افراسيانت - في كتابه أمريكا طليعة الانحطاط يعكس الكاتب الكبير روجيه غاردي ثقافة موسوعية ورؤية ثاقبة، تعكس حياة عميقة عريضة، مليئة بالفكر والمصاعب، والعمل والمعارك، جعلت من روجيه جارودى بحق شاهدا على عصره، بل وشاهدا على القرن العشرين.
يقول روجيه غارودي في مقدمة كتابه "أمريكا طليعة الانحطاط" "اننا نوشك أن نغتال أحفادنا، ونعد انتحاراً كوكبياً في القرن الحادي والعشرين، إذا ما استسلمنا للانحراف القائم في السياسة العالمية، البطالة والإبعاد والغربة داخل الوطن، والجوع في ثلاثة أرباع العالم، والهجرة من عالم الجوع إلى عالم البطالة.
هل هناك وسيلة لفهم عصرنا؟ أي هل يوجد رباط داخلي وعميق بين جميع المشكلات العالمية، سواء كانت تدخلات عسكرية، أو دوراً لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي أو لأوروبا ماستريخت، أو المنظمة العالمية للتجارة الملقبة سابقاً بالجات، أو إعادة الرأسمالية أو أوروبا الشرقية، أو الأصوليات الإسلامية واليهودية والمسيحية ومشكلاتنا الملحة، أو البطالة والإبعاد والاستبعاد والإقصاء والهجرة والعنف وانتشار المخدرات؟ كف تستخلص المعنى والعلاقة؟ وكيف نضع برنامجاً محدداً للخروج من تلك المشكلات؟ "تلك هي غاية روجيه غارودي من كتابة السابع والخمسون "أمريكا طليعة الانحطاط كيف نعد للقرن الواحد والعشرين" وفيه يهتم غارودي الصهيونية وأساطيرها وعدوانها، ويتهم أمريكا لأنها "طليعة الانحطاط".
ويبين من اتهامه الحيثيات والأسباب، لنظام عالمي جديد يوشك أن يكون عالماً جديداً بلا نظام. إن هذا الكتاب شاهد على العصر، بل شاهد على القرن العشرين، ينظر من خلاله مؤلفه إلى الماضي ليكتشف الجذوة، ولا يكتفي من الماضي بالرماد وينظر منه أيضاً إلى المستقبل في أمل دائماً. ولهذا اختار غارودي عنواناً إضافياً لكتابه الجديد: أمريكا طليعة الانحطاط. وهذا العنوان: كيف نعد للقرن الواحد والعشرين، وهو ما يعالجه في الفصل الأخير.
مشاكل التواجد الامريكي العسكري خارج امريكا !
يبدو انه كلما ظهرت مشكلة يكون الامريكيون طرفا بها , تعود الى الواجهة المطالبات برفض الوجود الامريكي خاصة العسكري منه .
في الاردن .. جديد هذا الامر ما ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي بعد اقدام جندي امريكي على دهس المواطن جهاد شاهين على طريق الزرقاء – عمان , والذي فارق الحياة لاحقا .
في السياق , يقول مصدر امني انه قبل ايام تعرض احد المواطنين لحادث دهس ضمن اختصاص مركز امن ماركا حيث اسعف للمستشفى بحالة سيئة وجرى ضبط السائق.
وتبين بحسب المصدر ان السائق ضابط من جنسية اجنبية وقد تم اصطحابه للمركز الامني وجرى اتخاذ كافة الاجراءات المتبعة في مثل تلك القضايا و حولت القضية لمديرية القضاء العسكري.
واكد المصدر بأن جميع حقوق المواطن الاردني مصانه وفق القانون الاردني.
وكان نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي قد تناقلوا ما كتبه مواطن أردني حول دهس شقيقه الخمسيني من قبل جندي امريكي وتجاهل مطالب اهله بالتكفل بعلاجه وحقوقه.
وكتب محمود شاهين عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك بأن شقيقه تعرض الى حادث دهس على طريق اوتوستراد الزرقاء قبل 12 يوما من قبل أحد أفراد الجيش الأمريكي في الاردن.
وفي تساؤل عن قيمة المواطن الاردني مقابل الضابط الامريكي كما وصف شاهين، قال بأنه لم يتم التواصل معهم من قبل الجهات الامريكية او الاردنية الرسمية ولذلك اراد تحويلها من قضية شخصية الى قضية رأي عام.
وكتب شاهين تفاصيل الحالة الصحية لشقيقه مؤكدا بأن لدى العائلة اسم وعنوان الشخص الذي تسبب بالحادث وتم تمريرها الى الجهات المختصة.
نعود الى الرفض الشعبي للتواجد العسكري الامريكي , حيث ظهر هذا التواجد بصور متعددة ,
فمثلا , حين اعلن عن وصول 200 جندي امريكي , اعقب ذلك حملة رافضة على مواقع التواصل الاجتماعي , ورغم ان التعاون الامريكي الاردني ليس بجديد فغالبا ماتتكرر هذه الاعتراضات.
عمليا تقول الدولة الأردنية يوميا بكل اللغات بأنها حليفة وصديقة للولايات المتحدة وتتلقى معونات عسكرية والتعاون الأمني والعسكري بين الطرفين ليس جديدا.
لكن عاصفة الإعتراض هذه لها علاقة بالملف السوري الذي لا زال مثار خلاف داخل المجتمع الأردني.
الجندي المحصن خارج القانون
لطالما اعتبرت امريكا ان جنودها لا يخضعون لقوانين البلد المضيف , حدث ذلك في كل مكان تواجدت به القوات الامريكية " العراق – اليابان – امريكا الاتينية – فيتنام " وغيرها .
لكن الاردن يختلف كثيرا عن ذلك , فهو دولة قانون وللمواطن قيمة فيه.
واذا كان الاردن مجبر بحكم الحرب السورية , او بحكم ضغوطات اخرى ان يقبل بوجود الامريكيين الذين يبدو انهم يؤسسون لوجود طويل . فان هذا لا يعني انه يفرط بحقوق ابناءه.
وتعتبر الأردن في هذه الآونة موطناً لما يقرب من مليون لاجئ سوري – حوالي اكثر من 10 بالمائة من سكان المملكة -- وتواجه أزمة اقتصادية طاحنة دفعت الحكومة الأردنية إلى خفض الدعم عن مجموعة عريضة من المواد الغذائية والطاقة. وعلى مدار السنتين الماضيتين، عانت المملكة من سلسلة من الاحتجاجات المستمرة التي تركزت على الاقتصاد المتعثر .
لكن ابرز حدث نظم لرفض التواجد الامريكي كان في الشمال , حيث نظم الحراك الشعبي في الشمال المكتب التنفيذي وحراك احرار العمري مهرجان خطابي رفضا' للتواجد الامريكي في الاردن واحتفالا بعيد الاستقلال .
وحضر المهرجان عدد من المشاركين بينهم نواب سابقين نشطاء من مختلف الفعاليات الشعبية في الشمال.
وتحدث في المهرجان كل من الدكتور عبد النور الهزايمه والدكتوره هند العتوم والدكتور هاني عبيدات النائب السابق صلاح الزعبي والدكتور معن مقابله وعرفات الخطيب حيثوا ركزوا في كلماتهم على رفض تواجد القوات الامريكية في الاردن.
مزاعم الانسحاب الامريكي من سوريا
يتوافق خبراء عسكريون واستراتيجيون على أن الانسحاب الأمريكي من سوريا لا يشكل تهديداً كبيراً بالنسبة للأردن، وفقا لما تحدثت به تقارير لوسائل إعلام عربية ودولية.
يقلل الخبير العسكري والاستراتيجي، فايز الدويري من أهمية التقارير التي تتحدث عن التهديد التي تواجه الأردن، بحال قررت الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها المشاركة في سوريا.
يقول الدويري , إن تلك التقارير جاءت عقب تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حول نية بلاده الانسحاب العاجل من سوريا، لافتا إلى أن حديث الرئيس ذلك كان موجهاً إلى فئة العمال، وهو يندرج ضمن الدعاية الانتخابية الداخلية.
لكنه أشار إلى أنه وفي حال انسحاب القوات الأمريكية، من سوريا فإن ذلك لا يشكل خطراً كبيراً بالنسبة للأردن، فالجندي الأمريكي موجود على الحدود العراقية السورية، وغير موجود في مناطق درعا ونصيب الحدودية مع الأردن.
بدوره، توافق الاستراتيجي عامر السبايلة مع ما ذهب إليه الدويري، حيث أشار إلى أن التواجد الأمريكي في الشمال الشرق السوري، فيما لا تقوم بدور حماية الحدود الأردنية.
ويرى السبايلة أن السيناريو الذي لا يريده الأردن هو عودة الفوضى إلى المناطق السورية، خصوصا مناطق الجنوب، لافتا إلى أن التقارير التي تحدث عن سيناريو خطير بالنسبة للأردن يندرج في سياق التهويل.
وكانت وسائل إعلام نشرت تقارير حول الانسحاب الأمريكي من سوريا فيما لو حصل، وتداعياته المتوقعة على الاردن، وقالت التقارير إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخصوص عزمه سحب القوات الأمريكية من سوريا، تضع الأردن أمام سيناريوهات "مرعبة"، وهي الدولة التي تملك 188 كيلو مترا من الحدود مع سوريا، واستطاعت طيلة السنوات الماضية إبقاءها بعيدة عن النيران المجاورة لها.
وأشارت التقارير إلى أن الأردن يخشى من خلق حالة فراغ كبير في الجنوب السوري، الممتد من شرق جنوب البادية السورية، وصولا إلى جنوب غربي سوريا، القنيطرة، ودرعا (مناطق خفض التصعيد)، وهي مناطق تنشط فيها فصائل سورية مسلحة.
في الختام .. هل نخن بحاجة لاعادة قراءة روجيه غارودي ؟