الموقف الامريكي الاوربي من انتخابات 2023 التركية: طريق غير واضحة المعالم

تعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 


 افراسيانت - شرعت القوى السياسية التركية في التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في 2023، لكن معالم هذه الانتخابات لا تزال غير واضحة، خاصة في جانب المعارضة التي لا تزال اختلافاتها تمنعها من التوافق على رؤية مشتركة.


ستُعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية القادمة، وهي الثانية منذ انتقال البلاد إلى النظام الرئاسي، في يونيو/حزيران المقبل (2023). هذه هو الموعد المقرر أصلًا، كون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة عُقدت في يونيو/حزيران 2018. ولكن ثمة من يقول: إن الانتخابات لابد أن تُعقد في مايو/أيار، لتفادي موسم الامتحانات الطلابية وعطلة عيد الأضحى. عمومًا، ومهما كان الموعد الذي سيُتفق عليه، فالواضح أن تركيا أخذت تخطو بالفعل خطواتها الأولى إلى مناخ انتخابي ساخن.


أطلق حزب الحركة القومية، شريك حزب العدالة والتنمية الحاكم في تحالف الشعب، حملته الانتخابية قبل أسابيع قليلة. وكان التحالف قد أعلن أن مرشحه للانتخابات الرئاسية سيكون هذه المرة أيضًا الرئيس رجب طيب أردوغان، رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم ورئيس الجمهورية الحالي. وتقول مصادر العدالة والتنمية: إن قيادة الحزب قامت بالفعل بتشكيل اللجنة التي ستدير الانتخابات، واختارت مديرًا لها. وكان أردوغان ألمح إلى الخطوات التي اتخذها حزبه استعدادًا لبدء الحملة الانتخابية عندما ذكر في مقابلة مع محطة سي إن إن التركية، 29 سبتمبر/أيلول 2022، أن شعار حملته سيكون "القرن التركي"، في استعادة لوعوده السابقة بأن الذكرى المئوية لتأسيس الجهورية التركية ستشهد انطلاقة اقتصادية وجيوسياسية جديدة لتركيا، وأن القرن الحادي والعشرين سيكون قرنَ تركيا.


ولكن، وبالرغم من أن ما تبقى على موعد الانتخابات لا يزيد عن ثمانية شهور، بأي حال من الأحوال، فإن قدرًا كبيرًا من الغموض لم يزل يحيط بهذه الانتخابات. ثمة سلسلة من استطلاعات الرأي التي أُجريت خلال الشهرين الماضيين؛ ولكن هذه الاستطلاعات اقتصرت في معظمها على محاولة قراءة الانتخابات البرلمانية، وليست الرئاسية. فإن كان بات من المؤكد أن أردوغان سيخوض الانتخابات الرئاسية، التي ستكون آخر انتخابات يسمح له الدستور بخوضها، فليس من الواضح من سيكون مرشح المعارضة؛ بل وليس من الواضح ما إن كانت الأحزاب المعارضة ستخوض الانتخابات بمرشح واحد، أو أكثر.


في مواجهة العزلة المتزايدة والتحديات الاقتصادية، اتخذت تركيا قرارا لرسم مسار جديد في سياستها الخارجية، يتضمن التقارب مع إسرائيل.


وبالتزامن مع قدوم الإدارة الأميركية الجديدة، تأتي خطوة جديدة لأنقرة، تشمل الانفتاح على اليونان والاتحاد الأوروبي، بحسب تقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".


أن استعادة العلاقات مع إسرائيل، تعد جزءا أساسيا من اتجاه السياسية الخارجية الجديدة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خاصة وأن هذه الخطوة من شأنها أن تقلل من المشاعر المعادة لإردوغان من قبل إدارة الرئيس جو بايدن والكونغرس الأميركي، وفقا للصحيفة.


هناك أسبابا ملحة لتركيا لإصلاح علاقتها مع إسرائيل، يقف على رأسها التقرب من إدارة البيت الأبيض.ويبدو ان الادارة الامريكية وبالرغم من العلافات السابقة المتوترة بين بايدن واردوغان قد تستجيب لهذا التقارب خدمة لمصالحها وفي ظنها انها يمكن احتواء التوجه التركي ودفعه للوقوف ضد روسيا في المسالة الاوكرانية وكذلك الحال مع اوربا .


ينبع التحول الحالي في السياسة الخارجية التركية من حقيقة وجود قيادة جديدة في واشنطن، "من أجل إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة، يسعى إردوغان أيضا للتقارب مع حلفاءها".ة


ثلاث كتل حزبية تركية يعمل قادة كل منها على خوض الانتخابات المقبلة معًا، ولكن ثمة شكوك متزايدة حول ما إن كان النهج التحالفي سيجلب أية قيمة إضافية إلى حظوظ أطراف التحالفات القائمة الآن:


الأول بين هذه التحالفات هو تحالف الشعب، الذي يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، والذي حافظ على استقراره منذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السابقة. والواضح أن التقارب بين رئيسي الحزبين، طيب أردوغان ودولت بهتشلي، الذي بدأ في الظهور بعد محاولة 2016 الانقلابية الفاشلة، تطور إلى علاقات وثيقة وتفاهمات متعددة الجوانب، توحي بأن تحالف الحزبين مرشح للاستمرار، ربما حتى في المرحلة بعد الانتخابات المقبلة. ولكن التراجع الحثيث في حظوظ حزب الحركة القومية الانتخابية يعني أنه قد لا يستطيع تقديم مساهمة ملموسة تمكِّن العدالة والتنمية من الاحتفاظ بالأغلبية البرلمانية، أو إعادة انتخاب أردوغان رئيسًا للجمهورية.


التحالف الثاني ليس بنفس الدرجة من الوضوح، لا من حيث بنيته التنظيمية ولا أفقه السياسي، بل ويصعب إطلاق اسم تحالف عليه في هذه المرحلة. يضم هذا التحالف ستة أحزاب معارضة، وعُرف بمائدة الستة. ولكن تحالفًا باسم الأمة، تشكَّل من حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيس، والحزب الجيد، في الانتخابات السابقة، كان النواة التي مهدت الطريق للقاء الستة. إضافة إلى الشعب الجمهوري، بقيادة كمال كاليتشدار أوغلو، والجيد، بقيادة ميرال أكشينر، يضم لقاء الستة أربعة أحزاب أخرى صغيرة: حزب السعادة، بقيادة تمل كرم الله أوغلو، والحزب الديمقراطي، بقيادة غوليتشكين يوصال، وحزب الديمقراطية والتقدم، بقيادة علي باباجان، وحزب المستقبل، بقيادة أحمد داود أوغلو.


التقت الأحزاب الستة للمرة الأولى، في فبراير/شباط الماضي 2022، بعد أن فشلت محاولات داود أوغلو في بناء تحالف بين حزبه وحزب الفضيلة وحزب الديمقراطية والتقدم، على أساس خلفية هذه الأحزاب المحافظة الإسلامية المشتركة. ومنذ فبراير/شباط، عقد القادة الستة لقاءات شهرية منتظمة، إلى أن تقرر في لقاء 21 أغسطس/آب عقد اللقاء المقبل في 2 أكتوبر/تشرين الأول. المشكلة، أن الأحزاب الستة لم تتفق حتى الآن إلا على بيان نوايا عمومي حول عزمها، في حال فوزها في الانتخابات، العودة بالبلاد إلى النظام البرلماني. وحتى في لقاء 2 أكتوبر/تشرين الأول، لم يصدر عن اجتماع القادة الستة سوى بيان يقول بأنهم قرروا تشكيل لجنة خاصة للاتفاق على السياسات التي سيحملها برنامجهم الانتخابي، وعلى رؤية تفصيلية لكيفية الانتقال إلى النظام البرلماني، في حال نجاحهم في تولي الحكم. والواضح أن خطوة تشكيل اللجنة، بكل ما تعنيه من غموض، هي أول خطوة جادة اتخذتها مجموعة الستة للتحول إلى قوة سياسية-انتخابية موحدة.


أما التحالف الثالث، تحالف العمل والحرية، فلم يُعلَن إلا مؤخرًا، في أواخر سبتمبر/أيلول 2022، وتشكل من ستة أحزاب كردية ويسارية: حزب الشعوب الديمقراطي، وحزب العمال التركي، وحزب العمل، وحزب الحرية الاجتماعية، والحركة العمالية، واتحاد المجالس الاشتراكية. بخلاف حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يُتهم بعلاقاته مع حزب العمال الكردستاني المحظور، والذي يتمتع بوزن انتخابي وبرلماني معتبر، فإن كافة مكونات تحالف العمل والحرية الأخرى غير ذات وزن، بل ولا تكترث استطلاعات الرأي برصد ما إن كان لأيها حصة -مهما صغرت- من أصوات الناخبين الأتراك. ولابد أن تشكيل التحالف يرمي إلى إعطاء حزب الشعوب الديمقراطي وجهًا تركيًّا، للتغطية على هويته الكردية الانشقاقية.


المؤكد أن هذا التحالف، ومهما تعددت أطرافه، لن يكون عاملًا مهمًّا في تحديد طبيعة دور حزب الشعوب الديمقراطي السياسي. ما سيحدد موقع الشعوب الديمقراطي المستقبلي، بل وحتى قدرته على الاستمرار والتأثير في توجهات البلاد السياسية، يتعلق بما إن كان سيحافظ على ثقله البرلماني، وبطبيعة علاقته مع رئيس الجمهورية المقبل والنظام الحاكم بعد الانتخابات.


المؤشرات الانتخابية


أن ما لا جدال فيه أن حظوظ أردوغان وحزبه لم تزل رهينة تطورات الوضع الاقتصادي-المالي لتركيا. فقدت الليرة التركية ما يقارب 40 بالمئة من قيمتها خلال العام من منتصف 2021 إلى منتصف 2022، كما ارتفع مستوى التضخم إلى 83 بالمئة في سبتمبر/أيلول، الأعلى في أوروبا. ثمة مؤشرات على استقرار سعر صرف الليرة أمام العملات الرئيسة الأخرى، وأن التذبذب الطفيف في قيمتها يعود إلى قوة الدولار وليس إلى عوامل ضعف داخلية. كما أن هناك أدلة على أن التضخم قد وصل أعلى ما يمكن أن يصل إليه. ويحدو الرئيس والدوائر المقربة منه أمل أن يبدأ مستوى التضخم بالتراجع بصورة ملموسة مع نهاية العام الحالي. ولكن هذه لم تزل في دائرة التوقعات.


ثمة اعتقاد في صفوف المعارضة التركية بأن الانتخابات المقبلة باتت محسومة النتائج، وأنها بالتأكيد ستضع نهاية لحكم العدالة والتنمية ورئاسة أردوغان للجمهورية. من وجهة نظر المعارضة، لن تستطيع حكومة أردوغان خلال الوقت المتبقي على موعد الانتخابات، مهما حاولت، إعادة التوازن إلى الاقتصاد التركي، لا من جهة الحفاظ على قيمة سعر صرف الليرة، ولا من جهة خفض مستوى التضخم بصورة ملموسة. الاقتصاد، تقول أوساط المعارضة، هو العامل الحاسم في هذه الجولة الانتخابية، وليس نجاحات الدبلوماسية التركية، أو التصلب في الموقف من اليونان، أو حتى عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.


يبقى ان التوجه الامريكي والاوربي فيما اذا ما دعم اردوغان يشكل عاملا مهما في رسم مستقبل تركيا ويفتح التمنيات لعودة ما كان يسمى بالابن الضال الى الناتو لمزيد من توسيع التوجه الامريكي الاوربي ياتجاه مزيد من الضغط على روسيا لكن ذلك الامر مرهون بالطبع بحسابات الداخل التركي حكما ومعارضة.

©2024 Afrasia Net - All Rights Reserved Developed by : SoftPages Technology