سؤال حول الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟.. نووى إسرائيل "السرى".. ازدواجية المعايير والصمت الدولى

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


غروسي : المساهمة في اعطاء المبرر لاسرائيل لمهاجمة ايران !!


ذريعة إسرائيل الأساسية فى الهجوم على إيران هو منعها من امتلاك سلاح نووى، والحقيقة أن تلك الذريعة الواهية أكبر دليل على النفاق وازدواجية المعايير الذى تتسم بهما إسرائيل التى هى نفسها تمتلك برنامجًا نوويًا «سريًا» لا تعترف به علنًا.


فوسط حالة التعتيم والصمت العالمى على ضبابية البرنامج النووى الإسرائيلى، قليلة هى التقارير التى تكشف الستار عن ذلك البرنامج السرى. ومع اشتعال المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، جاء تقرير لصحيفة نيويورك تايمز ليفضح بعض المعلومات التى تصر إسرائيل على حجبها عن أعين العالم. فبحسب مركز مراقبة الأسلحة ومبادرة التهديد النووى، يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك ما لا يقل عن 90 رأسًا نووية، ولديها ما يكفى من المواد الانشطارية لإنتاج مئات أخرى.


وقد قيّمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، أن 30 دولة لديها القدرة على تطوير أسلحة نووية، لكن تسع دول فقط معروفة بامتلاكها لتلك الأسلحة. وتحتل إسرائيل المرتبة قبل الأخيرة من حيث حجم الترسانة النووية بين هذه الدول التسع، متقدمة فقط على كوريا الشمالية، وفقًا لحملة نزع السلاح النووى الدولية، الحائزة على جائزة نوبل للسلام. ويقول الخبراء إن إسرائيل قادرة على إطلاق رؤوسها النووية من مقاتلات حربية، أو من غواصات، أو من منصات إطلاق صواريخ باليستية أرضية.


وتُعد إسرائيل واحدة من خمس دول ـ إلى جانب الهند وباكستان وكوريا الشمالية وجنوب السودان ـ لم توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التابعة للأمم المتحدة. وتُلزم هذه الاتفاقية، التى دخلت حيز التنفيذ فى عام 1970، الدول الموقعة عليها بشكل عام بتعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ومنع انتشار الأسلحة النووية. وتعترف المعاهدة بخمس دول فقط كدول نووية رسمية هى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، وهى الدول الخمس الدائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى.


تاريخيا، يعتقد الباحثون أن إسرائيل بدأت فى عام 1958 ببناء موقع لتطوير الأسلحة النووية بالقرب من بلدة ديمونة جنوبا. وبحلول عام 1967، طورت إسرائيل سرا القدرة على تصنيع متفجرات نووية، وفقًا لجمعية الحد من التسلح. وبحلول عام 1973، كانت الولايات المتحدة «مقتنعة بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية»، بحسب ما كشف عنه لاحقًا اتحاد العلماء الأمريكيين. ولا تُعد إسرائيل من بين الدول التى تُعتبر محمية بما يُعرف بـ»المظلة النووية» الأمريكية، وهى الحماية التى لا تهدف فقط ردع الخصوم بل أيضًا إلى ثنى هذه الدول عن تطوير أسلحة نووية خاصة بها.


ويرى الخبراء أن حقيقة أن إسرائيل ليست ضمن هذه المظلة تُعد بمثابة إقرار غير معلن بأن لدى إسرائيل ترسانة نووية خاصة بها، ولا تحتاج إلى الحماية أو الردع الأمريكى. وخلال الخمسين عاما الماضية، ظهرت تقارير قليلة تفيد بأن إسرائيل ربما أجرت اختبارات على أسلحتها النووية فى مواقع تحت الأرض، بما فى ذلك بصحراء النقب جنوب البلاد.


إسرائيل فوق المساءلة وإيران تحت المجهر.. تسييس الملف النووي في الشرق الأوسط

 
مع تصاعد التوترات الإقليمية على وقع الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، التي طالت عددا من المنشآت النووية ومواقع تخصيب اليورانيوم، تزداد المخاطر التي تواجه منظومة الأمان النووي في الشرق الأوسط، فى ظل السياسة المتباينة وازدواجية المعايير التي تتخذها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذي أثار مخاوف حول التأثيرات المحتملة على دول الجوار، مع احتدام وتيرة الصراع والانتهاك الإسرائيلي المستمر للقانون الدولي، وتبادل التهديدات من جانب الطرفين باستهداف المنشإت النووية. 


جاء الهجوم الإسرائيلي على إيران ليزيد من تعقيد مسار المفاوضات النووية، عقب قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذى اتهم إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها، وهو ما رفضته طهران مؤكدة أنها أعدّت حزمة من الإجراءات للرد على أى تصعيد. وانتقدت وزارة الخارجية الإيرانية ما وصفته بازدواجية المعايير، مشيرة فى بيانٍ لها، إلى أن الدول الغربية التى ترفع شعار الحد من الانتشار النووى تقدم دعمًا مباشرًا للبرنامج النووى العسكرى الإسرائيلى، فى الوقت الذى تهاجم البرنامج النووى الإيرانى المعلن.


القوى الكبرى


ويرى الدكتور كريم الأدهم خبير الطاقة النووية والمدير السابق لمركز الأمان النووى، أن إدارة الملف النووى عالميًا تُوظَّف لخدمة مصالح قوى كبرى على حساب مبادئ الأمن والسلم الدوليين. ويبرز هذا التحيّز برأيه، فى أداء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التى تطوِّع معاييرها الرقابية بما يخدم الولايات المتحدة وإسرائيل.


ويلفت الأدهم فى تصريحه لـ«آخرساعة» إلى أن إسرائيل لم توقِّع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، بالتالى لا تخضع منشآتها لأى نظام تفتيش تابع للوكالة، رغم ما تشير إليه التقديرات والتسريبات الاستخباراتية من امتلاكها نحو 300 رأس نووى. ورغم ذلك، لم تُقدم الوكالة حتى على مطالبتها بفتح منشآتها للمراقبة، على خلاف ما تقوم به تجاه دول أخرى، رغم أن دورها الأساسى يفترض أن يشمل رصد الخروقات ورفع التقارير إلى مجلس الأمن.


وأشار إلى أن المشكلة تكمن فى أن انضمام الدول إلى معاهدة حظر الانتشار النووى طوعى، ولا توجد آلية دولية لإجبار أى دولة على ذلك، وهو ما تستفيد منه إسرائيل لتفادى الرقابة، بينما تُمارَس ضغوط سياسية على دول أخرى، مثل إيران. ويُحذِّر الأدهم من خطورة الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، مشددًا على أن هذه المنشآت تتمتع بحصانة بموجب القانون الدولى ومعاهدات حظر الانتشار، واستهدافها يُعد انتهاكًا جسيمًا لتلك المواثيق. 


مخاطر التسريبات


ويؤكد الدكتور على عبدالنبى نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقًا، لـ«آخرساعة» أن الخطر المترتب على استهداف المنشآت النووية الإيرانية، يمكن تقييمه على أكثر من مستوى، فرغم أنه حتى الآن لم تُرصد مستويات مرتفعة من الإشعاع خارج المنشآت ومواقع تخصيب اليورانيوم التى تم استهدافها، إلا أن التوجه الذى أعلنته إسرائيل باستهداف مواقع أخرى يضعها فى دائرة الخطر، فى ظل الغياب التام للمساءلة القانونية للكيان الإسرائيلى.


هذه المخاطر تحكمها عوامل عدّة كما يشير عبدالنبى، أولها نوع الحادث وطبيعة المنشأة المُستهدفة والمواد المشعة التى تحويها، فضلاً عن درجة حصانة المنشآت وقوة الضربات التى يمكن أن تتلقاها وأماكن التفجير وشدتها، إضافة إلى سلوك المواد المشعة الذى يعتمد انتشارها على اتجاهات الرياح وقوتها، التى يمكن أن تنقل التلوث الإشعاعى عبر ما يُسمى بالسحابة النووية إلى دول مجاورة ومناطق أخرى خارج الحدود، حسبما يوضح.


 المفاعلات النووية على خلاف منشآت تخصيب اليورانيوم التى جرى استهدافها، تحوى مواد عالية الإشعاع وهى نواتج الانشطار النووى، التى يُمكن أن تحدث كارثة بيئية هائلة حال تعرض المفاعل إلى هجوم أدى إلى تدميره أو التأثير على أنظمة التبريد الخاصة به، يمكن أن يتسبب ذلك فى انصهار قلب المفاعل أو تسرب المواد المشعة إلى الجو ومياه الخليج العربى والبيئة المحيطة.


بينما يقتصر التأثير الإشعاعى لمنشآت تخصيب اليورانيوم على نطاق محدود، حسبما يوضح، مشيرًا إلى أن المواد المستخدمة بهذه المنشآت مثل سادس فلوريد اليورانيوم، لا تنتشر بسهولة فى حالتها الصلبة، ويمكن أن يؤدى تعرضها لانفجار إلى تلوث كيميائى خطير فى البيئة المحيطة، لكنه من الصعب أن ينتقل فى أغلب الأحوال. غير أن أغلب هذه المنشآت الإيرانية محصنة بشكل كبير فى مواقعها تحت الأرض، ما يصعب إحداث تأثير كبير عليها.


سؤال حول الوكالة الدولية للطاقة الذرية ؟


كتب ناصر قنديل في وقت سابق :


بالرغم من لا أخلاقية وقوع الدول في ازدواجية المعايير في التعامل مع ظواهر متشابهة ، إلا أنه يمكن فهم ذلك طالما أن الدول تدفع ثمنا أخلاقيا ومعنويا من سمعتها ورصيدها السياسي عندما تصاب في مصداقيتها ، سواء أمام رأيها العام الداخلي ، أو الرأي العام الدولي ، وكل منهما يؤثر على ثبات سلطات هذه الدول وفاعليتها ، لكن المنظمات الأممية ليست هيئات تأتي بها الإنتخابات لتمارس السياسة على هواها ، وتتحمل نتائجه في الانتخابات داخل بلدها ، أو بردود الأفعال على سياساتها خارج بلدها ، بل هي منظمات مسؤولة عن السهر على مواثيق توافقت عليها دول العالم تحت شعار تطبيق بند أو أكثر من بنود ميثاق الأمم المتحدة .


- التوازنات التي تخضع لها المنظمات الأممية والطريقة التي تتحكم باختيار القيمين عليها تعبر عن موازين القوى داخل المجتمع الدولي ، وهو ميزان قوى كان حتى الأمس محكوما بالاحادية الغربية المسيطرة على الأمم المتحدة وقراراتها وطريق اختيار مسؤوليها .


- عندما نتحدث عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية فالأمر يتصل بتطبيق مبدأ السعي لعالم خال من السلاح النووي ، وضمان سلمية البرامج النووية لدول العالم ، عبر ميثاق للوكالة وبرامج يتم التوجه الى الدول لتوقيعها والانضمام إلى معاييرها ، وبنظرة بسيطة يظهر أن في منطقتنا تقف إيران على ضفة وتقف "إسرائيل" على ضفة مقابلة ، فمقابل إيران التي تجاهر بكونها دولة تسعى لبرنامج نووي سلمي وتخضع لمواثيق وخطط الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، ترفض "إسرائيل" كل برامج الوكالة وشروطها وترفض كل خضوع لمعاييرها ولأي تفتيش يتصل بضمان احترامها ، وتعرف الوكالة والعالم كله انها تملك برنامجا عسكريا ، ثمرته مئات الرؤوس النووية  ، وهذا يعني أن الوكالة يجب ان تكون على حالة تعاون مع إيران مهما كانت الملفات الخلافية تحت سقف برنامج نووي سلمي ، وأن تقف على حالة قطيعة مع إسرائيل ، ترجمة للقطيعة الإسرائيلية مع مهمة الوكالة ودورها ، وعندما تحظى إسرائيل بمكانة الصديق المميز للوكالة وتعامل إيران معاملة التلميذ المشاغب ، فهذا يشبه أن تقوم منظمة اليونسكو بالمتاجرة بالأطفال والرقيق الأبيض والآثار المسروقة .


- جوهر الخلل في وضع الملفات النووية في العالم هو هذا الشذوذ الذي يحكم علاقة الوكالة الدولية ب"إسرائيل" ، فلا توجد أي صدقية لسعي الوكالة إلى عالم خال من السلاح النووي ، في ظل علاقة مميزة للوكالة ومديرها ب"إسرائيل" ، وصولا إلى اعتماد التقارير الإسرائيلية ككيان نووي عسكري مخالف للقانون ، حول البرنامج النووي الإيراني كأساس للحكم على هذا البرنامج السلمي ، ودون تصحيح هذا الخلل بوضع الوكالة في حالة مواجهة مع البرنامج النووي الإسرائيلي العسكري ، وجعله في مرتبة تتقدم كل تعاملات الوكالة مع الدول ذات البرامج السلمية ، سيبقى مسار الأزمات النووية في العالم مفتوحا ، فلن تجد الوكالة دولة أخرى غير إيران لا تريد طوعا واختيارا عدم امتلاك برنامج عسكري ، ولعل المثال الكوري الشمالي خير رد مناسب على وكالة تدار بهذه الطريقة.


ازدواجية المعايير


وزير الخارجية اللبنانية الأسبق السيد عدنان منصور يقول :


منذ أن بدأت إيران السير في برنامج نووي سلمي، كانت عيون الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وبالذات إسرائيل، تلاحق وتتابع البرنامج النووي الإيراني بحرص وقلق شديدين. هذا الحرص والقلق كانا غائبين عن الساحة حين كانت الدول الغربية تقدم من دون حدود، كل ما يحقق رغبة إسرائيل وطموحها في إنشاء مفاعل نووي، من خلال المساعدات والتقديمات العلمية والتكنولوجية التي حصلت عليها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي لتصبح في ما بعد دولة نووية، تمتلك ترسانة من أسلحة الدمار الشامل. وهذا كله تحقق بفضل الدول الغربية، التي آثرت الصمت، وغض النظر وما زالت، عن الترسانة النووية الإسرائيلية، لتصبح إسرائيل في ما بعد، الدولة السادسة في العالم التي تحوز هذا السلاح، والأولى في منطقة الشرق الأوسط. في ظل غياب التفتيش للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي ترفضه إسرائيل بالمطلق، وغموضها حول ترسانتها النووية.


تعاطي الغرب مع الملف النووي الإيراني يختلف كليا عن تعاطيه مع إسرائيل، ما أفقده الموضوعية، والصدقية والنزاهة. 


أي سلام وأمن تريده الولايات المتحدة والغرب معها لمنطقة الشرق الأوسط؟ وهل من زعيم في الغرب مهما علا شأنه، يجرؤ على المطالبة بإخضاع البرنامج النووي لإسرائيل، للتفتيش من قبل خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتحقق من أهداف البرنامج، والمستوى الذي وصل إليه؟ وهل يجرؤ على اتهامها، أو يطالب بفرض العقوبات عليها لتمنعها من إخضاع مفاعلها النووي لرقابة الوكالة الدولية، مثل ما يفعله مع إيران؟ إنه الغرب المنحاز دائما، وفاقد الصدقية، الذي لا يكيل الا بمكيالين، ولا يرى إلا بعين واحدة، هكذا هو، وهكذا سيبقى.


البرنامج النووي الإسرائيلي والإيراني: ازدواجية المعايير


تعاطي الغرب مع الملف النووي الإيراني يختلف كليا عن تعاطيه مع إسرائيل، ما أفقده الموضوعية، والصدقية والنزاهة. يعرف الغرب تماما أن إسرائيل تمتلك السلاح النووي الذي يهدد الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط، في حين ما زالت حتى اللحظة لا تعترف رسميا بامتلاكها السلاح النووي، بل تداوم على سياسة التعتيم والغموض المتعمد.

 

©2025 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology