افراسيانت - تتصدر مسالة محالابة الارهاب الهاجس الرئيسي للعديد من الدول خاصة تلك التي تاثرت به بطريقة مباشرة او غير مباشرة .
غير ان مسالة اخرى لا يمكن تجاهلها وهي ترتبط ايضا بالارهاب سواء افسرت بغير ذلك او تم تجاهل ارتباطها بهذا الجاني . وهي استخدام المرتزقة خاصة من قبل دول وحكومات .
بداية يمكن تعريف المرتزق بأنه من يبيع ولاءه وسلاحه لمن يدفع أكثر فيحارب من أجل المال دون عقيدة ودون إيمان، وتجده يحارب اليوم مع طرف ومع الطرف الآخر غدا لأنه دفع له أكثر، ولعل الأخطر والأحط فى المرتزقة أنه عادة لا يحارب مقابل أجر محدد ولكن مقابل أن تطلق يده فى السلب والنهب والتدمير والاغتصاب.. ويكون حلول جحافل المرتزقة كحلول أسراب الجراد التى لا تبقى ولا تذر ولا تترك إلا خرابا ووبالا.
وذكر المرتزقة منذ أزمنة طويلة وفى حضارات متباينة، فاستخدمهم رمسيس الثانى فى مصر القديمة واستُخدموا فى اليونان القديمة وروما وفى حضارات عديدة أخرى.
ومن الأسباب أيضا عجز الإمكانات البشرية للدولة عن تغطية طموحات الحكام فى حشد القوات المطلوبة فيعمدون إلى تغطية العجز بالمرتزقة.
الدولة العثمانية فى بدايتها تعطى مثالا على ذلك فتشير الوثائق إلى أن جيش محمد الفاتح الذى فتح القسطنطينية كان ثلثه من المرتزقة، ورغم أنه كان يرفع راية الإسلام فى حربه مع المسيحية فإن معظم هؤلاء المرتزقة كانوا من دول أوروبا المسيحية، مما يؤكد أن المرتزقة ربهم وإلههم هو الذهب بعيدا عن العقيدة أو الدين.
مع بداية القرن الـ20 ظهر مبرر جديد للاستعانة بالمرتزقة وهو رغبة الدولة فى إخفاء تدخلها لإخفاء مطامعها وتجنب الحرج على الساحة الدولية.
كانت الولايات المتحدة سباقة فى هذا الصدد باستخدام من صاروا يعرفون برجال الموز Banana Men وهم من المرتزقة الذين استخدموا لإخضاع جمهوريات أمريكا الوسطى لصالح شركة الفواكه المتحدة United Fruit Company. واستمر نشاط الولايات المتحدة فى مجال المرتزقة فأرسلتهم إلى دول أمريكا الجنوبية خاصة كولومبيا وتشيلى وكان لهم دور رئيسى فى مغامرة خليج الخنازير الفاشلة.
وراجت أسواق المرتزقة فترة الحرب الباردة واستُخدموا بكثرة فى الحروب بالوكالة. وكان من أبرز سمات انغماس الولايات المتحدة فى استخدام المرتزقة إصدار مجلة Soldier of Fortune التى أصدرها الكولونيل Robert Brown، أحد المحاربين فى حرب فيتنام فى ولاية كولورادو، وكانت تنشر إعلانات تطلب خدمات الجنود المرتزقة.
ونشطت أجهزة المخابرات الفرنسية والبريطانية والأمريكية فى التعاقد مع المرتزقة لقمع حركات التحرر الوطنى.
لعبت المرتزقة دورا كبيرا فى الاضطرابات التى سادت الكونغو عقب استقلاله عن بلجيكا وانفصال إقليم كاتانجا برئاسة «مويس تشومبى» بإيعاز من بلجيكا وبتشجيع من وكالة المخابرات الأمريكية وجهاز المخابرات البريطانية MI6 خوفا من سيطرة أنصار لومومبا اليساريين على الإقليم الغنى جدا بالماس والذى يحتوى على منجم شينكولوبوى Shinkolobwe وهو أكبر منجم لليورانيوم فى العالم. وبلغ من وقاحة المرتزقة أن حاصروا قوات الأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر 1961 فى معركة Shodotville الشهيرة، ثم انتقل المرتزقة من الكونغو إلى بيافرا الانفصالية خلال الحرب الأهلية النيجيرية ثم إلى جنوب السودان وروديسيا أثناء حرب التحرير من النظام العنصرى فيها وفى جنوب إفريقيا وناميبيا
تحالفت أجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية والإسرائيلية ولا تزال فى تجنيد العديد من المرتزقة . وغلى نفس الخط تسير تركيا بنفس الاتجاه .
في تطور جديد فى سياق استخدام المرتزقة تأسس ما أطلق عليه مقاولو الأمن مثل شركة Blackwater الأمريكية التى كان لها سجل أسود فى العراق وغيرها من يتشارك معها بالاسماء. واذا كان المرتزفة يختفون خلف هذه الاسماء فان نركيا لا تابه لذلك وهي تعمل بالعلن على استخدام المرتزقة لتحقيق اطماعها وربما لتحقيق اطماع رجل واحد .
الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة أصدرت فى عام 2001 الاتفاقية الدولية لمنع استخدام وتمويل وتدريب المرتزقة، لكن من يبالي؟
اصبحت تركيا رائدة في الوقت الراهن بهذا المجال فالنظام التركي يواصل تبني سياسات تتسم بالعداء الشديد ضد كافة البلدان المجاورة، حتى بات أمام جبهة كبيرة ممن ينصبون له العداء بسبب سياسات وممارساته الاستعمارية.
أن ظاهرة المقاتلين الأجانب تؤثر فى استقرار وأمن الشرق الأوسط بالكامل، حيث تعيث فيه الفوضي،وليس هذا وحسب ذلك ان العديد من المناطق ينشط بها المرتزقة كمنطقة القوقاز مثلا هذه الامور تقوض أى تسوية سلمية فى الدول التى ينتشر بها هؤلاء المقاتلون مثل سوريا والعراق وليبيا، واذربيجان . اذ يجب مواجهة هذه الظاهرة التى تضر دول العالم كلها وليس الدول المنتشرة بها فقط،بما في ذلك الدول التى تمول الإرهابيين .
اينما يتواجد المرتزقة تنشط تنظيمات تهريب السلاح والبشر وتجارة المخدرات، وفي المثال الليبي لاكبر دليل على ذلك .\
هناك ميليشيات عسكرية انتشرت فى ليبيا ويقودها تنظيمات كأنت مرتبطة بالقاعدة وأصبحت مشروعة الآن، فهناك قادة للميليشيات فى شرق ليبيا يصنفون إرهابيين لكنهم مشاركون فى الحكم،ولهم عناصر أجنبية تنضم اليهم.
والجديد هو وصول الإرهابيين والمسلحين السوريين ومن جنسيات أخرى التى جندتها تركيا ولايزالون موجودين هناك.
المرتزقة والمتطرفون في القوقاز وجهان لعملة واحدة
عندما أرسلت روسيا قواتها إلى سوريا في أكتوبر 2015، قال الرئيس فلاديمير بوتين حينها: «سنذهب إلى سوريا حتى لا تأتي سوريا إلى روسيا»، وكان يقصد أنّ هدف روسيا هو محاربة الجماعات الإرهابية مثل تنظيمي القاعدة وداعش، قبل أن تنتقل العناصر القوقازية التي تحارب مع المجموعات المتطرّفة في سوريا إلى الداخل الروسي، ولكن يبدو أنّ السيناريو الذي كان يخشاه الروس طوال السنوات الخمس الماضية بات على الأبواب مع نقل تركيا الإرهابيين والمرتزقة من سوريا وليبيا وغيرها إلى منطقة ناغورني قره باغ التي يتصارع عليها كل من أرمينا وأذربيجان منذ
عقود، فكيف سيغير وصول المرتزقة إلى القوقاز من معادلة الصراع الأذربيجاني الأرميني؟
إنّ من المؤكد أنّ وصول الإرهابيين إلى منطقة جنوبي القوقاز التي تضم جورجيا وأرمينيا وأذربيجان وناغورني قره باغ، سيعطي قبلة الحياة للعناصر المتطرّفة التي تكافح دول الجمهوريات الروسية في شمالي القوقاز للقضاء عليها . بعد قيام تركيا بإعادة نقل الإرهابيين من شمالي سوريا نحو جنوبي القوقاز للقتال في ناغورني قره باغ ، فكل المعلومات تؤكد أنه يجرى نقل التركمان والسوريين والقوقازيين إلى الإقليم المتنازع عليه .
كذلك الحال بالمرتزقة في سوريا يوثق ذلك د. محمد مجاهد الزيات المستشار الأكاديمى للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية فيقول: بالنسبة لسوريا على سبيل المثال الأمر تغير من بين 2011 وحتى اليوم، طوال السنوات العشر الماضية تغيرت الأمور فيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب، لأن سوريا شهدت تنامى ظاهرة الإرهاب والتى بدأت بمجموعات عسكرية جرى تمويلها من بعض الدول، وحسب تقديرات رئيس الوزراء القطرى السابق حمد بن جاسم فى حديث تليفزيونى مسجل أكد أنهم أنفقوا حتى عام 2015 مبلغ 168 مليار دولار لتمويل نشاط المجموعات الإرهابية والتى سماها العمليات العسكرية لإسقاط النظام فى سوريا ولم يسقط النظام، فما بالنا بعد 2015.
في الخلاصة : فان شر المرتزقة لم يقتصر على جغرافيا معينة ، بل امتد شرهم على اتساع العالم العربى، تحركهم أياد أجنبية كقطع الشطرنج على الرقعة، فهم تارة فى العراق ثم ينتقلون إلى سوريا ومنها إلى اليمن ثم هاهم يتوسعوا ليشمل تحركهم القوقاز وغيرها.
ترى لولم يقدم الدعم لهؤلاء ؟ اكانوا يتحركون بهذا الشكل؟ ليعيثوا فسادا ويشعلوا نيرانا أينما حلوا.
من هم المرتزقة؟ لعل المرتزقة هى ثانى أقدم مهنة فى التاريخ ولعلها تتنافس مع أصحاب أقدم مهنة على المركز الأول فى أرذل وأحط مهنة فى التاريخ.