افراسيانت - لم تزل تاثيرات مؤتمر سويسرا الخاص باوكرانيا والذي فشل في تشكيل اجماع على البنود التي طرحت في المؤتمر تشكل هاجسا للدول الاطلسية وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكبة التي تتجه للبحث عن بدائل تمكنها من القول ان هنالك اجماعا دوليا لدعم اوكرانيا ضد روسيا .
المؤتمر الدولي الذي عقد في سويسرا، شارك فيه ممثلو أكثر من 90 دولة. ولم تحضره روسيا بالطبع .فيما أعلن المشاركون في المؤتمر أن تحقيق السلام "سيتطلب مشاركة وحوار كافة الأطراف".
الولايات المتحدة كانت تريد حشد الدعم الدولي لما يسمى بـ"صيغة زيلينسكي للسلام"، لكن البيان الختامي للمؤتمر تضمن 3 بنود فقط من البنود الـ 10 الواردة في الصيغة المقدمة من قبل كييف أصلا، والتي كانت روسيا قد اعتبرتها "منفصلة عن الواقع".
رفضت البرازيل والصين حضور القمة بدعوى أنه من دون مشاركة روسيا، فإن مثل هذا الاجتماع سيكون بلا جدوى. فيما اعتذرت دول أخرى، لاسيّما من الجنوب العالمي، عن الحضور لنفس الأسباب، أو أكّدت عدم تمثيلها على أعلى مستوى.
ولكن هناك أمر آخر، فقد كانت عدّة دول (مثل الصين والبرازيل وجنوب افريقيا وتركيا) قد أطلقت أو اقترحت مبادرات سلام خاصة بها. وقامت عدة بلدان في السنوات الأخيرة بالفعل، بتسهيل المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا، وذلك، على سبيل المثال، بشأن تبادل السجناء والسجينات أو تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.
وعلى مستوى أوسع، ترى العديد من الدول أن الحرب في أوكرانيا هي في الحقيقة صراع بين الولايات المتحدة وروسيا. وتبدو المناورات، الدبلوماسية في هذا السياق، منطقية تماما من أجل حسن التموقع على الساحة الدولية.
كان الهدف الأساسي للمؤتمر كان تشكيل قوة ضغط على روسيا من خلال الحصول على تأييد أصدقائها لفرض شروط الغرب عليها
لكن نتائج المؤتمر أظهرت ، فشل زيلينسكي في تحقيق الأهداف التي سعى اليها. وأهمها كان الحصول على دعم أصدقاء روسيا الذين جرت دعوتهم، في محاولة لتبديد صورة الانتكاسات العسكرية التي منيت بها قواته مؤخراً.
الهدف الأساسي للمؤتمر كان تشكيل قوة ضغط على روسيا، من خلال الحصول على تأييد أصدقائها، لفرض شروط الغرب وإملاءاته عبر خارطة طريق أحادية لإنهاء الصراع في أوكرانيا، تتعارض تماماً مع الوقائع الميدانية. لذا اعتبرته موسكو "مضيعة للوقت"، خصوصاً في ظل وجود مبادرة السلام التي قدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، والتي تؤدي الى حل نهائي ومستدام يحفظ ماء وجه الغرب.
بدأت ملامح الفشل تظهر على المؤتمر حتى قبل انعقاده، مع ميل العديد من الدول المدعوة من أصدقاء روسيا، وأيضاً الدول التي تقف على الحياد، الى عدم حضوره، بسبب عدم جديته، إذ كيف يمكن اجتراح حلول جدية للسلام بغياب الدولة المعنية، أي روسيا؟
الأمر الذي دفع بوزير الخارجية السويسري إغنازيو كاسيس الى التأكيد خلال تقديمه برنامج المؤتمر لوسائل الإعلام بأنه "خطوة أولى، لكن لن تكون هناك عملية سلام من دون روسيا. السؤال لا يتعلق بمشاركة روسيا من عدمه، بل متى؟
"
لكنَّ بعض الدول الصديقة لموسكو عادت وفضلت الحضور فيما بعد لتقديم الرؤية الخاصة بها حول كيفية إنهاء النزاع، والتي تدور كلها حول حتمية مشاركة روسيا في النسخة المقبلة للمؤتمر، أو في أي إطار آخر لمفاوضات السلام. وفي حين رفضت الصين الحضور بغياب روسيا، فإن البرازيل وجنوب أفريقيا اقتصر تمثيلهما على مبعوثين فقط، فيما تمثلت الهند على المستوى الوزاري، وذلك حسب "وكالة الصحافة الفرنسية". وهذه الدول الأربعة تشكل مع روسيا تكتل "البريكس" السياسي – الاقتصادي، الذي يسعى الى إنهاء الهيمنة الأميركية وعصر القطب الواحد.
يعكس البيان الختامي للمؤتمر مدى فشل الغرب في تقويض مكانة روسيا كقوة عالمية، حيث أتى البيان مخيباً لآمال كييف وداعميها ودون المستوى المأمول، تحت تأثير ضغوطات ومداخلات الدول الصديقة، إذ أنه أسقط النقاط الصعبة مثل شكل التسوية، ومسألة انضمام أوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي "الناتو" من عدمها. ومع ذلك، فقد امتنعت 13 دولة عن التوقيع على البيان الختامي، فيما يعد ضربة قاسية لجهود كييف وداعميها، وذلك بسبب اعتراضها على عدد من البنود الإشكالية في البيان الختامي، والذي ركز على "ضرورة مشاركة كل الأطراف من أجل تحقيق السلام"، و"التأكيد على وحدة الأراضي الأوكرانية وعدم استخدام الأمن الغذائي سلاحاً". في الأصل فإن البند الأخير يعد موجهاً الى أوروبا التي أسهمت بتعطيل اتفاقية شحن الحبوب السابقة، وقامت دولها باحتكار صادرات أوكرانيا من هذه المادة الاساسية والحيوية وحرمان الدول النامية وتلك الأكثر حاجة وفقراً منها.
اللافت أن الدول التي رفضت التوقيع على البيان الختامي، وعدا عن كونها ترتبط بعلاقات وثيقة مع موسكو، فإن 6 منها تنتمي الى مجموعة العشرين "G20"، التي تضم أهم القوى الاقتصادية في العالم، وهي السعودية والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا والهند وأندونيسيا. بالإضافة الى دول أرمينيا وليبيا والبحرين والإمارات العربية المتحدة وتايلاند وكولومبيا والفاتيكان. كما أن الأردن والعراق عادا وسحبا توقيعهما، ليصبح عدد الرافضين 15، بينهم 6 دول عربية.
وفي حين أكدت قطر، التي وقعت البيان، على لسان رئيس وزرائها ووزير خارجيتها، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على ضرورة مشاركة موسكو من أجل التوصل الى سلام حقيقي، فإن المغرب امتنعت عن حضور هذا المؤتمر، كما غابت في مؤتمر سابق لدعم أوكرانيا أيضاً، تماشياً مع دبلوماسية الحياد التي تتبعها إزاء الصراع.
فبل أيام من الموعد المقرر لعقد مؤتمر سويسرا للسلام في أوكرانيا في منتجع بجبال الألب في مدينة لوسيرن يومي 15 و16 يونيو/ حزيران الحالي، بدا أن الجهود الأوكرانية الحثيثة في إشراك دول "الجنوب العالمي" في المؤتمر للضغط على روسيا فشلت.
وجاء ذلك على الرغم من الجولات المكوكية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أوروبا وآسيا، منذ نهاية الشهر الذي سبق المؤتمر، لاقناع مزيد من الدول الفاعلة من خارج أوروبا والقارة الأميركية بحضور مؤتمر سويسرا للسلام في أوكرانيا لإنهاء الحرب المتواصلة في أوكرانيا منذ فبراير/ شباط 2022 من دون مشاركة روسيا الطرف الثاني في الحرب.
في السياق، دعت البرازيل والصين، في أعقاب اجتماع بين وزير الخارجية الصيني وانغ يي، وسيلسو أموريم، كبير مستشاري الرئيس البرازيلي، إلى عقد مؤتمر دولي يحظى باعتراف «كل من روسيا وأوكرانيا»، لمناقشة مقترحات وقف الحرب، وبالتالي طرح «بديل» من خطة كييف الأحادية الجانب، والمدعومة من الغرب فقط، وعلى الرغم من أنّ البيان المشترك الصادر عن الدولتين يتضمن تكراراً للموقف الذي عبّرت عنه الصين، في غير محطة، حول الحاجة إلى انعقاد «مؤتمر دولي للسلام، في الوقت المناسب، على أن يحظى بقبول كل من روسيا وأوكرانيا، وتشارك فيه جميع الأطراف بشكل متساوٍ، وتتم خلاله مناقشة جميع خطط السلام بشكل عادل»، فإنّ هذا أول بيان مشترك توقّع عليه الصين مع دولة أخرى حول الحرب الأوكرانية، وفق ما أفادت به وكالة «بلومبرغ».
ثمة رؤى اخرى بدات تتبلور بعد هذا الفشل للولايات المتحدة والغرب الاطلسي تستند الى انه بمكن حشد قوى اخرى لم تكن مدرجة سابقا وربما هي من خارج السياق المعتاد .
في هذا الاتجاه تتحرك الولايات المتحدة الامريكية نحو البلدان الثرية ومنها بالطبع الدول النفطية الخليجية للمساهمة بدعم اوكرانيا لا بل بالتكفل بتغطية استمرار تتدفق الاسلحة بعد ان تململ حلفاء امريكا من الضغط الذي يشكله تزويد اوكرانيا بالسلاح وتاثيرات ذلك على اقتصاديات تلك الدول .
هنالك اتجاه مساند ايضا يتمثل في دفع المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع الدولي وبضغط من الولايات المتحدة التي تمول الكثير منها لتبني مواقف مؤيدة لاوكرانيا لاظهار ان المجتمعات التي تعمل بها هذه المنظمات تقف ضد روسيا في عمليتها الخاصة والتي لطالما يعرف الجميع ان روسيا انما تدافع عن امنها القومي في وجه العدوان الاطلسي .
ورغم كل هذه المحاولات فان الفشل الحتمي سيكون مصير هذا التوجه ذلك ان العالم يتجة الى عصر جديد لن يكون للهيمنة مكان فيه رغم المحاولات الامريكية والاطلسية استخدام كل الوسلئل للابقاء على هذه الهيمنة .
لم يعد الوقت يعمل لصالح الغرب واكبر مثال على ذلك ما يحدث من افريقيا التي بدات دولها تخرج من تحت عباءة الغرب الذي لطالما كان عدوا للشعوب .