل جرائم الغرب
ومع تزايد الحديث عن تجاهل المحكمة الجنائية الدولية للجرائم الغربية في سوريا وأفغانستان وليبيا، قررت المحكمة عام 2022 إجراء تحقيق عن جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها القوات الأميركية في أفغانستان، لكنها تراجعت بعد ضغوط وتهديد بالعقوبات على مسؤوليها من قبل واشنطن.
وقد أدى هذا التراجع إلى تعزيز التصور القائل بأن المحكمة ضعيفة أمام الدول القوية ولا تستطيع أن تواجهها مثلما تفعل مع الدول الأفريقية.
ولم تفعل المحكمة أي شيء تجاه تجاوزات الدول الأوربية في ليبيا ومنطقة الساحل الأفريقي حيث كانت تعمل على محاربة الإرهاب، وتحدثت تقارير عن مشاركتها في جرائم ضد الإنسانية.
وتجاهلت الجنائية الدولية تورط القوات الأميركية في القتل المنهجي وجرائم التعذيب في العراق، والقتل خارج نطاق القانون.
وبخصوص حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة، لم تقم المحكمة بإعلان لائحة كبيرة من الاتهامات وكان تصرفها دون المستوى المطلوب.
على المحك :
وبفعل ازدواجية المعايير التي دأبت على انتهاجها منذ تأسيسها، فإن مصداقية المحكمة باتت على المحك، وخاصة بعدما تزايدت المطالبات في الدول الأفريقية بضرورة الانسحاب منها.
أن تاريخ المحكمة يصنفها أداة للنفوذ الغربي ووسيلة استعمارية جديدة، فهل يمكن ان تكون المحكمة الخاصة الاوربية افضل حالا .
عندما اصدرت الجنائية الدولية احكاما بحق رئيس الوزراء الاسرائيلي " نتنياهو " ووزير دفاعه غالنت , فرضت الدول الغربية عقوبات على مدعي عام المحكمة اضافة الى تشويه سمعته وبالتاكيد لم تلتزم بما صدر , فيما باركت حكما بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمزاعم لا اول لها ولا آخر.
يتصرف الغرب ضمن قواعد يحددها حسب مصالحه وهذا يعني دفن قوانين العدالة الدولية والتصرف بالعقلية الاستعمارية ولكن بشكل مختلف حيث يخضع القانون لتبرير جرائمه ويعفي جرائمه من المحاسبة . اليس هذا حقا قانون الغاب ؟